خالد الصمدي
بعد حكم القضاء في واقعة المؤسسة التعليمية الفرنسية بمدينة القنيطرة، مرة أخرى منطق الاستعمار التعليمي الفرنسي الذي لا زال يحكم عقلية بعض العاملين بهذه المؤسسات يحرم تلميذة مغربية من الدراسة فوق أرض وطنها بمراكش بسبب لباسها، والقضاء المغربي يرد الأمور إلى نصابها.
حيث اعتبر القضاء أن هذا القرار هو خرق واضح لمواثيق حقوق الانسان الدولية التي تضمن الحق في التمدرس، وخرق للقوانين الجاري به العمل فوق أرض البلد الذي توجد به هذه المؤسسة، والذي ينص في مادته 32 على ضرورة تعليم اللغة العربية والمواد التي تحفظ الهوية لأبناء المغاربة الذين يدرسون بهذه المؤسسات، وضد الاتفاقيات الموقعة بين البلدين والتي تؤكد على ذلك أيضا.
وبناء على كل ما سبق، حكم القضاء بضرورة إرجاع التلميذة المغربية إلى مقاعد الدراسة تحت غرامة تهديدية عن كل يوم تأخير.
وهنا يطرح سؤال مرة أخرى عن مدى احترام مدارس البعثات الأجنبية بالمغرب والتي يقدر عددها بالمآت للقوانين الجاري بها العمل بالمملكة في مجال التربية والتكوين، وخضوعها إلى رقابة الجهات الوصية على المنظومة طبقا للقوانين الجاري بها العمل بالمملكة ضمانا لحق التلاميذ المغاربة الذين اختاروا الدراسة بهذه المؤسسات في صيانة هويتهم وانتمائهم الديني والوطني.
لأنه إذا كانت هذه الحالات تصل إلى القضاء ليقول فيها كلمته فإن قضايا أخرى يطالها الصمت، لأسباب مختلفة مما يجعلها تحت الضغط بين الحق في حفظ الهوية الدينية والوطنية والحق في اختيار مسار التمدرس وكلاهما لا يقبل المساومة، فوق أرض بلد تخلص من الاستعمار سنة 1956، وأصبح ذا سيادة في الهوية والانتماء، والعلاقات الدولية..
فهل سيكون هذا الحكم الجديد خاتمة مسلسل الابتزاز، أم ستنحني فيه هذه المؤسسات التي تتورط في مثل هذه الممارسات إلى العاصفة في انتظار حالات أخرى؟
محاربة التغول هذا تبدأ من داخل المؤسسات الدستورية من قبيل رئاسة الحكومة والوزارة الوصية على قطاع التربية والتعليم، وليس بالتصريحات من وراء الكاميرات ..