محمد عصام يكتب: مجرد أسئلة بخصوص الانتخابات الجزئية في دائرة الرباط المحيط !!
محمد عصام
آلت نتائج الانتخابات الجزئية التي جرت أمس بدائرة الرباط المحيط إلى حزب التجمع الوطني للأحرار الذي كان مدعوما من طرف أحزاب الأغلبية ومن جهات أخرى لا يعلمها إلا الله والراسخون في صنع الخرائط وطبخها في الدهاليز المظلمة.
لكن الأسئلة الحقيقية التي يجب أن نطرحها بخصوص هذا النزال، بعد استحضار طبيعة الانتخابات الجزئية عموما وخصوصيتها.
هل من المنطقي، وأقصد هنا منطق السياسة الذي يعرفه الجميع ويدرس في الجامعات وتعتمده مراكز البحث، أن تتم مكافأة حزب بمقعد، سبق أن فقده لتورط النائب السابق صاحب المقعد في فضيحة إصدار شيك بدون رصيد؟ هل يعقل أن يلدغ الناخب من جحر الفساد وعدم الأهلية مرتين؟
هل من منطق السياسة في شيء، أن يتم مكافأة حزب سياسي يقود حكومة أثخنت في المواطنين بالغلاء وسلبتهم كل الامتيازات الاجتماعية التي كانت بحوزتهم من راميد ودعم للأرامل ومليون محفظة وبرنامج انطلاقة وغيرها؟
هل من المنطقي في ظل تساقط ممثلي هذا الحزب وأحزاب الأغلبية سواء في البرلمان أو الجماعات الترابية وتورطهم في قضايا فساد ومتابعة بعضهم بالسجن النافذ واللائحة ما زالت مفتوحة وتعد بكثير من التشويق والشفقة، فهل من المنطقي أن يكافأ هؤلاء بمقعد جديد وإن كان لا يغير من توازنات المشهد شيئا؟
وهل يقبل العقل أن ساكنة الرباط التي لأول مرة في تاريخها، تعيش تجربة جماعية يتزعمها نفس الحزب مع نفس الأغلبية، وشهدت فيها عبثا غير مسبوق ورداءة لا مثيل لها، تجسد في انفراط عقد الأغلبية منذ أول يوم، وتسبب ذلك في إسقاط عمدة المدينة التي لم تكن إلا حرم النائب الجديد “الفائز” بالمقعد في هذه الانتخابات الجزئية، والذي كافأته زوجته بمجرد أو وطئت قدماها الجماعة بتمتيعه بامتياز الدفاع عن الجماعة بصفته المهنية كونه محاميا؟
والسؤال الأكبر، هل يحق لهذا الحزب ومن والاه ومن يأكل الثوم بفمه بدلا عنه من “شبيحة الإعلام والمؤلفة بطونهم” الفرح والانتشاء بهذا الفوز تشفيا في العدالة والتنمية وبقية أحزاب المعارضة، والحال أن نسبة المشاركة لم تتعدى 6،6 في المائة؟
هذه النسبة هي أكبر سؤال يجب أن يستنفر المشهد السياسي عموما، وأيضا من يقف وراء حجاب ويخطط ويبرمج ويطبخ، هل هذه النسبة ليست مؤشرا على أزمة حقيقية في السياسة في هذا البلد؟ ثم إلى أين نمضي ونحن نعظ بالنواجد على هذه السياسة وهذا المنهج الذي ينعش العزوف ويكرس اللامبالاة، ويرسل رسائل لمن ألقى السمع وهو شهيد، مفادها أن الأزمة عميقة جدا وأنها ماضية في التمدد والتعمق، وأن المستقبل محفوف بكثير من الضبابية ويجثم “المجهول على ملامحه بقوة وبلا هوادة؟
السؤال، من يتحمل المسؤولية ومن يتولى كِبر هذا القاع الذي وصلنا إليه؟
أليس أولئك الذين استثمروا في قتل السياسية وخنقها بالمال و”رفسوها” بمواقع النفوذ والاستقواء، هم من أوصلونا إلى هذا الحضيض؟
أليست الحسابات السياسية الضيقة والطبخات المخدومة لوقف العدالة والتنمية وغلق قوسها هي من أوصلنا إلى حافة الهاوية؟
سيفرح آل الحمامة بمقعدهم الذي استرجعوه، لكنه فوز بطعم الهزيمة وفرح في جُبَّة جنازة .. لكنهم لن يكترثوا لذلك ولن ينشغلوا برسائل نسبة المشاركة المقلقة، لأنهم مطمئنون أنهم يأوون إلى ركن شديد، وهو المال.. والمال في عرف القوم يشتري كل شيء وبلغة المغاربة “كيدير الطريق في الحجر” !!!!!!.
وهذا وهم كبير، وخرافة لا تسعفها الوقائع التاريخية ولا النماذج المعاصرة على الصمود، لأن ما بني على باطل فهو باطل بكل تأكيد.
المغرب في حاجة إلى السياسة.. والسياسة لن تقوم لها قائمة بدون مصداقية وبدون وجود رجالها نسائها الذين تربوا في محاضن التنشئة السياسسية وكابدوا أسئلة المجتمع تفاعلا واشتباكا ومن كل المواقع، وحرصوا على بناء الثقة بينهم وبين المجتمع تأسيسا على قيم نبيلة لخصها الراحل عبد الله باها رحمه الله في كلمة واحدة هي “المعقول”.
لكن اليوم، هناك جهات معينة تستثمر في شيطنة هذا النموذج النبيل للسياسة، وتقديم بديل مزيف لم نحصد من خلاله سوى الفشل تلوى الفشل، وثماره الخبيثة بادية للعيان إلا من أبى، فأكثر من 30 برلمانيا اليوم متابعون في قضايا الفساد وخيانة الأمانة وغيرهم كثير ينتظر دوره، ومثلهم أو أكثر في الجماعات الترابية، فإلى أين نمضي؟ وهل يعقل القوم ماذا يفعلون؟
إنها على كل حال مجرد أسئلة، والواقع والمستقبل وحدهما من يملك شرعية الجواب، أفلا نتدبر !!!