[ After Header ] [ Desktop ]

[ After Header ] [ Desktop ]

[ after header ] [ Mobile ]

[ after header ] [ Mobile ]

طبيح: تعديلات المسطرة المدنية فيها خرق للدستور ومأسسة إعطاء التعليمات لقضاء الحكم

قال عبد الكبير طبيح، المحامي بهيئة الدار البيضاء، إن مجلس النواب صادق على مشروع قانون المسطرة المدنية، ومن ذلك تصويته على مادة لم تُعرض لا على مكتب المجلس ولا على لجنة العدل، مشددا أن المشروع تضمن “مقتضيات تخرق الدستور وتخالف القوانين التنظيمية، وتتعارض مع قوانين سارية المفعول”.
“وبشأن عدم مشروعية المادة 17″، يقول طبيح في مقال رأي بعنوان: “الحكومة تحيي قانون كل ما من شأنه“، فقد خرقت الحكومة المسطرة الدستورية للمصادقة على القوانين، حيث إن هذه المسطرة تلزم الحكومة بأن لا تعرض أي مقتضى قانوني على مجلس النواب مباشرة، وإنما يجب عليها أن تعرضه أولا على مكتب المجلس، وذلك طبقا للفقرة الثانية من الفصل 78 من الدستور.
واسترسل، كما ألزم الدستور الحكومة والبرلمان وبعد أن تحال مشاريع القوانين على مكتب المجلس، بأن تحال تلك المشاريع على اللجن، وذلك وفقا لأحكام الفصل 80،
وأضاف طبيح، غير أنه بالرجوع الى المقتضيات الجديدة التي أعطت لها الحكومة رقم المادة 17، والتي صوت عليها مجلس النواب، نجد أنها لم تعرض على مكتب المجلس، ولم تعرض على لجنة العدل ولم تناقشها ولم تصوت عليها، لأنه تم حذفها وما تم التصويت عليه بمجلس النواب هي مادة جديدة.
ونبه المحامي، إلى أنه، يتبين مما ينص عليه الدستور في فصوله 78و80 و82 أنه لا يسمح بعرض أي مشروع قانوني لأول مرة أمام المجلس، بدون أن يعرض مسبقا على مكتب مجلس النواب، ويعرض بعد ذلك على اللجنة المختصة.

إحياء قانون “كل ما من شأنه”
وأضاف الكاتب، من المثير حقا أن تستعمل الحكومة في صياغة المقتضيات القانونية في ظل دستور 2011 عبارات تذكر بزمن الجمر والرصاص، التي طواها المغرب بشجاعة في تجربة غير مسبوقة في العالم المجاور لبلدنا.
وتابع، ذلك أن الحكومة استعملت في صياغة المادة 17 الجديدة عبارة “يكون من شأنه مخالفة النظام العام”، مع أن الحكومة تعلم أو يفترض فيها أن تعلم أن المغرب والمقاومة الوطنية لهما تاريخ أليم مع هذه العبارة، أي عبارة (كل ما من شأنه) التي كان ينص عليها ظهير 1935 الذي سنه المستعمر للتنكيل بالمقاومة المغربية، وبالمقاومة بصفة عامة، بل واستعمل حتى في فترة الاستقلال.
إن الحكومة تعلم أو من المفروض أن تعلم أن هذا الظهير ألغاه البرلمان في الفترة ما بين 1993-1997 بموافقة صريحة من جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله، وذلك بعدما قدم الفريق الاشتراكي والفريق الاستقلالي بطلب من المجاهد الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، مقترح قانون لإلغاء ظهير 1935. فأصدر جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله تحكيمه بين وزير العدل السابق الأستاذ الفاضل محمد مشيش العلمي الذي تبنى المقترح، وبين وزير الداخلية الذي كان يعارض إلغاء ذلك الظهير.
واعتبر طبيح أن الحكومة عندما تستعمل هذه العبارة في مادتها 17 الجديدة في ظل دستور 2011، الذي أعاد للمغاربة حقوقهم كاملة ورفع من القيمة الاعتبارية لهم وحصنهم من كل ما يمس بحقوقهم، فإن موقفها هذا يدعوا إلى التوقف وانتظار تفسير منها على ما بادرت به.

حول صياغة المادة 17 الجديدة
نبه طبيح إلى إن كل قارئ للمادة 17 الجديدة التي صادق عليها مجلس النواب، سيلاحظ أنها تتكون من فقرتين مختلفتين ومخالفتين للدستور وللقوانين التنظيمية والقوانين العادية.
وبالفعل، يردف المحامي، فإن الفقرة الأولى من المادة 17 الجديدة تعطي للنيابة العامة الحق أن تطلب التصريح ببطلان كل مقرر قضائي من شأنه مخالفة النظام العام.
واسترسل، بينما الفقرة الثانية تتكلم عن شيء آخر غير النظام العام، وهو أن النيابة العامة أو رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، من حق كل منهما أن يطلب التصريح ببطلان حكم، بسبب الخطأ الجسيم الذي ارتكبه القاضي.
وأضاف، هذه الصيغة تفرض وضع السؤال حول ما هي الجهة التي ستتنبأ بكون مقرر قضائي سيخالف النظام العام مع أنه: قد يصدره قاض فرد أو 3 قضاة أو غرفة أو مجموع غرف محكمة النقض.
وقال طبيح، إن ذلك المقرر أحدث مراكز قانونية لأطراف الدعوى، ولكل المتدخلين الآخرين. وهنا تصطدم المادة 17 الجديدة مع الشروط الأولى لصياغة قاعدة قانونية، كما هي متعارف عليها دوليا. كما لو أن صياغة المادة 17 الجديدة تتوجه للقاضي وتقول له إن الحكم الذي ستصدره قد يكون مقررا قضائيا من شأنه مخالفة النظام العام، وقد لا يكون من شأنه مخالفة النظام العام. أي أن النيابة العامة هي التي ستقرر في ما بعد ذلك.

مأسسة إعطاء التعليمات لقضاء الحكم
قال طبيح إن المادة 17 الجديدة لم تتوقف عند الوكيل العام للملك وتمكينه من إصدار الأمر للنيابة العامة، لتقدم طلب التصريح ببطلان حكم قضائي، بل أعطت هذا الحق كذلك للرئيس المنتدب للسلطة القضائية في حال ثبوت خطأ جسيم أضر بحقوق أحد الأطراف.
وأوضح، فمحرر هذه الصياغة لم ينتبه إلى أنه يكتب قاعدة قانونية تؤسس لإعطاء التعليمات لقضاء الحكم من طرف الرئيس المنتدب، الذي هو رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي يتكلف بتأديب وترقية القاضي الذي سيبت في طلب التصريح ببطلان حكمه.
واسترسل، ذلك أنه إذا كانت كلمة (إحالة ….) تتوجه للنيابة العامة فإن ذلك يخرق الفصل 25 من القانون التنظيمي، المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، الذي يجعل النيابة العامة تتلقى التعليمات من رئيس النيابة العامة وحده، وليس من الرئيس المنتدب للسلطة القضائية.
وإذا كان كلمة (إحالة..) تتوجه الى المحكمة المصدرة للمقرر الذي سيطلب الرئيس المنتدب التصريح بطلانه، فإن الأمر سيعتبر إعطاء تعليمات من الرئيس المنتدب إلى قاضي الحكم، وهو ما يشكل تدخلا واضحا في استقلال قاضي الحكم.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.