الهلالي يكتب: أي سند قانوني لاشتراط الإدلاء بعقد الزواج لولوج الرجل والمرأة إلى غرفة مشتركة بمؤسسات وأشكال الإيواء السياحية؟ ج4

خامسا: مسؤولية مؤسسات الايواء السياحي في حماية الحياة المشتركة:
بناء على النصوص السابقة التي لا لبس فيها يبقى من المشروع طرح الأسئلة التالية:
– هل يبقى من خصوصية للغرفة المشتركة في مؤسسة للإيواء السياحي وفي باقي اشكال الايواء السياحي الأخرى؟
– وهل الغرف في فندق تعد فضاء خاص تحمى فيه الخصوصية لمستعمليها؟ أم هو فضاء عام يرتب مسؤولية عدم الانتهاك على كل مرتاديه؟
– وهل مستغلي المؤسسات الفندقية معنيون بتأمين الحياة العامة لمرتاديها أم مطالبون بتأمين خصوصية من يستعد لارتكاب جريمة داخل غرفها المشتركة أو من يشرع في ارتكابه عمل لا لبس فيه لتنفيذ هذه الجريمة؟
للإجابة على هذا الأسئلة يمكن الرجوع إلى القانون رقم 80.14 المتعلق بالمؤسسات السياحية وأشكال الإيواء السياحي الأخرى من أجل تبين طبيعة هذه الأماكن وتقاطع الخصوصي والعمومي فيها، ثم لتوضيح المسؤولية التي تقع على عاتق مستغليها، وهل هم مطوقون بحماية الفضاءات المشتركة والمساهمة في المكافحة الاستباقية للجرائم فيها أم أن دورهم هو حماية خصوصية وحميمية بعض مرتاديها على حساب البعض الآخر ، وأخيرا هل المؤاخذة القانونية عليهم ستكون على مطالبتهم بعض النزلاء بالإدلاء بالوثائق والبيانات المفروضة بالقانون ومنها عقد الزواج كشرط لولوج مشترك إلى هذه الأماكن أم أن المؤاخذة ستكون على التقاعس والتقصير في المطالبة بهذه البيانات والوثائق وفي عدم التصريح بها في الوقت المحدد والذي قد يكون مساهمة غير مباشرة في جريمة أو غض الطرف عنها وعدم التبليغ عن جريمة، أو من قبيل التشجيع على السياحة الجنسية.
بالرجوع إلى القانون رقم 80.14 المتعلق بالمؤسسات السياحية وأشكال الإيواء السياحي الأخرى ولاسيما المواد 2 و3 المتعلقين بتعريف وأنواع مؤسسات الإيواء السياحي، والمادة 5 حول رخصة الاستغلال ومعايير التصنيف، والمادة 6 الخاصة بالإشهار وبفتحها في وجه العموم داخل أجل 60 يوما، والمادة 10 المتعلقة بالخضوع لمختلف أنواع المراقبة، والمادة 11 المتعلقة بالأذون الواجب تحصيلها قانونا، والمادة 15 المتعلقة بوجوب التوفر على مدير يعين ضرورة داخل أجل ثلاثة أشهر ويتم الإخبار بأي شغور في منصبه، والمادة 16 المتعلقة بوجوب التقيد بجميع النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، ثم المادة 40 المتعلقة بواجب تسهيل مأموري المراقبة والمادة 48 المتعلقة بالجزاء عن عدم التقيد بالالتزامات إزاء التصريح ببيانات ووثائق الزبناء يوميا عبر معالجة الكترونية.
كل هذه المواد تفيد حقيقة واحدة هي مؤسسات الإيواء السياحي وباقي أشكال الإيواء السياحي الأخرى تعد مرافق عمومية وأماكن مفتوحة في وجه العموم ويجري عليها ما يجري على المرافق العمومية وعلى الفضاءات المشتركة التي تستوجب على مرتاديها والراغبين في الاستفادة من خدماتها أن يتقيدوا بشروط الولوج إليها والإدلاء بالوثائق والبيانات التي تقتضيها ضرورة الحصول على هذه الخدمات في نطاق تأمين أمن وسكينة وراحة مستعمليها، ومقتضيات المرور بجانبها ومتطلبات الأمن العام والسكينة والطمأنينة العامة، وكذا متطلبات حماية الحرمات المحمية داخلها، ومنها حرمة النظام العام وحرمة الأسرة وحرمة الآداب العامة في أماكن تعد فضاءات مشتركة وليست اماكن خاصة.
وعلى هذا الأساس فمؤسسات الإيواء السياحي معنية بالخضوع لجميع أنواع المراقبة المتعلقة باحترام رخصة الاستغلال ومقتضيات التصنيف، وكذا المقتضيات المتعلقة بالصحة والنظافة وزجر الغش والمنافسة المشروعة دون اغفال المراقبة الرامية إلى زجر مختلف أنواع الجرائم الماسة بالآداب العامة وبنظام الأسرة ومنها على وجه الخصوص جرائم الفساد والبغاء والدعارة والإخلال العلني بالحياء ولسياحة الجنسية وغيرها، وذلك حسب ما تنص عليه المادة 10 التي تؤكد على أنه “لا تعفي أعمال المراقبة المنصوص عليها في المادة 8 أعلاه مؤسسة الإيواء السياحي من أي مراقبة أخرى منصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل”.
كما أن مؤسسات الايواء السياحي معنية بالتقيد بالنصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة بالإيواء السياحي والخدمات المأذون لها بتقديمها، ومعنية أيضا بالتقيد بجميع النصوص التشريعية والتنظيمية العامة ومنها القانون الجنائي كما سبق أن بينا في الفقرات السابقة وذلك طبقا للقواعد العامة، وكذا وفقا لمنطوق المادتين 17 و35 اللتان تنصان صراحة على أن مؤسسات الإيواء السياحي “تتقيد بأحكام النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة على الخصوص بحرية الأسعار والمنافسة وحفظ الصحة والشغل والسلامة والبيئة”.
مع العلم أن التخصيص بمجال حرية الاسعار والمنافسة وحفظ الصحة والشغل والسلامة والبيئة، هو على سبيل المثال والتوكيد وليس على سبيل الحصر.
ومن واجبات ملاك ومستغلي مؤسسات الإيواء أو مديريها حسب ما تقضي به المادة 40 من نفس القانون أن يسهلوا مهمة الأعوان المشار إليهم في المادة 39 منه، ومنهم ضباط الشرطة القضائية، وأن يمكنوهم من ولوج مختلف مرافق المؤسسة وأن يضعوا رهن إشارتهم الوثائق والمعلومات اللازمة للقيام بمهمتهم، سواء في المراقبة المنصوص عليها في المادة 8 أو في باقي أنواع المراقبة التي يتولاها أساسا ضباط الشرطة القضائية في نطاق مهامهم الأصلية وهي الوقاية من الجرائم ومكافحتها.
والأهم بخصوص مسؤولية ملاك ومستغلي المؤسسات السياحية، فيما يتصل بالسند القانوني الذي يخول لهم أن يطلبوا من زبناهم بأن يدلوا بالوثائق والبيانات في التصريح الإلكتروني والاستمارات الفردية السابق الإشارة إليها ومعالجتها الكترونية، هي ما تنص عليه المادة 48 التي تؤكد بما لا لبس فيه على أنه “يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة من 50.000 إلى 100.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل مستغل مؤسسة للإيواء السياحي أو شكل آخر من أشكال الإيواء السياحي لا يتقيد بإحدى التزاماته المتعلقة بالتصريح وبالاحتفاظ بالوثائق، المنصوص عليها في المواد 36 و37 و38 من هذا القانون”.
وللتذكير فمن بين هذه الالتزامات التي تفرضها المادة 36 نجد ما يلي:
1- “أن يصرح يوميا لدى الإدارة، عبر معالجة إلكترونية تسمى التصريح الإلكتروني، بالمعطيات المتعلقة بزبنائه العابرين أو المقيمين يوم وصولهم لمؤسسته مع احترام المقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي”.
2- “أن يطلب من زبنائه العابرين أو المقيمين بمجرد وصولهم إلى المؤسسة تقديم وثائق التعريف وملء وتوقيع استمارة فردية للإيواء يحدد نموذجها بنص تنظيمي”.
3- “وجوب الاحتفاظ بالاستمارات الفردية للإيواء، لمدة سنة، ووضعها رهن إشارة المصالح المختصة بالمديرية العامة للأمن الوطني أو الدرك الملكي، كلما طلبت ذلك”.
من هنا نتساءل أيهما ادعى للمساءلة القانونية هل أن يطلب مستغلو المؤسسات السياحية من زبنائهم الإدلاء ببياناتهم ووثائقهم بما في ذلك ما يثبت علاقة الزوجية التي تنفي عنهم شبهة القيام بعمل لا لبس فيه للشروع في تنفيذ جريمة الفساد والتصريح بهذه البيانات لدى الإدارة المختصة عبر معالجة الكترونية بمجرد وصولهم أو الامتناع عن القيام بهذا العمل وعدم التصريح بذلك.
وأخيرا ومن أجل إبطال ما تبقى من تشكيك في وجود النصوص التي تشكل سندا قانونيا لطلب عقد الزواج لكل طالبي إيواء في غرفة مشتركة من الجنسين نستعرض ما تنص عليه المادة 501 من مجموعة القانون الجنائي التي تؤكد على أنه “يعاقب بالحبس من 4 الى 10 سنوات وبالغرامة من 5000 آلاف إلى مليون درهم، كل من ارتكب مباشرة أو بواسطة الغير أحد الأفعال الآتية:
1- ….
2- قيام من يتولى حيازة أو تسيير أو استغلال أو إدارة أو تمويل أو المشاركة في تمويل مؤسسة مفتوحة للعموم أو يستعملها العموم بالاعتياد على قبول ممارسة شخص أو عدة اشخاص للدعارة أو البغاء أو تغاضيه عن ذلك أو تشجيعه للسياحة للجنسية”.
والمؤسسة المفتوحة للعموم أو التي يستعملها العموم بالاعتياد تنطبق على مؤسسات الإيواء السياحي وعلى كل أشكال الإيواء الأخرى.
وإذا كانت الدعارة أو البغاء تتطلب توفر عناصر إثباتها ومنها الاعتياد والمقابل المادي، فإن التغاضي عن شخصين لا تربطهما علاقة الزوجية لا يمكن أن تستبعد عنه عنصر “تشجيع السياحة الجنسية”، المشار إليه في المادة 501 أعلاه، مما يجعل هذا النص من النصوص الكثيرة التي توفر السند القانوني لطلب الوثيقة أو البيانات التي تبطل شبهة الممارسة الجنسية القابلة للتكييف على أنها فسادا أو بغاء أو دعارة أو سياحة جنسية وهي وثيقة أو بيانات عقد الزواج.
فهل بقي من غموض لدى مدعي غياب السند القانوني لطلب وثيقة عقد الزواج كشرط لولوج من لا تربطهم علاقة الزوجية إلى غرفة مشتركة بمؤسسة للإيواء السياحي؟ وهل ما زال من شك في أن طلب الإدلاء بهذا الإجراء يندرج ضمن واجبات مستغلي هذه المؤسسات وأن تقاعسهم في أداء هذا الواجب هو الذي يعرضهم للمساءلة القضائية؟

المراجع:
– الظهير الشريف رقم 1.15.108 صادر في 18 من شوال 1436 (4 أغسطس 2015) بتنفيذ القانون رقم 80.14 المتعلق بالمؤسسات السياحية وأشكال الإيواء السياحي الأخرى، (الجريدة الرسمية عدد 6389 الصادرة بتاريخ 8 ذو القعدة 1436(24 أغسطس 2015)).
– الظهير الشريف رقم 1.59.413 بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي كما تم تعديله وتغييره (الجريدة الرسمية عدد 2640 – مكرر بتاريخ 05/06/1963 الصفحة 1253)، منشور بالموقع الالكتروني لبوابة وزارة العدل بصيغة مندمجة.
– الظهير الشريف رقم 1.02.255 صادر في 25 من رجب 1423(3 أكتوبر 2002) بتنفيذ القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية الجريدة الرسمية عدد 5078 بتاريخ 30/01/2003 الصفحة 315 منشور بالبوابة الالكترونية لوزارة العدل.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.