بنونة يكتب: سريالية الوضع الاجتماعي سبب في تحول الهجرة السرية لخلاص جماعي

عادل بنونة
عندما يفقد المواطن المغربي الثقة في المؤسسات الرسمية وخصوصا التي تقوم بدور الوساطة من أحزاب سياسية ونقابات عمالية وخصوصا ممثلي المؤسسة التشريعية – البرلمان- الذين يعتبرون مرآة للشعب.
عندما يتمحص المواطن في واقع الحال، ويجد النخب السياسية حين مرضهم يلتمسون العلاج ببلدان أجنبية، ويدرسون أبناءهم في بعثات أجنبية أو في أعرق الجامعات الأمريكية والأوربية، ويصرفون أموالهم في فنادق مصنفة بالخارج يقضون بها عطلهم .
عندما يجد المواطن بأن التعليم العمومي تتغير برامجه التعليمية ومقررات الدراسية باستمرار، وهو تائه بين التدريج والتعريب وفرنسة المواد العلمية، وعندما يلمس غياب مبدأ تكافؤ الفرص وعدم إيجاد بدائل للمنقطعين عن الدراسة، وأن هناك توجها على المستوى الرسمي نحو خوصصة التعليم وخدمات القطاع الصحي .
عندما يشاهد المواطن منتخبين يمثلونه متهمون بتبديد واختلاس أموال عمومية متورطون في تهم كتلقي رشاوى تزوير واستغلال النفوذ، وتهم أخرى تمس بأخلاقيات العمل السياسي والنقابي .
عندما تصير قيم و مبادئ كالنزاهة ونظافة اليد وبراءة الذمة، عملة نادرة في واقع يومي معيش .
عندما يشاهد المواطن رمال شواطئه تستغل بشكل مفرط من طرف مافيات لا يهمها التهديدات التي يواجهها النظام الإيكولوجي البحري وتأثيره السلبي على التوازن البيئي.
عندما يشاهد المواطن تفاوتات لا تضمن العدالة المجالية بين كل مكونات التراب الوطني، ويرى بأن أحياء شعبية ومهمشة لا تأخذ نصيبها من التهيئة ولا يخصص لها إلا الفتات.
وعندما يلحظ المواطن غياب أي رؤية مجالية منصفة واختلالات حضرية لم تستفد من تدخلات لمعالجة أعطابها. عندما يرى غياب العدالة في الحكامة في أعلى هرم للحكومة ويشاهد من بعض أعضائها من يستغل منصبه السامي للاستفادة من صفقة أو يستغل منصبه لتملص ضريبي …..
فاعلم أننا أمام مشهد سريالي تتحول فيه فكرة الهجرة غير الشرعية إلى تعبير على ما بات يخيم على مشاعر بعض الشباب من سخط متواصل على ما وصل إليه الوضع الاجتماعي والصحي والتعليمي ومن ارتفاع في معدلات البطالة وندرة فرص الشغل.
نحن الآن أمام ظاهرة لها انعكاسات أمنية سواء على دول العبور والاستقبال أيضا، والوطن الآن في أمس الحاجة إلى فك شفرتها عبر عقد مناظرة وطنية مسؤولة تشارك فيها كل القوى المجتمعية الحية للإجابة على الإشكالات الحقيقة للمواطن والانتظارات في أفق حصر الظاهرة وتداعياتها مع ضرورة إشراك المنظمات الدولية المعنية في أفق المصادقة على اتفاقيات ثنائية في إطار التعاون الدولي تسعى إلى سن تشريعات لتسهيل تدفق اليد العاملة الممهننة إلى دول الاستقبال.
عادل بنونة – عضو المكتب الوطني للإتحاد الوطني للشغل بالمغرب