[ After Header ] [ Desktop ]

[ After Header ] [ Desktop ]

[ after header ] [ Mobile ]

[ after header ] [ Mobile ]

“الصباح” تتبنى مصدرا حكوميا يكذب مصدرا حكوميا آخر بخصوص دعم الأرامل

ادريس الازمي الإدريسي


 

 

في معرض ردها على تصريح الأستاذ عبد الاله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الذي أكد في لقاء حزبي يوم الأحد فاتح شتنبر أن الحكومة إما أنها أقصت العديد من الأرامل اللواتي كن يستفدن في السابق من الدعم المباشر، أو أنها خفَّضت مبلغ هذا الدعم من 1050 درهم في السابق بالنسبة للأرامل اللواتي يحتضن ثلاث أيتام إلى 500 درهم حاليا، تبنت جريدة الصباح ونشرته كما هو، دون أدنى تمحيص أو تحري، في عددها رقم 7513 بتاريخ 05 شتنبر 2024 تصريحا عن مصدر حكومي مجهول، مع الزيادة في العلم بإضافة عنوان “دروع بشرية في حرب مغالطات بنكيران”.

لقد نقلت الجريدة المذكورة عن المصدر الحكومي أن “أرقام دفعة يونيو 2024 من الدعم الاجتماعي المباشر – كذبت – مزاعم ابن كيران بحرمان هذه الفئة من المغاربة، إذ توصلت 400259 أرملة بالدعم الأصلي والإضافي موزعة بين 83340 أرملة حاضنة للأطفال و316919 امرأة ليس لديها أطفال.”؛ وأنه “وفي الوقت الذي شمل فيه دعم الأرامل 76 ألف أرملة في النظام السابق وصل العدد في ظل الدعم الاجتماعي المباشر إلى 375 ألف أسرة تتحمل مسؤوليتها نساء أرامل.”
وبطبيعة الحال يحمل هذا الرد، وتبني ونقل جريدة الصباح له كما هو دون تمحيص أو تحرِّي، وفق ما يقتضيه العمل الصحافي الجدي والمهني، مجموعة من المغالطات ويتعمَّد الخلط بين أنواع الدعم والأرقام في محاولة لدحض حقيقة أصبح يعرفها الجميع ويكتوي بنارها بالخصوص النساء الأرامل اللواتي حُرمن من الاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر بفعل شروط العتبة، وهو ما يؤكد بما لا يدعُ مجالا للشك ما صرح به الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بخصوص إقصاء العديد من الأرامل الحاضنات لأطفالهن اليتامى من الدعم المالي المباشر أو النقص من قيمته.

لقد كان حريا بجريدة الصباح أن تعود وببحث بسيط لتطَّلع على ما أجاب به في السابق -رسميا وكتابيا- مصدر حكومي آخر في معرض رده على سؤال برلماني كتابي بخصوص “أسباب حرمان العديد من الأسر من الدعم بعد استفادتها منه في السابق”، لتكتشف بنفسها أن المصدر الحكومي السابق يُكذِّب المصدر الحكومي الحالي الذي استقت من عنده معطياتها، حيث أكد هذا المصدر الحكومي في معرض جوابه على هذه الأسباب، والذي نشرته مختلف المواقع في يوليوز الماضي، أن الحكومة رفضت أكثر من 150 ألف طلب للحصول على الدعم الاجتماعي المباشر في شهر واحد وهو شهر مارس 2024…

كما كان حريا بجريدة الصباح أن تقوم ببحث بسيط في الوثائق الرسمية المتاحة للعموم ودون عناء لتكتشف أن الرقم الذي أعطاه إياها المصدر الحكومي حول عدد الأرامل اللواتي استفدن في النظام السابق وكونه بلغ 76000 أرملة هو رقم ليس صحيحا نهائيا، والصواب هو أن عدد الأرامل اللواتي كن يستفدن من الدعم المباشر في النظام السابق، في إطار صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي، بلغ إلى حدود 13 شتنبر 2023 -ما يناهز ضعف ما ادعاه المصدر الحكومي- وهو بالضبط 130.205 أرملة وما يفوق 220.000 يتيما ويتيمة، وهي الإحصائيات الرسمية التي يمكن لجريدة الصباح ومصدرها الحكومي وغيرهما أن يتأكدوا منها بأنفسهم عبر العودة إلى الصفحة 53 من مذكرة تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2024 والصفحة 36 من التقرير حول الحسابات الخصوصية للخزينة المرافق لمشروع قانون المالية لسنة 2024.

كما كان حريا بجريدة الصباح وهي تتبنى وتنقل عن مصدرها الحكومي أن تنتبه إلى أن هذا المصدر يتعمد خلط الأوراق والأرقام بالكلام مرة عن “النساء الأرامل اللواتي يوجدن في وضعية هشة والحاضنات لأطفال أو يتامى”، ومرة أخرى عن “أرملة حاضنة للأطفال” ومرة أخرى عن “امرأة ليس لديها أطفال” ومرة أخرى عن “أسر تتحمل مسؤوليتها نساء أرامل” ومرة عن “الدعم الأصلي” ومرة أخرى عن “الدعم الإضافي”، كل هذا اللعب بالأسماء والأرقام دليل على الارتباك وضعف الحجة في مواجهة حقيقة الإقصاء، وهو ما تضيع معه الحقيقة وتضيع معه حقوق المواطنين والمواطنات وللأسف بتواطؤ مكشوف من “السلطة الرابعة” وممن يفترض فيهم أن يبحثوا ويتحروا الحقيقة عوض أن يتحولوا إلى ناقلي مغالطات مكشوفة.

وفي الختام، وبالعودة لأصل الإقصاء ومنبعه وهذا هو بيت القصيد، فإن السبب يتعلق بكون أن النظام السابق لدعم النساء الأرامل كان يكتفي بشرط واحد للاستفادة وهو شرط الأرامل في وضعية هشة واللواتي يحتضن أطفالهن اليتامى، في الوقت الذي نجد فيه أن النظام الجديد للدعم الاجتماعي المباشر قد فرض التقييد في السجل الاجتماعي الموحد وشرطا إضافيا وهو الذي يؤدي أوتوماتيكيا وميكانيكيا إلى الإقصاء وهو الشرط المرتبط باستيفاء عتبة البرنامج المحددة في 9.743001، وما أدراك ما العتبة والشروط والأسئلة المرتبطة بها؟.

وهنا وجب التذكير مرة أخرى أن حزب العدالة والتنمية سبق له وأكد في عدة مناسبات أن هذه الشروط الجديدة ما كان لها لتطبق أصلا على المستفيدين سابقا من برامج الدعم، وطالب الحزب بالحفاظ على الحقوق المكتسبة، كما هو مطلوب شرعا وقانونا، عبر إدماج كل المستفيدين والمستفيدات سابقا من مختلف البرامج الاجتماعية تلقائيا في برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، لكن الحكومة وللأسف لم تستجب لهذه النصيحة وهو ما أدى ويؤدي إلى إقصاء العديد من المواطنين من مختلف برامج ورش تعميم التغطية الاجتماعية (دعم الأرامل، تيسير، المنح الدراسية، راميد…).
لذا، فالأولى بالحكومة أن توسع صدرها وتنصت بإمعان لشكاوى المواطنات والمواطنين ولتنبيهات المعارضة وتبادر إلى معالجة وتصحيح الاختلالات التي تظهر في كل مرة مع تنزيل هذا الورش والتي لا تنقص من أهميته شيئا.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.