قال الباحث والمنتخب الجماعي محمد بوزيدان اليدري، إن مقال “كود” المنشور أمس، والذي تحدث عن طنجة ووصفها بأقذع النعوت، وأنها أصبحت قبلة للدواعش، بسبب تضامنها مع فلسطين، “لم يراع مشاعر الساكنة”، مؤكدا أنه “مقال مغرض وشارد ومتفلت من أية سلطة”.
واسترسل بوزيدان في مقال رأي توصل به Pjd.ma، “لم يَرُق صاحب المقال أن مدينتنا العزيزة تتضامن مع غزة باستمرار وهو ما سماه “التضامن الهستيري مع غزة”، فيُشير بخبث أن هذه الفعاليات هي من تنظيم المتطرفين فقط! ولم ير القصف الهستيري الجنوني الذي يقتل ويدمر كل يوم، هذا الإرهاب لم يدفع صاحبنا لأن يبدي أسفه أو تضامنه مع فلسطين، وأطفالها ونسائها وشيوخها، هذا لا يهمه، بل كل همه كيف نوقف من يتضامن مع غزة”.
وتابع بوزيدان: “نُذَكّر كاتب المقال اللاشرعي أن مدينة طنجة تضامنت مع فلسطين منذ الوهلة الأولى لاحتلالها، فجمعت التبرعات المالية في ثلاثينات القرن الماضي عبر لجنة شكّلها أهالي المدينة، فسارع رجالها ونساؤها إلى دفع كل ما يَملكون نصرة لإخوانهم المظلومين والمغصوبين في أراضيهم”.
وأضاف: “وقبل استقلال المغرب، عرفت احتفالات سابع المولد النبوي الشريف بضريح بوعراقية بطنجة، مظاهرات تهتف ضد المستعمر الفرنسي والإسباني، وتطالب بتحرير المغرب وفلسطين، وقد اعتقل في هذا الصدد العشرات من الوطنيين، فتعرضوا للسجن والنفي”.
وتابع، إن طنجة التي وصفها كاتب المقال اللاشرعي بأقبح النعوت، هي التي انطلقت منها فتوحات طارق بن زياد للأندلس، وهي منارة خرّجت رجالا أفذاذا خدموا وطنهم بكل إخلاص، فأول عامل لها عُيّن بعد الاستقلال هو العلاّمة عبد الله كنون رحمه الله، وهو أحد رجالاتها ولازال بيته لليوم بها ومكتبته العامرة تتوفر على آلاف العناوين المتنوعة. كما أخرجت طنجة أسرة بن الصديق، وهم سبعة رجال علماء، تقلدوا مناصب رسمية وأهلية. كما شكّل مؤتمر طنجة سنة 1958 الذي احتضنه قصر مرشان، برئاسة الزعيم علال الفاسي، محطة مغاربية (شاركت فيه تونس والجزائر) لحركات التحرر الوطني.
وأردف بوزيدان: “أما ملكنا الهمام محمد الخامس رحمه الله، جعل من زيارته لطنجة سنة 1947 لَبنة أساسية لاستقلال المغرب، وهي الزيارة الاستراتيجية التي وقف في وجهها الاستعمار وحاول منعها، فأحبط رجال طنجة كل تلك المحاولات وأنجحوا الزيارة التي مهدت لاستقلال المغرب”.
وأضاف الكاتب: “من أبناء مدينة طنجة التي لا يذكرها صاحب المقال إلا بالسوء، المرحومان عبد الرحمان اليوسفي وعلي يعتة، المناضلان اليساريان الصنديدان، وقد أبلوا البلاء الحسن في سياسية هذا البلد وقدموا صورا ناصعة، والمسرحي عبد القادر البدوي، كما عاش فيها مولاي أحمد الوكيلي ومحمد العربي التمسماني في فن الآلة، والرسام محمد علي الرباطي عرّاب التشكيل المغربي..”.
واسترسل بوزيدان، كما أن طنجة هي أول مدينة عرفت كرة القدم وبها تأسس أول فريق كروي سنة 1919، ولها إذاعة وطنية مواطنة، إذاعة طنجة، التي وقفت في وجه الانقلابات زمن الحسن الثاني، ففي الوقت الذي سيطر فيه المنقلبون على إذاعة الرباط وأخذوا في إذاعة بيانهم الأول، كانت إذاعة طنجة تؤكد أن المغرب مَلَكي وسيبقى كذلك، وأحبطت الإشاعات القائلة بأن الملك الحسن الثاني قد قتل، وهكذا فشل الانقلاب المشؤوم.
وأضاف بوزيدان، كان الأحرى بصاحب المقال، قبل الحديث عن مدينة طنجة، أن يشاهد برنامج “ذاكرة المدن” للمرحوم عبد الحفيظ الرفاعي الذي خصص لمدينة طنجة حلقات تعتبر وثائق تاريخية استنطقت ما حفلت به مدينتنا العزيزة طول تاريخها الغني والضارب في أعماق التاريخ. يوم كانت الصحافة الوطنية تبحث عن كل ما يُعلي قيمة الوطن، وتغوص في تاريخ مدنه، وتُثَمن التراث اللامادي، وتغري السياح بزيارته، وترجع الفضل لأهله، لا أن تسبهم وتقذفهم بما ليس فيهم.
[ After Header ] [ Desktop ]
[ After Header ] [ Desktop ]
رابط المشاركة :
شاهد أيضا