رضا بنخلدون يكتب: رفض الكنيست الإسرائيلي قيام الدولة الفلسطينية يسائل التطبيع الرسمي.

صوت الكنسيت الاسرائيلي يوم الأربعاء 17 يوليوز 2024 ،بالأغلبية الساحقة، على قرار تشريعي تقدم به رئيس وزراء الكيان نتناهو، يتعلق برفض إقامة دولة فلسطينية، لأن في وجودها تحت أي شكل من الأشكال، تهديد وجودي للكيان الصهيوني. هذا القرار البرلماني الذي توحدت فيه الأغلبية والمعارضة، يمثل تحولا كبيرا في مسار القضية الفلسطينية، في اتجاه التنكر الشامل لحقوق الشعب الفلسطيني، وإعلان سياسة التهويد الكامل لفلسطين. صحيح أن نتانيهو ووزراء الحركة الصهيونية الدينية، كانوا يصرحون بين الفينة و الأخرى بمضامين هذا القرار، خصوصا بعد عملية طوفان الأقصى، لكن النظام الرسمي العربي ظل يراهن على عامل الزمن و التحولات الجيو سياسية بالمنطقة، و اعتبار أن المواقف المتطرفة المتنكرة لحقوق الشعب الفلسطيني لا تنسجم مع الشرعية الدولية. لكن تصويت الكنيسيت بمختلف الاتجاهات السياسية، وبشبه إجماع على هذا القرار، تعبير عن الموقف الرسمي لدولة الاحتلال.
اليوم أمامنا موقف واضح لا غبار عليه، و هو ما يطرح سؤالا استراتيجيا على كل الأنظمة العربية التي تربطها علاقات مع الكيان. هذا السؤال هو: كيف سنستمر في تطبيع العلاقات مع دولة تصرح رسميا أنها ترفض قيام دولة فلسطينية بجانبها. ماذا سيبقى من حديث حول حل دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام تطبيقا للشرعية الدولية؟ وما مصير القرارات الأممية والمبادرة العربية؟..ماذا بقي من أوسلو التي تجعل من المفاوضات حول الدولة الفلسطينية والقدس آخر محطة في الحل النهائي؟. انتهى كل شيء إذن.

بعد صدور هذا القرار المبيت كتتويج لإعلان موت نهج “أوسلو“، يتضح للجميع بُعد نظر من خطط لطوفان الأقصى المبارك، وكأنه استشعر واستبق مخططات تصفية القضية الفلسطينية، ووأد حلم الدولة الفلسطينية، وهو ما أكده تصويت الكنيست الإسرائيلي. هذا التصويت فضح النوايا الحقيقية والمبيتة لهذا الكيان، وأحرج أنصار السلام والعلاقات التطبيعية. لقد حشر الجميع في الزاوية دون اكتراث بهم.
وبالنسبة لبلادنا المغرب، فالقضية أكبر، لأن الاتفاق الثلاثي للمغرب مع إسرائيل و الولايات المتحدة، كان يوازيه في نفس اللحظة تصريحات للإدارة الأمريكة حول حل الدولتين، و يوازيه موقف واضح لجلالة الملك الذي بعث في نفس يوم التوقيع رسالة للرئيس الفلسطيني فيها تأكيد لموقف المغرب الثابت من دعم الشعب الفلسطيني وأن التوقيع على الاتفاقية لن يكون على حساب القضية الفلسطينية. ثم إن المغرب الذي لم يقطع علاقاته بعد مع الكيان الصهيوني رغم مجازر الإبادة في غزة، فقد عبرت دائما، رغم ذلك، بيانات وزارة خارجية المملكة المغربية عن شجبها للعدوان الإسرائيلي، مع التذكير بالفقرة الثابتة حول حل الدولتين، و إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
رسالة “إسرائيل” اليوم للعرب وللعالم، أن ” اغتيال” حلم تأسيس دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، ليس موقف نتانياهو أو يمينه المتطرف فحسب، ولكنه موقف ممثلي ” المجتمع الصهيوني” برمته.. الكرة اليوم في ملعب الدول العربية..لأن تحدي رفض وجود الدولة الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني بلغ مداه الأقصى..وهو ما يفسر انفجار طوفان الأقصى.. والآتي سيكون أشد خطرا ودمارا بلا ريب..

إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن هذا التعاون مع الكيان المحتل وهذه العلاقات الظاهرة والخفية، وهذه المبادلات التجارية و التعاون الأمني، لا يمكن أن يكون مقبولا، بأية مرجعية دينية أو إنسانية أو أممية، حتى بمنطق من يدافعون عن هذه العلاقات، إلا أن يكون ذلك على حساب القضية الفلسطينية..
هذا ما سيقرأه الرأي العام…

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.