لن تستطيع كل حملات تحسين الصورة، التي يقوم بها مُركّب المصالح الكبرى بقيادة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، محو أثار الضربات السياسية الموجعة، التي تلقتها الحكومة، تحت الأضواء الكاشفة، خاصة خلال الأسابيع الماضية، وبالضبط منذ بداية أبريل الماضي، حيث كان رهان هذا المركب المصالحي، على إلحاق الجميع بحظيرة الإجماع، لعزف اللحن نفسه تغنيا بالإنجازات الوهمية للحكومة خلال نصف ولايتها.
لكن حزب العدالة والتنمية، على قلة عدد برلمانييه، كان له رأي آخر، واختار أن يصفق ولو بيد واحدة، مفسدا على مركب المصالح الكبرى حفلته المنتظرة، ومُربكا حسابات رئيس الحكومة عزيز أخنوش.
لنتفق على أن حكومة هذا المركب المصالحي، تكاد تكون قد فقدت مشروعيتها، بسبب تناسل أخطائها وفضائحها، وعجزها الواضح عن مواجهة الرفض الشعبي -وإن بدا رفضا صامتا- لفشلها في تنزيل الدعم الاجتماعي المباشر والتغطية الصحية كما يريدهما الملك وعموم المغاربة، وضربها المتواصل للقدرة الشرائية، واعتمادها على منطق شبيه بالرشوة في اسكات الفئات المحتجة، وسعيها المتواصل لإغناء الأغنياء الموالين لها، ولو على حساب الميزانية العامة.
وفي ظل بحث هذا المركب المصالحي عن ترميم مشروعية الحكومة، أوعز لخادم من خدامه في مرحلة أولى، بتحريك آلية ملتمس الرقابة، غير المحسوب العواقب السياسية والاجتماعية، لكي يكون فرصة لتعبئة رصيد مشروعية الحكومة خلال النصف الثاني من ولايتها، لكن رفض العدالة والتنمية ثم التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية فيما بعد، نسف هذه الخطة، كما أن قرار ترشح العدالة والتنمية لرئاسة مجلس النواب، أجهض مرحلة من مراحل الخطة نفسها.
أما الضربة التي “أفاضت الكأس”، والتي وجب التوقف عندها والتذكير بها، فكانت تنظيم حزب العدالة والتنمية ندوة صحافية قدم خلالها تقييمه للحصيلة المرحلية للحكومة، يوما قبل الموعد الذي كان مقررا من طرف رئيس الحكومة لتقديم هذه الحصيلة أمام البرلمان، قبل أن يتم الإعلان عن تأجيل الموعد، في اللحظة نفسها التي كانت فيها قيادة حزب العدالة والتنمية تجيب على أسئلة الصحافيين الذين حضروا بكثافة للندوة المذكورة.
وفي الحقيقة، فإن أهداف مبادرة حزب العدالة والتنمية، تجاوزت استباق عرض الحصيلة المرحلية من قبل رئيس الحكومة، إلى إحداث رجة نسبية في المشهد السياسي، ماتزال ارتداداتها تتفاعل، ولم تترك لرئيس الحكومة عزيز اخنوش، ما يقوله، لأن الندوة الصحافية، شكلا ومضمونا ومتابعة، بعثرت ما بين يديه من أوراق، وقذفت بماء كثير داخل فمه، ولم تُبق له الا التعبير بلغة الأعين الشاخصة والحائرة، وتسول الرضا عن أرقامه المعلنة، من خلال إشهار لافتات من فوق منبر البرلمان، لم تقنع حتى أعضاء الحكومة أنفسهم، الذين اختاروا الغياب عن جلستي تقديم الحصيلة ومناقشتها.
ليمر بعد ذلك أخنوش إلى استغلال الإعلام العمومي، والإعلام الشريك لشركاته، أو الممول من طرفها، فسيطر على الوقت المخصص لمناقشة الحصيلة، دون أن يبدي المغاربة ما يمكن أن يُفهم منه، أنهم أحسوا بتغيير إيجابي بسبب حصيلة حكومته المرحلية، كما لم ينفع لجوؤه إلى إعلان الزيادات في الأجور بمناسبة فاتح ماي، وفي سياق مناقشة الحصيلة المرحلية، في الإقناع بهذه الحصيلة، فلجأ إلى شبيبته لتنظيم لقاءات جهوية كانت محدودة الحضور والأثر، ثم هاهو يلجأ إلى تعبئة أغلبيته، التي تركته وحيدا في مواجهة ضعف الحصيلة وعجز الحكومة عن إيجاد الأجوبة الشافية لمشاكل البلاد والعباد، في لحظة تتعقد فيها علاقته بمؤسسات داخلية وخارجية، وبالمواطنين كذلك، بعد اضطراره لتنفيذ قرار الزيادة في ثمن قنينات الغاز، عقب تهرب دام أزيد من شهر بحسب ما كان قد أعلن عنه، لأسباب تخدمه أولا، باعتباره أكبر المستفيدين من الإبقاء على الدعم العمومي للغاز.
عموما، قد ينجح مركب المصالح الكبرى بقيادة رئيس الحكومة عزيز اخنوش، في استيعاب الضربات السياسية التي تلقاها مع انتهاء نصف ولاية الحكومة، مما ذكر هنا، وغيره مما سنأتي على ذكره في مقالات قادمة، لكن منطق السياسة يقول، أن هذه الحكومة بلغت مرحلة الاختناق، وأصبحت عبئا على الجميع، وأن الدفاع عنها والتغطية عليها، يزداد كلفة، ويعرّض المُصرّين على الدفاع عنها رغم انكشاف ضعفها وعجزها، وافتضاح ما قامت عليه، لعزلة سياسية وشعبية عميقة.
[ After Header ] [ Desktop ]
[ After Header ] [ Desktop ]
رابط المشاركة :
شاهد أيضا