طيف الراحلة سمية بنخلدون يرفرف على المكتبة الوطنية من خلال جمالية ومباني “مدارج آيات الرحمان”
نظمت حركة التوحيد والإصلاح أمس السبت بالمكتبة الوطنية ندوة علمية للقراءة في كتاب “مدارج آيات القرآن للفوز برضى الرحمان” للدكتورة سمية بنخلدون رحمها الله.
وعرفت الندوة مشاركة ثلة من الأساتذة والباحثين، ضمنهم الدكتور خالد الصمدي رئيس المركز المغربي للدراسات والابحاث التربوية، الذي أكد أن الكتاب جاء في سياق دقيق وهي أزمة القيم التي تعرفها الإنسانية في ظل انهيار الشعارات والمؤسسات التي كانت تدعو إلى التكاثف والتشاور والتفاهم وغير ذلك، وأن العالم يبحث عن نموذج يمكن أن يعيد للعالم توازنه، واشتغال سمية بنخلدون رحمها الله في المنظمات الدولية يشعرها بذلك وهي تتحدث عن الخلاص العام باعتبار القرآن الكريم سيحل معضلة العالم.
وذهب الصمدي نقلا عن موقع “الإصلاح” إلى أن الفقيدة كانت تشتغل على النموذج بمنطق استعادة روح الاستخلاف واستعادة العمران واستعادة الروح فيه، خصوصا والعالم اليوم يعبث في الميزان، لذلك تنبهت لذلك وبحثت عن نموذج يعيد للعالم توازنه من خلال البحث عنه وترصده من خلال القرآن الكريم في الكتاب الذي جعلته مادة معرفية غنية.
وكشف الصمدي أن الكتاب في منهجيته تفرد بمجموعة من الخصائص استثمرت فيه الراحلة الأدوات الرقمية استحضارا لطبيعة الجيل الحالي، كما أن المادة العلمية للكتاب تصلح لأن تكون منطلق لدراسات وأبحاث وأطروحات أخرى، فهي لم تغلق الكتاب كما يفعل آخرون ولكن تركت الباب مفتوحا للباحثين لتطوير كتابات من خلاله.
ونوه الصمدي إلى أن الكتاب جمع بين ما هو معرفي وسلوكي مهاراتي ووجداني رغم أنها لم تشر إلى ذلك لكنها استبطنته، وركزت على النموذج المعرفي وحددت الأفعال من خلال النموذج المهاراتي وحينما اهتمت بالحزاءات لامست الوجدان.
واقترح الصمدي في نهاية مداخلته مقترحات لاستثمار المؤلف من خلال البرامج واللقاءات وفي المواد التعليمية وفي عملية تأليف الكتب المدرسية في مادة التربية الإسلامية وفي التفسير والتدبير في سلك التعليم الأصيل، كما أنه يجمع بين العلمي والتربوي ويصلح لجمعيات المجتمع المدني في التزكية والتربية وهي مادة علمية غنية جدا.
من جانبها، استعرضت الدكتورة خديجة مفيد، رئيسة مركز الدراسات الأسرية والبحث والقيم، عددا من مناقب الفقيدة من الصبر الجميل، والحركة الدؤوبة، وإعطائها نموذجا لحرية الاختيار واستقرار القرار، ولبسها لباس الرضى والتسليم في حياتها، وختمها مسارها بالمكابدة على التأليف، معتبرة أنه ختم جميل لمسار حافل كللته بالسلم.
واعتبرت مفيد أن المؤلف من حيث قيمته الغائية هو مبحث للتربية المفضي إلى رضى الرحمن ويعبر عن طبيعة صاحبته، المهندس المتميز الذي كانت أول من جعل علم المعلومات يوظف لصالح الدين.
وأشارت أستاذة التعليم العالي إلى أن الكتاب غني في جمال المبنى حالا ومآلا، حيث اشتغلت الفقيدة بمعاني خاصة فيه وهي معنى السلوك إلى الله معنى ومبنى في ضوء الجمال ومعانيها، وقد يحقق من خلاله إشراقات معرفية ويرتقي بالإنسان في سلم الارتقاء برفق وسلام.
وجمعت فيه الفقيدة بين عقلية المهندس الصارم والإنسان المسالم المشتاق إلى الله، وتناولت الدراسة بمنهج علمي بسطت فيه في هذا العمل العلمي العرفاني بشكل يسهل على القارئ ذي التوجه العلمي البحث فيه، مستحضرة نموذج لجدول الصفات المحصية المصنفة القلبية والسلوكية وجزاءاتها على الفرد.
من جهته، اختار الداعية الدكتور حسن غربي تسليط الضوء على إنارات إيمانية من خلال عشر آيات انتخبها من الكتاب موزعة على تسع سور (البقرة يونس هود الكهف مريم لقمان فصلت البروج البينة) من أصل 287 مقطعا من آيات الله عز وجل محصية في الكتاب تجمع بينهم قاسم مشترك هو وصف جزاء المؤمنين المتقين.
ونوه الداعية المغربي في مداخلته بعنوان: الحياة مع القرآن من خلال كتاب “مدارج آيات القرآن للفوز برضى الرحمان”، إلى أن هذه الآيات العشر تعيننا وتحفزنا على عبادة الله والتعلق به انطلاقا من الإيمان بالله والعمل الصالح.
وافتتحت الندوة بكلمات أشرفت على تقديمها وتسييرها الدكتورة حنان الإدريسي نائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح، استهلت بكلمة للدكتور أوس رمال رئيس الحركة ثم كلمة للدكتور رضى بنخلدون باسم أسرة الفقيدة. تلتها كلمة للدكتورة عزيزة البقالي رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية، وكلمة للدكتور الحبيب الشوباني زوج الفقيدة حول سياق وظروف تأليف الكتاب، واختتمت بعرض شريط حول حياة سمية بنخلدون رحمها الله.
يذكر أن الفقيدة سمية بنخلدون رحمها الله ختمت رحلتها في هذه الدنيا بهذا الكتاب الذي صدر قبل وفاتها بأسابيع، واختارت له عنوان“مدارج آيات القرآن .. للفوز برضى الرحمان”، أرادته أن يكون مساهمة في الإرشاد إلى معالم الطريق المؤدية إلى الفوز برضى الرحمن.
ويقدم الكتاب تدبرا في كل آية من آيات المدارج مع عرض تفسيرين مختصرين من تفاسير أعلام المسلمين؛ أحدهما لعالم من رعيل القرون الأولى، والثاني لعالم من العلماء المعاصرين. وقد مهَّدت المُؤلفة للكتاب بمدخل منهجي يوضح الخطوات التي سلكتها في تأليف الكتاب والتفاسير التي اعتمدت عليها.