[ After Header ] [ Desktop ]

[ After Header ] [ Desktop ]

[ after header ] [ Mobile ]

[ after header ] [ Mobile ]

الصمدي يكتب: حين تغيب الحكامة عن تدبير الترسانة القانونية لوزارة التربية الوطنية

خالد الصمدي


عرفت الترسانة القانونية لوزارة التربية الوطنية مجهودات مهمة أدت إلى صدور مجموعة من النصوص التطبيقية ومنها النظام الاساسي لأطر التربية والتكوين، وتعديل نظام المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين واختصاصاتها، وهيكلة مصالح الوزارة.
إلا أن من ينظر الى هذه النصوص بعين فاحصة يجد أنها لم تتخلص من المنظور التقليدي لإعداد النصوص القانونية، ذلك لأنها لا تندرج ضمن مخطط تشريعي متكامل يضمن الحكامة والتنسيق كما هو مطلوب في العادة في تنزيل القوانين الإطار، فالنظام الأساسي يحدث إطار جديدا باسم الاستاذ المساعد الذي لا يمارس بحثا ولا يؤطر ماستر ولا دكتوراه كما هو الشأن بالنسبة للأساتذة الباحثين في الجامعات، والمراكز الجهوية لمهن التربية رغم أنها تخضع للقانون 00-01 المنظم للتعليم العالي إلا أنها لحد الساعة لم يخرج بها نظامها الحديد من مجرد مؤسسات لتكوين الأطر تابعة الأكاديميات الجهوية التي تقع في دائرتها الترابية ولا تحتضن فرق بحث معتمدة من الجامعات ولا تتمتع بالاستقلالية رغم أنها تضم في مواردها البشرية أساتذة باحثين وأساتذة مبرزين، مسار مؤسسات التعليم العالي غير التابعة للجامعات.
ثم إن مركز الأستاذية الذي شكل لغز البرنامج الحكومي والذي طال انتظاره إلى أن ظهر في الهيكلة الجديدة الوزارة أسندت له تقريبا نفس المهام المسندة إلى مديرية التكوين وتنمية الكفاءات، ولم يرق إلى مديرية بقدر ما اعتبر في حكم مديرية، ولأول مرة نجد هذا المصطلح في هياكل الوزارات، فلا هو قسم ولا هو مديرية.
ثم إنه يوحي بحكم الاسم أنه سيهتم بمهنة الأستاذية دون غيرها من المهن، التي تحتاجها الوزارة وتكون فيها المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين على عكس ما أسند إليه من مهام في المادة 25.
ثم إن هذا المركز أسند إليه النظر في برامج التكوين في الإجازة في التربية علما بأن هذا التكوين يدخل في اختصاص الجامعات وفي إطار استقلالية الفرق البيداغوجية بها، بالتنسيق مع المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين وقطاعات أخرى قد تحتاج الى مهن تربوية لا تقتصر على مهنة الأستاذية.
إن التعامل مع هذه النصوص القانونية باعتبارها جزرا مستقلة ستخلق صعوبات جمة أثناء التنزيل بما تتضمنه من تداخل في الصلاحيات، وضيعت على هذه المؤسسات فرصة التجديد والارتقاء خاصة المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين.
وهذه إحدى تجليات تعطيل المخطط التشريعي الشامل لتنزيل مقتضيات القانون الإطار، وإحدى تجليات تعطيل اللجنة الوزارية الدائمة لتنزيل الإصلاح التي يرأسها رئيس الحكومة والتي لم تعقد أي اجتماع لها منذ ثلاث سنوات، وهذا مظهر من مظاهر التراجع عن منطق إصلاح المنظومة التربوية الذي جاء به القانون الإطار، إلى المنظور القديم الذي يركز على إصلاح التعليم ويربط الملف بقطاع التربية الوطنية، وهذه المقاربة قد تعود بملف الإصلاح إلى نقطة الانطلاق، بعد مرور عشر سنوات على صدور الرؤية الاستراتيجية 2015-2030.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.