سمير شوقي، رئيس مركز أوميغا للأبحاث الاقتصادية والجيوسياسية
طلعت علينا بمقال طويل عريض عنونته بـ “الكراهية” حيث تتباكى فيه حول هجوم شنه عليك صحفي جزائري. وفي خلط كبير للأوراق وصفت أن هذا الهجوم هو كذلك هجوم عن “بلادنا وشعبنا وملكنا وقيمنا”. هكذا وبجرة قلمٍ تريد جر دولة بكل ومكوناتها خلف أحد “معاركك” الدنكيشوطية لتحميَ ظهرك وفي نفس الوقت لاستدرار عطف المغاربة واسترجاع عذرية فقدتها للأبد ذات 9 أكتوبر.
وإذا كنت تعتقد أن للمغاربة ذاكرة سمك، فلا بأس أن نذكرك بموقف معظم المغاربة من مقالتك الشهيرة غداة أحداث السابع أكتوبر في غزة، حيث اصطففتَ بجانب القِوى الاستعمارية القديمة وخاصة بلدك فرنسا، وأنتَ تصف المقاومين الفلسطينيين بـ “الحيوانات”، في مقال اخترتَ فيه موقعك مع أعداء القضية الفلسطينية وبالتالي في خندق المواجهة مع المغاربة.
ولا بأس أن نذكرك مرة أخرى أن موقف المغاربة من القضية الفلسطينية ثابت لا لُبس ولا خُبث فيه. والموقف الرسمي بقيادة الملك والحكومة يتماهى مع الموقف الشعبي، لذلك سُمِحّ للمغاربة بالتظاهر في كل المدن المغربية تضامناً مع إخوانهم الفلسطينيين ضد بربرية الكيان الصهيوني، فكانت ملحمة مغربية متفردة بالعالم العربي، كما أن الإدانة كانت صريحة في خطابات الملك وفي بلاغات وزارة الخارجية.
و في الأخير، لابد من التذكير كذلك أن من قِيَمِ المغاربة ألا يتكالبون على إخوانهم خاصة إذا كانوا في حالة ضعف، وما كتبته أو على الأصح ما اقترفته في حق شعبٍ فلسطيني أعزل، يُعتبر مصيره قضيتنا الثانية بعد الصحراء المغربية، أقل ما يُقال عنه أنه جُبنٌ في زمن “الرويبضات”.. لأنه تماهي مع خطاب من يتجبر على العُزّل من المدنيين كالمجرمين نتنياهو وكالانت الذين يصرحون جِهاراً أن “الفلسطينيين حيوانات يجب تجويعها للقضاء عليها”. أرأيتَ أي خطٍ اخترتَ، فعلى الأقل كن شهماً وتحمل ما قترفته ريشتك التي تترجم أحاسيسك العميقة.
لذلك محاولتك الاختباء وراء “قيمنا” محاولة بائسة لأنك اخترتَ طواعية الاصطفاف وللأبد مع “قِيَم” لن تراها سوى في “مرآة الغرب المنكسرة” ولا مكان لها هنا في أرض المملكة الشريفة المتأصلة المواقف.. قيمنا يا هذا ثابتة وليست حِربائية، لذلك ذاكرتنا عميقة ستظل تُلاحق موقفك المخزي للأبد، والزمن بيننا.