الأزمي يكتب: الترابط بين تغيرات الأسعار الدوليـة والوطنية للغـازوال والبنزيـن وحده لا يكفي!

د. ادريس الازمي الادريسي


 

أصدر مجلس المنافسة بتاريخ 12 يوليوز 2024 تقريره الثاني المتعلق “بتتبع تنفيذ التعهدات المتخذة من لدن شركات توزيع الغازوال والبنزين بالجملة في إطار اتفاقات الصلح التي أبرمتها مع مجلس المنافسة” والذي يهم الربع الأول من سنة 2024. ويعد هذا التقرير الثاني من نوعه الذي يصدره المجلس بخصوص هذا الموضوع، بعد التقرير الأول برسم سنة 2023 والذي سبق وأصدره المجلس بتاريخ 5 أبريل 2024، وذلك في إطار التتبع الذي أقره المجلس، والذي سيستمر مرة كل ثلاث أشهر ولمدة ثلاث سنوات.
وبتتبع مختلف التعليقات التي أثارها هذا التقرير، يتبين أن أغلبها قد ركز على ما ورد في الخلاصة العامة للتقرير الأخير والتي أكدت أنه “بخصـوص العلاقة الترابطية، تَتْبَعُ أسْعَارُ تفويـت الغـازوال والبنزيـن في السـوق الوطنيـة، وبشـكل غير مباشر أسْعَارُ بيعهـا النهائيـة، بالمجمل مَنْحَى تَغَيُّرِ أسْعَارِ هـذه المنتجات على الصعيـد العالمي…”.
وفي هذا الصدد، خلصت أغلب العناوين الصادرة إلى أن الشركات التسع المعنية بقرار المجلس المبلغ لها بتاريخ 23 نونبر 2023، تحترم العلاقة الترابطية بين أسعار المحروقات في السوق الوطني وأسعارها على المستوى العالمي، بل منها من سارع إلى القول بأن مجلس المنافسة “يبرئ” شركات المحروقات.
إلا أن معظم هذه التعليقات أغفلت المعطيات التي أوردها التقريران والتي تبين أن هناك زيادة كبيرة في متوسط هامش الربح الخام لبيع الغازوال والبنزين المحقق من طرف هذه الشركات والذي سجل منحى تصاعديا خلال الستة أشهر الأخيرة لسنة 2023 وواصل نفس المنحى التصاعدي وبشكل أكبر خلال الربع الأول من سنة 2024.
حيث نجد، وكما ورد في التقريرين، أن متوسط هامش الربح الخام للشركات التسع المعنية قد سجل، بالنسبة للغازوال، ارتفاعا من 0,69 درهم للتر سنة 2022 إلى 0,76 درهم للتر سنة 2023 (أي بزيادة بلغت %10) ليقفز إلى 1,46 درهم خلال الربع الأول من سنة 2024 (أي بزيادة بلغت %92)، وبزيادة تناهز %16 عن متوسط هامش الربح الخام خلال الفترة بين 2018 و 2021 والذي بلغ آنذاك 1,26 درهم للتر.
وبالنسبة للبنزين، سجل متوسط هامش الربح الخام للشركات التسع المعنية ارتفاعا من 0,78 درهم للتر سنة 2022 إلى 1,38 درهم للتر سنة 2023 (أي بزيادة بلغت %77)، ليقفز إلى 2,07 درهم خلال الربع الأول من سنة 2024 (أي بزيادة بلغت %50)، وبزيادة %54 عن متوسط هامش الربح الخام خلال الفترة بين 2018 و 2021 والذي بلغ آنذاك هو 1,34 درهم للتر.
إن ارتفاع هامش الربح لدى الشركات التسع المعنية، بهذا المستوى وبشكل مضطرد، يعتبر مؤشرا مهما ودالا ينبغي تتبعه والانتباه إليه، ولا يمكن الاكتفاء فقط بمدى احترام الشركات المعنية للعلاقة الترابطية بين أسعار بيع الغازوال والبنزين في السوق الوطنية وأسعار شرائها من الأسواق الدولية، لأن هذا المؤشر وحده لا يكفي للتأكد من مدى إعمال المنافسة الشريفة بين هذه الشركات وعدم التفاهم بينها والوقاية من اللازمة من مخاطر المنافسات المنافية لقواعد المنافسة. كما أنه ينبغي التأكد من مدى التزام هذه الشركات بتعهداتها والتعامل معها كل شركة على حدة، وليس كأننا أمام كارتل أو شركة واحدة تتبع نفس السياسة التجارية ونفس البرمجة الزمنية عند الشراء والتخزين والبيع.
لأن المطلوب في النهاية هو أن تكون هناك منافسة حقيقية بين هذه الشركات متفرقة بشكل ينعكس على المستهلك ويمكن هذا الشركات من تحقيق مستوى من الربح العادل الذي يمكنها من تغطية كلفة شرائها وتحقيق أرباح معقولة، لكن ليس على حساب المستهلك والاقتصاد الوطني.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

تعليق 1
  1. وفقكم الله