[ After Header ] [ Desktop ]

[ After Header ] [ Desktop ]

[ after header ] [ Mobile ]

[ after header ] [ Mobile ]

يتيم يكتب: عبد الفتاح فهدي.. الرجل الرسالي

وصل الخبر المفجع… وفاة أخينا ورفيق دربنا عبد الفتاح فهدي بعد مرض لم ينفع معه علاج.
رفقة عبد الفتاح فهدي رفقة طويلة في مسار العمل الإسلامي بدءا من الشبيبة الإسلامية فالجماعة الاسلامية فحركة الإصلاح والتجديد ثم التوحيد والإصلاح…
بحكم الدراسة والتخصص جمعت بينا شعبة الفلسفة في زمن كانت شعبها تهمين فيها توجهات يسارية بعضها متطرف وعدمي …وكان فيها الانتماء للمرجعية الإسلامية والتصريح به في مدرجات الجامعة ناذرا و”نشازا…”.
عبد الفتاح فهدي كان نموذج المناضل الملتزم والمثقف العضوي.. كان واحدا من مجموعة من الإخوة الذين اختاروا شعبة الفلسفة وبعض الشعب في العلوم الإنسانية ومنها التاريخ من منطلق وعي مبكر بالحاجة لبلورة منظور متجدد يتجاوز هيمنة قراءات إيديولوجية للتاريخ والتراث الفكري والحضاري للأمة …
قراءات اختارت تطبيق مناهج غربية سواء في بعدها الاستشراقي الكلاسيكي أو من خلال توظيف مناهج نشأت في سياقات غربية ومتأثرة بالصراع بين النظريات الفلسفية الحديثة واللاهوت الكنسي؛ حيث كان العقل يقف في تعارض مطلق مع النقل والعكس صحيح.. وتطبيقها في قراءة التاريخ الإسلامي وفي إنتاج “علوم إنسانية” تقوم على استبعاد المكون الديني العقدي وإسقاطها على دراسة وتفسير مسار التاريخ الإسلامي..
كان عبد الفتاح فهدي من الإخوة القلائل الذين اختاروا التسجيل في شعبة الفلسفة واشتغلوا بتدريس الفلسفة، وكانوا يعدون على رؤوس الأصابع، منهم كاتب هذه السطور والدكتور عبد الرحمن اليعقوبي والأستاذ فاضل العسري والأستاذ إدريس نغش الجابري… حيث التأمت هذه المجموعة وغيرهم ممن قد لا أتذكر أسماءهم في هذه العجالة.. وقامت بتأسيس مجموعات تفكير في القضايا التي كانت تعج بها الساحة وخاصة تطبيق بعض المناهج على التاريخ السياسي والفكري للعالم الإسلامي…
أنتجت المجموعة عددا من المقالات والدراسات التي نُشر كثير منها على صفحات الإعداد الأولى من مجلة الفرقان..
تميز عبد الفتاح فهدي رحمه الله بالقدرة على التقرير والتوثيق والمتابعة.. كانت هناك محاولة لإعادة إحياء تجربة اللجن الفكرية المتخصصة في مختلف مجالات العلوم الإنسانية… وتواصلت مع عدد من الإخوة من بينهم عبد الفتاح فهدي رحمه الله… لكن لم يتيسر لحد الآن تفعيلها. ربما بسبب تعدد اهتمامات والشغالات عدد من الأساتذة الذين انخرطوا في تأسيسها وربما لضمور المسألة الفكرية والثقافية في مجتمعاتنا وتنظيماتنا وغلبة ثقافة” الوجبات السريعة”…
من بين الوثائق النادرة التي عثرت عليها بين ركام الوثائق والمخطوطات والمطبوعات في مكتبي كما أشرت أعلاه ورقة الرؤية السياسية للحركة (في مرحلة الجماعة الإسلامية).. والجميل فيها أنها مكتوبة بخط جميل لم يكن سوى خط الراحل عبد الفتاح فهدي …
قبل سنة خلت أو أقل طرحت فكرة إعادة إحياء مجموعات العمل الفكري المتخصص في مختلف مجالات العلوم الإنسانية، مع السعي لإعادة ربط اللقاءات مع الإخوة الذين كانوا نشيطين فيها ومنهم الدكتور عبد الرحمن اليعقوبي ومحمد يتيم والدكتور أحمد بوخبزة والدكتور فاضل العسري وغيرهم ممن انقطعت صلتنا بهم وانقطعت صلتهم بنا…
وللأسف فقد هيمن في تجربتنا دور الإطار التنظيمي (الحركة.. الحزب.. النقابة.. الخ) ولم نستطع بلورة فضاءات ومشاريع لإنتاج مشاريع فكرية وثقافية ومن ثم فضاءات أخرى للعمل.. مما يفسر ضمور البعد الثقافي والعلمي والفكري في عملنا، وانحسار هذا البعد ضمن أطر أكاديمية مؤسساتية ضمر فيها البعد الرسالي والعمل الجماعي والإشعاع الفكري والثقافي…
أكتب هذه الخواطر وأنا على القطار في اتجاه الدار البيضاء لحضور تشييع جثمان الراحل عبد الفتاح فهدي… وقد كنت قررت والأخ عبد الرحمن اليعقوبي منذ مدى القيام بزيارة للراحل …ومثل هذه القرارات يتعين أن تؤخذ بالحزم اللازم حيث قد تحول بيننا وبينها عوارض مثل المرض أو الموت…
للأسف الشديد لم يبق في الإمكان سوى الحضور لتشييع جنازته إن أمكن وتعزية أقاربه… ذلك من آخر حقوق الأخوة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “وإذا مات فاتبعه”..
فاللهم ارحم أخانا عبد الفتاح فهدي واغفر له ووسع مدخله واغسله بماء وثلج وبرد وأدخله مدخل صدق واجعله عندك من المرحومين المقربين.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.