[ After Header ] [ Desktop ]

[ After Header ] [ Desktop ]

[ after header ] [ Mobile ]

[ after header ] [ Mobile ]

محمد عصام يكتب: أخنوش وسياسة “اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس” !!

محمد عصام


تتبعت جلسة مناقشة عرض عزيز أخنوش رئيس الحكومة حول الحصيلة المرحلية أمس الأربعاء بمجلس النواب، وخرجت باستنتاج مركزي يلخصه الأثر الذي يقول “إذا لم تستحي فاصنع ما شئت” .
أخنوش بدا مرتبكا جدا، تفضحه حركاته اللاإرادية والكثيرة جدا خصوصا في تعامله مع “الميكروفونين” وعودته كل مرة لإصلاح وضعهما بلا داع، مما يؤشر في عرف المختصين في التواصل على عدم الثقة والارتباك، كما فضحته أيضا لغة جسده ونظراته التائهة وغير الواثقة واستعانته بلافتات مكتوبة والتعويل عليها لدرء عجزه التواصلي، وجبر كسره أو عقمه التواصلي. ولم يأت بأي جديد يذكر على العرض الذي سبق وقدمه في الجلسة السابقة.
أخنوش في رده على تعقيبات الفرق والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية والنواب غير المنتسبين، اعتمد أسلوب غلوبز في الدعاية والقائم على مبدأ “اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس” ، والحال أن كل حديث مثلا عن الحكومة الاجتماعية لا يصدقه الواقع الذي يفقأ العيون، وتكذبه أرقام المندوبية السامية للتخطيط والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، حول الفقر والبطالة والثقة، كما تكذبه الاحتجاجات والاحتقانات التي تجتاح تقريبا كل القطاعات بدون استثناء، والتي سجلت توقفا ورقما قياسيا في قطاع التعليم لم يسبق لها مثيل حتى في عز سنوات الرصاص وسنوات التقويم الهيكلي.
بالنسبة للمضامين سنترك للمختصين الإجابة عن التضليل الذي مارسه رئيس الحكومة، كما أن الحزب وكما ورد على لسان رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية خلال الجلسة ذاتها ستنظم مجموعته النيابية ندوة صحفية جديدة للتعقيب على جواب رئيس الحكومة، أنا هنا سأكتفي بما صرح به أخنوش في نفي أن يكون حزبه حزبا ليبراليا، وهذه أكبر كذبة يمكن أن يقترفها مسؤول سياسي وعلى رؤس الأشهاد، ولسنا هنا مضطرين للبحث في أدبيات الحزب، وممارسات رئيسه ليتبين لنا بلا عناء كذب رئيس الحكومة واستخفافه بالمغاربة وممثلي الأمة في مؤسسة دستورية محترمة من حجم البرلمان.
فهل يستقيم ادعاء رئيس الحكومة تبنيه للدولة الاجتماعية ومحاولة نفيه للحقيقة الساطعة التي تطارده لكونه ريعي المنشأ وليبرالي الممارسة والهوى، يلهث لاقتناص كل الفرص، وهو الذي لم يتوقف عن مواصلة شركاته للتواطؤ في المحروقات، ولم يتورع عن اقتناص صفقة تحلية المياه بالدارالبيضاء، واحتكار غاز تندرارة، وهو الذي اشترط إبان مفاوضات تشكيل الحكومة في 2016 إيقاف الدعم المباشر للمشاركة في الحكومة، وهي الحقيقة التي لم يستطع أخنوش نفيها بالرغم من التحدي الذي رفعه في وجهه الأستاذ عبد الاله ابن كيران.
فإذا كان أخنوش كما ادعى في جلسة أمس، أنه ذا خلفية اجتماعية، فلماذا عارض الدعم المباشر للفقراء الذي كان في بداياته قبل أن يصير سياسة دولة وورشا ملكيا عقب جائحة كورونا، وما يتحقق اليوم في مجال الحماية الاجتماعية ليس لأخنوش من فضل فيه، سوى تنفيذ توجيهات جلالة الملك.
وهو التنفيذ الذي لم ينجح فيه أخنوش بل اعتور مساره اختلالات كثيرة أدت إلى إقصائه ما يزيد على 8 مليون مواطن ومواطنة من الاستفادة من التغطية الصحية، وفقدان العديد منهم من الحقوق المكتسبة في الدعم المباشر، وكل ذلك بسبب أن أخنوش إنما ينفذ ذلك بدون قناعة حقيقية وضدا على قناعاته الليبرالية، التي تعتبر الدعم المباشر يدخل ضمن ثقافة الإحسان غير المنتج، ولأنه فقط مضطر بحكم الدستور والقانون أن ينفذ الأجندة والإجراءات الملزمة التي وجدها مسطرة بدقة في القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية.
أخنوش لم يتورع في نفي أن المستفيدين من نظام المساعدة الطبية المجانية “راميد” كانوا يفوقون 18 مليون شخص، وأنه لم يجد حين تعيين حكومته سوى 10 ملايين مستفيدا فقط، وهذه أول مرة يقول أخنوش هذا الكلام، هل اكتشف الأمر للتو، أم أنه أمام عجزه عن تفسير إقصائه 8 ملايين مغربي لم يجد غير هذه الكذبة ” المفروشة” والمفضوحة ليواري بها عجزه، وإلا فأين نحن مما ادعاه اخنوش من كونه نجح في ظرف قياسي في تعميم التغطية الصحية لتشمل حسب ادعائه 22 مليون مستفيدا إضافيا. فأي رقم نصدق، 18,44 مليون التي كانت وفق تقارير رسمية تستفيد من راميد، أم 10 مليون التي يدعي اخنوش أنه وجدها، أم 22 مليون التي يدعي اخنوش أنه أضافها؟
وفي موضوع آخر يتعلق بالمديونية، اقترف رئيس الحكومة كذبة أخرى لا تقل عن ما سبق، حين ادعى أن الحكومة السابقة هي من رفعت المديونية في نهاية ولايتها متناسيا أن سنة 2020 هي سنة استثنائية بكل المقاييس، كما أن الأرقام التي لا تحتاج إلى تفسير تقول أنه في سنتين فقط استدانت حكومته تقريبا 140 مليار درهم، أي بمعدل 70 مليار درهم سنويا، وهو ما يناهز ضعف المعدل الذي كان في السابق مع احتساب سنة 2020 الاستثنائية، وهو رقم غير مسبوق، وهو لوحده كاف لدحض كل التضليل الذي أجهد أخنوش نفسه في عملية اقترافه.
ويضاف إلى هذا الرقم الكبير “المديونية المبتكرة” التي تختفي وراء ما سمي بالتمويلات المبتكرة، والتي تجاوزت معدل 25 مليار درهم سنويا منذ مجيء هذه الحكومة، وستبلغ إيراداتها 80,4 مليار درهم بين 2022 و2024، هذه التمويلات التي يخفي من خلالها أخنوش مستوى الدين الحقيقي وعجز الميزانية الحقيقي.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.