أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي آلاف الفلسطينيين المهجرين قسرا لدى محاولتهم العودة إلى بيوتهم في مدينة غزة وشمالها، وعلى نحو مباشر بالقذائف المدفعية والرصاص الحي، ما أدى إلى وقوع العشرات من القتلى والجرحى، منهم نساء وأطفال، وإجبار البقية منهم على الرجوع إلى أماكن نزوحهم ومنعهم من العودة إلى مناطق سكناهم في شمالي القطاع.
وأفاد الأورومتوسطي في بيان له، بأن الجيش الإسرائيلي ارتكب يوم الأحد ما قد يُشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب من خلال تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين، وقتل وإصابة العشرات منهم عمدا، والاستمرار في تنفيذ جريمة التهجير القسري ضد الفلسطينيين وترسيخها، من خلال منع المدنيين النازحين قسرًا، بمن في ذلك نساء وأطفال، من العبور من وسط وجنوب قطاع غزة والعودة إلى مناطق سكناهم في مناطق الشمال، رغم توقف الأعمال القتالية في معظم تلك المناطق.
وشدد الأورومتوسطي على أن الجرائم الخطيرة التي ينفذها الجيش الإسرائيلي، وبخاصة جريمة التهجير القسري، تهدف إلى تدمير حياة الفلسطينيين في قطاع غزة، وتندرج جميعها ضمن إطار جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ أكثر من ستة أشهر.
وأشار إلى أن القوات الإسرائيلية قتلت خمسة فلسطينيين على الأقل، من بينهم امرأة وطفلة، وأصاب العشرات بجروح، فيما ما يزال آخرون في عداد المفقودين، وذلك أثناء محاولة آلاف النازحين في وسط وجنوب قطاع غزة اجتياز حاجز للجيش الإسرائيلي على الطريق الساحلي “شارع الرشيد” عن طريق جسر وادي غزة من أجل العودة إلى مناطق سكنهم.
ووثق المرصد الأورومتوسطي شهادات متطابقة بشأن إطلاق قوات الجيش الإسرائيلي قذائف مدفعية ورشاشات من الزوارق البحرية ورصاص حي، بما في ذلك عبر طائرات كواد كابتر، فضلًا عن القنابل المسيلة للدموع على نحو مباشر ومتعمد تجاه آلاف المدنيين لدى محاولتهم العودة.
وذكر نازحون، أن أنباء ترددت على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي بشأن سماح الجيش الإسرائيلي للنازحين بالعودة إلى شمال قطاع غزة بشروط، إلا أنهم تفاجأوا باستهدافهم بشكل مباشر وعشوائي عند شارع “الرشيد” في طريق عودتهم إلى الشمال.
وقال “محمد حبيب” لفريق الأورومتوسطي إنه حاول مع ابن عمه “نعيم إسماعيل حبيب” العودة إلى منازلهم في مدينة غزة عبر شارع “الرشيد” إلا أن قوات إسرائيلية متمركزة قرب منطقة “منتجع البيدر” استهدفتهما بإطلاق نار كثيف مع مئات آخرين من النازحين.
وأوضح “حبيب” أنه بينما نجا بـ “معجزة” من الاستهداف الإسرائيلي، قتل ابن عمه جراء إصابته بعياريين ناريين في منطقتي الرأس والخاصرة جراء إطلاق الرصاص من مسيرة كواد كابتر، كما شاهد نحو 10 آخرين على الأقل أصيبوا في المنطقة ذاتها بشكل متزامن.
وأفاد “حسن أحمد أبو معروف” (55 عامًا) أنه وصل منطقة الميناء الجديد في شارع “الرشيد”، محاولًا مع مئات آخرين العودة إلى مناطق الشمال، غير أنه تم استهدافه بإطلاق نار مباشر، ما أدى إلى إصابته بقدميه، لافتًا إلى أنه ظل ينزف لمدة طويلة في منطقة إصابته قبل أن يتم انتشاله بسيارة إسعاف بصعوبة بالغة بفعل تواصل إطلاق النار في محيط المنطقة.
وأكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان على وجوب وقف جريمة التهجير القسري التي يرتكبها الاحتلال ضد السكان المدنيين في قطاع غزة، والعمل على تمكينهم من العودة فورًا إلى بيوتهم وأماكن سكناهم، بحسب قواعد القانون الدولي التي تفرض على السلطة القائمة بالاحتلال إعادة السكان المنقولين إلى مواطنهم بمجرد توقف الأعمال القتالية فيها.
ودعا الأورومتوسطي المجتمع الدولي للضغط على الاحتلال للتوقف عن كافة جرائمها في قطاع غزة، والالتزام بقوانين الحرب التي تحظر تحت أي مبرر استهداف المدنيين عمدا، وتعتبر تهجيرهم قسريا انتهاكا جسيما يصل إلى حد جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.
وجدد الأورومتوسطي التأكيد على أنه ينبغي إنهاء معاناة المهجرين قسرًا في قطاع غزة، وضمان عودتهم فورًا إلى مناطق سكناهم في ظل ما يعانوه من أوضاع إنسانية كارثية وبالغة التعقيد، منبهًا إلى أن استمرار إسرائيل بالتصرف مع الإفلات من العقاب ودون عواقب، يفرغ القانون الدولي من مضمونه وأهدافه، ويقوض ما تبقى من مصداقية النظام المكلف بإنفاذه.