بلاغ الأمانة العامة: مشروع المسطرة المدنية يتعارض مع مقتضيات دستورية ويضرب الاستقرار القانوني والأمن القضائي للبلد
على إثر الندوة الصحفية التي عقدتها الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، حول مشروع المسطرة المدنية، تمت قراءة بلاغ الأمانة العامة عن اجتماعها ليوم الخميس 25 يوليوز، وخصص لبيان موقفها من مشروع المسطرة المدنية، وهذا نصه:
بلاغ
انعقد بحمد الله وحسن توفيقه اجتماع استثنائي للأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية يوم الخميس 19 محرم 1446هـ موافق 25 يوليوز 2024م، خصص للتداول في بعض المقتضيات الخطيرة والتراجعية التي تضمنها مشروع قانون المسطرة المدنية، ولاسيما تلك المتعلقة بحق التقاضي وحقوق الدفاع، والأمن القضائي، واستقرار المعاملات المؤسسة على أحكام قضائية حائزة لقوة الشيء المقضي به، وذلك على إثر مصادقة نواب الأغلبية بمجلس النواب على هذا المشروع وتصويت نواب المعارضة ضده.
وبعد مناقشة مستفيضة للحيثيات والمعطيات المرتبطة بهذا المشروع، وبعد التذكير بالمواقف التي سبق وعبرت عنها الأمانة العامة بخصوص التعاطي المتسرع والانفرادي وغير المسؤول للحكومة مع قضايا التشريع عامة، ومع النصوص الأساسية والمهيكلة وذات الأثر الكبير على المواطنين والمواطنات بالخصوص، والتي تقتضي التأني والتشاور الواسع والسعي لتوفير شروط الإجماع حولها، تعبر الأمانة العامة على المواقف التالية:
تنويهها بالمجهود الترافعي والمنهجية التشاركية التي اعتمدتها المجموعة النيابية للعدالة والتنمية في التعامل مع مشروع قانون المسطرة المدنية، سواء من خلال تنظيم يوم دراسي شهد مشاركة واسعة لمختلف المهنيين المعنيين، أو خلال المناقشة وتقديم التعديلات، وتنوه بموقفها القوي والمسؤول الرافض لبعض المقتضيات الخطيرة التي تضمنها هذا المشروع وتصويتها ضد هذا المشروع التراجعي بتنسيق مع فرق المعارضة النيابية.
رفضها لتبني الحكومة وأغلبيتها بمجلس النواب لمقتضيات تتعارض صراحة مع الدستور وتضرب في الصميم استقرار المنظومة القانونية والأمن القضائي ببلادنا، وهو ما تجلى على وجه الخصوص فيما يلي:
1. المس الصريح بالمقتضى الدستوري القاضي بكون الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع، وذلك عبر تخويل النيابة العامة، وإن لم تكن طرفا في الدعوى، ودون التقيد بآجال الطعن، إمكانية أن تطلب التصريح ببطلان كل مقرر قضائي يكون من شأنه مخالفة النظام العام، وذلك “بناء على أمر كتابي يصدره الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض تلقائيا أو على إحالة من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في حالة ثبوت خطأ جسيم أضر بحقوق أحد الأطراف ضررا فادحا”، وهو ما يعتبر مسا خطيرا بالمبادئ والحقوق الدستورية الصريحة وبالأمن القضائي ببلادنا، باعتبار أن هذا المقتضى يفقد الأحكام القضائية النهائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به حجيتها المطلقة، ويضرب في الصميم استقرار المعاملات المؤسسة على الأحكام القضائية النهائية، ويحط من قيمة ومكانة سلطة القضاء ويضرب في الصميم استقلالية القضاة.
2 . المس الصريح بالمبدأ الدستوري القاضي بكون الجميع أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين متساوون أمام القانون وملزمون بالامتثال له، وذلك عبر مقتضيات تؤسس لوضعية التمييز بين عموم المتقاضين من جهة والإدارة من جهة ثانية، حيث يجعل الأحكام الصادرة ضد الإدارة لا تقبل التنفيذ بعد الطعن فيها بالنقض من طرف الإدارة، فيما يجعل الطعن بالنقض من طرف المواطنين لا يوقف تنفيذ الأحكام الصادرة ضد المواطنين لصالح الإدارة، وهي مقتضيات غير دستورية وتراجعية عن المسار التراكمي الإيجابي للقضاء وخاصة القضاء الإداري ببلادنا، وتشكل تهديدا خطيرا لثقة المواطنين والمواطنات عامة والمستثمرين خاصة في منظومة العدالة ببلادنا.
3. المس بالحقوق الدستورية الأساسية التي تجعل حق التقاضي مضمونا لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون، وتضمن للمتقاضين حقوق الدفاع أمام جميع المحاكم، والحد من حق الأطراف في تقديم دفوعهم وحججهم، وهو ما يشكل في نفس الوقت استهدافا مباشرا لمنظومة الدفاع التي من المفروض أن يوفر له مشروع القانون كل الضمانات التشريعية والمسطرية من أجل تيسير ولوج المواطنين والمواطنات للقضاء وتوفير شروط الدفاع.
4. حرمان المواطنين من حقهم في سلوك جميع درجات التقاضي للدفاع عن قضاياهم، وذلك من خلال الزيادة في قيمة الطلبات التي يجوز معها الحق في الطعن بالاستئناف أو النقض في إطار الاختصاص القيمي، وهو ما يشكل تشديدا لشروط التقاضي، ويمس بمبدأ المساواة أمام القانون، ويحد من حق المواطن البسيط في الدفاع عن حقه عبر كل درجات التقاضي بغض النظر عن قيمة الطلبات.
ونظرا للآثار الوخيمة للعديد من مقتضيات هذا المشروع، فإن الأمانة العامة تدعو الحكومة إلى التريث والإنصات إلى ملاحظات واقتراحات المعارضة البرلمانية والهيئات المهنية وتصحيح المسار التشريعي والاستدراك على مستوى مجلس المستشارين لإيجاد صيغة توافقية تحظى بالإجماع وتتقيد بالمقتضيات الدستورية وتحقق استقرار المعاملات وتحترم حجية الأحكام ونهائيتها وتتقيد بالمساوة أمام القانون وتحفظ الحق في الدفاع لكل المتقاضين.
وبالنظر لما سبق، وبهدف التعريف بموقف الحزب من هذا المشروع وتحسيس الرأي العام بخطورة بعض مقتضياته، قررت الأمانة العامة عقد ندوة صحفية في الموضوع يوم الجمعة 26 يوليوز 2024 على الساعة السادسة والنصف بالمقر المركزي للحزب.
الخميس 19 محرم 1446هـ موافق 25 يوليوز 2024م
الإمضاء
الأمين العام
ذ. عبد الإله ابن كيران