هذه ملاحظات وتوصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول آليات منح التراخيص ومراقبة استغلال الموارد الطبيعية

قال المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إن الرأي الذي قدمه في إطار إحالة ذاتية، حول آليات منح التراخيص ومراقبة استغلال الموارد الطبيعية، يروم تحليل الإطار التشريعي والتنظيمي الذي ينظم آليات منح التراخيص ومراقبة استغلال الموارد المائية والمقالع.
واسترسل، ويهدف الرأي إلى تقييم مدى فعلية هذه الآلية في ضوء قدرتها على ضمان استخدام الموارد بشكل مستدام وناجع ومنصف، وكذلك على مكافحة الاستغلال المفرط والاستغلال غير المشروع.
وذكر المجلس في رأيه، أن العديد من القطاعات في بلادنا لاتزال تعتمد بشكل كبير على الموارد الطبيعية الحيوية أو الاستراتيجية مثل المياه والمقالع، التي تشهد تدهورا متزايدا نتيجة عوامل متعددة، بما في ذلك الاستغلال المفرط والاستغلال غير المشروع.
“ومن أجل التخفيف من الآثار السلبية المترتبة عن هذا الوضع”، يقول المصدر ذاته، وضعت السلطات العمومية مساطر لمنح التراخيص ومراقبة الاستغلال بهدف تقنين الولوج إلى هذه الموارد. إلا أنه وبالرغم من وجود هذا الإطار، لا تزال هذه الموارد الطبيعية تخضع لضغوط متزايدة بشكل يهدد تحقيق التنمية المستدامة والأمان الإنساني في بلادنا.
وتابع، وفي هذا السياق، تواجه الآليات المذكورة أعلاه مجموعة من الاكراهات التي تعيق تنفيذها على أمثل وجه:
الموارد المائية
سجل المجلس العديد من الاكراهات، ومنها، تعقيد وبطء إجراءات منح التراخيص أو الامتيازات لا يشجع الأشخاص الذين يجلبون المياه بشكل غير قانوني على الامتثال للمقتضيات القانونية المعمول بها.
وأضاف المجلس، كما يفرز تعدد  المتدخلين المكلفين بمنح التراخيص، إلى جانب الصعوبات على مستوى التنسيق، نظاما  مجزأ يؤثر سلبا على الاستغلال الناجع للموارد المائية المتاحة في المناطق المعنية بالتدخل.
وسجل الرأي أيضا، الطابع غير الملزم للمخططات التوجيهية للتهيئة المندمجة للموارد المائية. بالرغم من مصادقة أغلبية مجالس وكالات الأحواض المائية مؤخرا على هذه المخططات، إلا أنها لا تكتسي الطابع الملزم ما لم يتم اعتمادها بموجب مرسوم ونشرها في الجريدة الرسمية.
ومن الاكراهات ايصا، وفق الرأي، وجود عدد جد محدود لعقود التدبير التشاركي للفرشاة المائية، باعتبارها أداة مهمة لترشيد استغلال الملك العمومي المائي.
إضافة إلى التأثير المحدود لتدخلات شرطة المياه في مجال المراقبة، والذي يعزى بشكل كبير إلى نقص الموارد البشرية ونقص في التكوين المخصص لمزاولة هذه المهمة الخاصة.
وأخيرا “نقص في الاستعانة بالوسائل الحديثة الكفيلة برصد وكشف الممارسات المرتبطة باستغلال المياه على أرض الواقع”.

مجال المقالع
وبخصوص المقالع، سجل المجلس بطء في دينامية إعداد المخططات الجهوية لتدبير المقالع، جزئياً بسبب الاكراهات المرتبطة بالحكامة والتنسيق بين الفاعلين على المستوى الترابي، مما يعرقل التنفيذ الفعلي لمقتضيات القانون رقم 13المتعلق بالمقالع؛
كما توقف عند النقص الواضح في الإمكانيات البشرية والمادية المخصصة للرصد والمراقبة الدورية للمقالع.
وأضاف، وكذا هيمنة القطاع غير المنظم الذي يتجلى سواء من خلال المقالع غير المصرح بها أو المقالع المُرخص لها التي تُقدم على ممارسات من قبيل الغش وعدم التصريح الكامل بالمداخيل، مما يؤدي إلى خلق منافسة غير مشروعة، وتفوت مداخيل ضريبية إضافية، إلى جانب مخاطر الاستغلال المفرط لبعض أنواع المقالع.
ومن الاكراهات ايضا، بحسب الرأي، تفاقم البطء الملحوظ في مسطرة فتح المقالع المؤقتة المخصصة للأشغال العمومية بفعل تعدد المتدخلين. مشيرا إلى أن هذا الوضع من شأنه أن يؤثر سلبا على المستثمرين ويخل بتنفيذ المشاريع، ناهيك عن إضعاف  فعالية المقاولات في قطاع البناء والأشغال العمومية.
وأبرز المجلس ضعف إعادة تأهيل المقالع من قبل معظم المستغلين، إذ غالباً ما يكتفون بترك المواقع عند الانتهاء من استغلالها دون القيام بأشغال إعادة التهيئة اللازمة، أو القيام بها بشكل لا يتوافق مع المعايير المحددة.
واسرسل، وكذا ضعف امتثال ظروف العمل في بعض المقالع للنصوص التنظيمية والمعايير الفضلى في مجال المسؤولية الاجتماعية للمقاولات.
توصيات
انطلاقا من هذا التشخيص، اوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بتعزيز الإطار الحالي، مع ضمان الامتثال الكامل للاطار القانوني الذي ينظم آليات منح التراخيص ومراقبة الاستغلال، وذلك بهدف تعزيز قدرة البلاد على ضمان استدامة مواردها الطبيعية وتعزيز قدرتها على الصمود في مواجهة الأزمات المستقبلية.
كما أوصى بتعزيز فعلية النصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها، مع الحرص على التنفيذ الفعّال لآليات منح التراخيص والمراقبة في مجال المياه والمقالع، وتبسيط المساطر واحترام الآجال القانونية لمنح التراخيص، فضلاً عن تسوية وضعية مستغلي الموارد بكيفية غير قانونية.
ودعا المجلس إلى تعزيز الإطار القانوني المنظم لآليات منح التراخيص والمراقبة، من خلال إضفاء الطابع الملزم على المخططات الجهوية لتدبير المقالع، مع تسريع عملية إعداد هذه المخططات، واعتماد النصوص التطبيقية الضرورية لتنفيذ القانون رقم 49-17، لاسيما بخصوص التقييم البيئي الاستراتيجي للمخططات والبرامج والمشاريع الوطنية والجهوية لاستغلال المياه والمقالع.
وأوصى الرأي بتحسين الحكامة في قطاعي الموارد المائية والمقالع في ضوء تأثيرها على فعلية ونجاعة آليات منح التراخيص والمراقبة.
وأردف، ينبغي، في هذا السياق، العمل على “تعزيز وسائل وقدرات المتدخلين في مجال المراقبة”، و”وضع آلية للتنسيق ما بين المؤسسات تمكن من اتخاذ قرارات تحكيمية بشأن استخدام الموارد المائية المتاحة في حالات الأزمات”.
وكذا “تعزيز كفاءات وقدرات جميع المتدخلين في المساطر القضائية ذات الصلة مع دراسة إمكانية إحداث غُرَفٍ خاصة يُناط بها النظر في مختلف قضايا البيئة على مستوى المحاكم المختصة، بما فيها قضايا الماء والمقالع”.
وأوصى المجلس بتحسين أداء عملية تحصيل الإتاوات المتعلقة باستغلال المياه الخاضع لنظام الترخيص والامتياز، وتعزيز النجاعة الاقتصادية والضريبية المرتبطة باستغلال المقالع.
كما أوصى بإحداث نظام معلوماتي وطني مندمج ومحيَّن باستمرار مُخصَّص لقطاعات المياه والمقالع.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.