منير شفيق: يجب تجاوز النموذج الغربي للحرية الفردية نحو الطرح الإسلامي

أكد المفكر الفلسطيني منير شفيق، أنه يجب أن نتعامل مع مفهوم الحرية الفردية في سياق تجربته الغربية، وليس باعتباره مجرد مفهوم تجريدي عام.
وأشار شفيق في مقال رأي بعنوان: “الحرية الفردية على الطريقة الغربية.. مشكلة أم حل؟”، نشره عبر الجزيرة نت، اليوم الجمعة، أن هذه الحرية نشأت كجزء من الحرية الفردية الغربية، وأخذت أبعادها التبسيطية التي تقدم نفسها كوسيلة للأفراد؛ بهدف خدمة الصراع ضد بعض الأنظمة التي واجهت هذا الصراع التاريخي.
وأوضح الكاتب، أن الصراع بين الحرية الفردية كنظام رأسمالي استعماري، وبين حاجة شعوب المستعمرات، التي جعلت من حرية الشعب والعدالة الاجتماعية أولوية، هو الذي شكل هذا المفهوم. وقد نشبت ضد هذه الشعوب حروب شنتها القوى الاستعمارية السابقة والحالية.
واستدرك، لكن هذا كان في الماضي، ولم يكن يتطلب حينها ما يستوجبه الآن من إعادة طرح موضوع الحرية الفردية كمبدأ عام، بعيدًا عن نموذجه الغربي. كما ينبغي أن نتعامل بحذر مع ما تطرحه المنظمات غير الحكومية، التي قد تستخدم هذا المبدأ لتكريس الهيمنة الغربية، أو للتخلي عن القضايا الأساسية للشعوب، بما في ذلك التحرر العالمي وتحرير فلسطين.
وشدد شفيق أنه آن الأوان في هذه المرحلة الراهنة أن تُطرح حرية الإنسان كجزء أساسي من نضال الشعوب ضد الهيمنة الاستعمارية والصهيونية العنصرية الغربية، وأن تصبح حجر الزاوية في بناء أنظمة جديدة تُطيح بعبودية الغرب، وتسهم في تأسيس عالم حر جديد. يتحقق ذلك بربط الحرية الفردية بالعدالة بين الأفراد، وصون كرامة الإنسان، ومقاومة الظلم العالمي، وصولًا إلى تحرير فلسطين.
وتابع: “يجب تجاوز النموذج الغربي للحرية الفردية، لأن هناك جذورًا أعمق لمفهوم حرية الإنسان في الحضارات غير الغربية، مثل الطرح الإسلامي الذي يعتبر البشر يولدون متساوين وأحرارًا، والأهم أنهم يولدون مكرمين”.
وأبرز شفيق أن “الكرامة الإنسانية والعدل بين الأفراد يحتلان مكانة أعلى من مجرد الإقرار بالمساواة والحرية. كما ورد في الحديث الشريف: “يا أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد. لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر، إلاّ بالتقوى”. حتى وإن ضعف سند الحديث أو فقد صحته، فإن محتواه يعبر عن مقاصد الإسلام العليا وتراثه الغني بالقيم الإنسانية السامية”.
وأردف، “من الشواهد التي تعزز مفهوم الحرية والعدالة في التراث الإسلامي “حلف الفضول”، الذي قام على نصرة المظلومين. هذا المبدأ يعزز قيمة الحرية والعدالة، وهو ما تفتقر إليه الحرية الفردية في نموذجها الغربي”.
وباختصار، يقول شفيق، “إذا كانت الهيمنة الغربية قد قدمت نموذجًا للحرية الفردية يتسم بالظلم وعدم العدالة، كما يظهر في النظام الرأسمالي الاستعماري والهيمنة الغربية، وإذا كان الصراع بين السيطرة الغربية وشعوب العالم قد أنتج ظروفًا أدت إلى انتهاك حرية الإنسان، فهذا لا يعني أننا لا نستطيع في المستقبل إعادة صياغة مفهوم الحرية الفردية وكرامة الإنسان ضمن فلسفات ومبادئ واستراتيجيات أخرى”.
وخلص إلى أنه “يجب أن تُطرح الحرية الفردية وحرية الإنسان في إطار نماذج ومناهج جديدة، تسعى إلى تحقيق عالم أكثر عدالة بين الشعوب. وهذه النماذج والمناهج ينبغي أن تستمد جذورها من تراث الشعوب وأديانها ومعتقداتها، وتعكس سماتها الحضارية ومصالحها الخاصة، دون أن تكون خاضعة لنموذج الحرية الفردية الرأسمالية الاستعمارية الغربية”.