[ After Header ] [ Desktop ]

[ After Header ] [ Desktop ]

[ after header ] [ Mobile ]

[ after header ] [ Mobile ]

محمد عصام يكتب: قصة الكبش وأخنوش !!

محمد عصام


 

بعد أن مر عيد الأضحى بأيام، يحق لنا أن نطرح سؤالا حول جدوى الإجراءات التي اتخذتها حكومة أخنوش ، من أجل توفير الأضاحي بأثمنة مناسبة للمغاربة؟
فهذه هي السنة الثانية التي اتخذت فيها الحكومة إجراءات تتعلق بحذف رسوم استيراد الأغنام، والإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة، وهو إجراء غير قانوني بالمرة، ثم الدعم المباشر بمبلغ 500 درهم عن كل رأس مستورد.
وللسنة الثانية أيضا، لم يظهر لهذه الإجراءات رغم كلفتها الباهظة على المالية العمومية، أي أثر، فأثمنة الأضاحي حافظت على منحاها التصاعدي، فالأضحية التي كانت تباع في السنة الماضية بـــ 3000 درهم ( وهو ثمن لا تطيقه غالبية الأسر) أصبحت هذه السنة بين 4500 درهم و 4000 درهم.
وكل ما قاله رئيس الحكومة عزيز أخنوش في مجلس النواب من أن المواطن يستطيع أن يجد في السوق، أضحية ما بين 1200 و 1500 درهم، لم نر له أثرا، وينضاف هذا إلى ما سبق أن صرح به وزير الفلاحة الذي كان يشتغل قبل ذلك كاتبا عاما لوزير الفلاحة عزيز أخنوش، من وجود أضحية بــ 800 درهم، في السنة الماضية، وهو ما كذبته الوقائع التي لا تقبل الشك أو الارتياب، والتي خبرها المواطن حقيقة وعيانا، بعيدا عن التضليل والكذب التي تجهد الحكومة نفسها في اقترافه وحمل وزره إلى يوم الدين.
كل هذا يجعلنا نتساءل عن مصير الملايير التي التهمها هذا الدعم السخي للحكومة، ومن هم المحظوظون الذين انفتحت لهم خزائن الحكومة بهذا الكم الهائل من البذخ والكرم؟
ويجعلنا نتساءل أيضا، لماذا هذه الحكومة بالذات مصرة على المضي في هذه السياسة السخية في الدعم والإعفاءات والامتيازات، رغم تكرر الوقائع التي تفيد عدم صواب هذه الاختيارات ومحدودية أثرها؟
وأيضا نتساءل لماذا لم تتخذ هذه الحكومة التي يرأسها أخنوش الوزير السابق في الفلاحة، وهو المسؤول الأول عما آل إليه القطيع الوطني من عدم قدرة على تأمين الاكتفاء الذاتي للمغاربة، إجراءات لمراقبة وتتبع هذا الدعم الذي صرفته لسنتين متتاليتين لتوفير الأضاحي، لماذا لم تتخذ آليات لمراقبة عمليات تزويد السوق الوطنية بالأغنام المستوردة وتعميمها على التراب الوطني، وإجبار المستوردين المحظوظين على تصريفها في مرحلة ما قبل العيد، لضمان حدوث الأثر، بانعكاس ارتفاع العرض على الأثمنة؟
ثم ماذا فعلت هذه الحكومة لكي لا يلجأ هؤلاء المحظوظون للاحتكار، بتخزين هذه الأغنام إلى ما بعد العيد، لتصريفها في محلات الجزارة بأثمنة مرتفعة جدا وتحقيق أرباح خيالية وتكليف الخزينة العامة أموالا باهظة دون عائد يذكر؟
هذه الأسئلة مشروعة جدا، ويفرضها الواقع الذي يلمسه المواطنون ويتلظون بحرائقه التي مست جيوبهم وأقواتهم، ويعززها أيضا ما تنشره الصحافة من تقارير حول بعض الصفحات الإعلانية على منصات التواصل الاجتماعي التي كانت تروج للخراف الإسبانية وبقدرة قادر تحولت إلى الترويج لبيع لحوم الجزارة بأثمنة غالية، كما يعزز ذلك أجوبة وزير الفلاحة في البرلمان الذي حوصر باسئلة المجموعة النيابية حول المستفيدين الحقيقيين من الدعم المباشر لاستيراد الأغنام من الخارج، حيث عوض أن يكشف لوائح المستفيدين تفعيلا للمبدأ الدستوري المتعلق بالحق في المعلومة، اختار الهروب إلى الأمام، واكتفى بالقول أن هناك لائحة تضم 100 شخص تقدموا للاستفادة من الإجراءات الحكومية المتعلقة باستيراد الأغنام، دون أن يقول لنا من هم هؤلاء المحظوظون ضمن هذه اللائحة الذين رست عليهم سفينة اختيار الحكومة في النهاية؟ ثم ما هي المعايير المعتمدة في ذلك؟
كل هذه الأسئلة تثير الالتباسات وتكثف الغموض حول العملية من أساسها، وتزداد كثافة الشك عندما نستحضر طبيعة هذه الحكومة، باعتبارها حكومة زواج المال بالسلطة، وهذا لا يحتاج إلى استدلال، فهو من باب السماء فوقنا، وأي محاولة للتشكيك في ذلك لن تسعفه لا الوقائع ولا الشخوص ولا الأزمة التي يعيشها المواطن وتفاقمها نتيجة السياسات الموغلة في الليبرالية التي تعتمدها الحكومة منذ توليها إدارة الشأن العام.
هذه الحكومة مسكونة بـــ “شيطان” اسمه الريع، وحيثما وُجد الدعم فهناك ريع، وهذه قاعدة لا استثناء لها أو فيها، ويقررها علماء الاقتصاد باختلاف مدارسهم إلا من أبى أو في “كرشه عجينة”، ولهذا فهذه الحكومة ” الرهينة” في يد “الرأسمال” اجتهدت في استخدام آلية الدعم بشكل متهور وغير معقلن وصرفه بدون آليات رقابية واضحة، ودون توجيه للفئات المستحقة، فمثلا ونحن بصدد الحديث عن الأضاحي، ما الذي يمنع الحكومة من دعم الفلاح الصغير والمتوسط مباشرة لتنمية القطيع الوطني بدل دعم كبار المستوردين؟ أو على الأقل إقرار دعم مباشر استثنائي للأسر الفقيرة من أجل اقتناء الأضحية؟
ونفس الخلاصة يمكن تعميمها على كل أشكال الدعم السخية التي وزعتها حكومة أخنوش طيلة ولايتها، وهي بذلك تنسجم مع طبيعتها الليبرالية التي ترى أن دعم الكبار والأقوياء كفيل بتحريك عجلة الاقتصاد والتشغيل، في حين أن الوضع الحالي يقتضي الالتفات إلى الفئات في أسفل السلم الاجتماعي بشكل مباشر لدعمها في مواجهة ارتدادات التضخم والبطالة والغلاء على قدرتها الشرائية، هذا النفس الاجتماعي غائب عن هذه الحكومة وسيظل كذلك إلى أن يشاء الله أمرا كان مفعولا.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.