جامعي: انتخابات 2021 مشكوك فيها والحكومة الحالية لا تُحسن التواصل وتفتقد الحنكة السياسية والقدرة على المبادرة

قال غسان المراني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن البرود الذي يطبع الدخول السياسي، وخاصة في ظل الحكومة الحالية، يرجع إلى طبيعة الحكومة ذاتها و”البروفايلات” التي تتكون منها، والذين هم في الغالب من وافدين على السياسة، ولهم تكوين تقنوقراطي أو من عالم المال والأعمال.
وأوضح المراني خلال حلوله ضيفا على برنامج “بين قوسين” على قناة “هوامش” على يوتيوب، أن هذه الصفات التي تحملها الحكومة أدت إلى غياب الحنكة السياسية عنها، فضلا أنها حكومة باهتة على مستوى التواصل السياسي مع المواطنين وخاصة في وقت الأزمات.
واسترسل المتحدث ذاته، نحن أمام غلبة التدبير التقني والإداري وغياب التدبير السياسي، وكأننا أمام تقنوقراطيين في إدارة الشأن الحكومي والبرلماني، ومن ذلك ما نراه خلال أزمة طلبة كلية الطب وكذلك واقعة محاولة الهجرة الجماعية للشباب واليافعين، حيث إن الحكومة لم تتحمل المسؤولية فيما يقع.
وأردف المراني، وهي أيضا حكومة انتظارية، ولا تتوفر على القدرة على المبادرة نظرا لطبيعتها الحزبية وتحديدا حزبا الحمامة والجرار.

كلفة كبيرة
أكد الأستاذ الجامعي أن كلفة الصمت والانسحاب في ظل هذه الحكومة من تدبير وإدارة النقاش السياسي كبيرة وسلبية على الدولة وعلى الأحزاب وعلى الحياة السياسية بشكل عام، كما أننا أمام إعلام عمومي يردد رواية واحدة، في ظل سعي لخنق النقاش والانتقاد أو المطالبة بالإصلاح.
وشدد المتحدث ذاته أن الدخول السياسي الطبيعي يشمل أجندة واضحة تهيمن عليها الحكومة، وكذا النقاش بشأن التحديات والوعود الكبرى، ومواقف المعارضة بشأنها، ونقاش كبير على مستوى الإعلام والأحزاب والفضاءات العامة، وهذا يغيب عنا في المغرب، يقول المراني.
ونبه أستاذ العلوم السياسي إلى أننا في الحكومتين السابقتين وخصوصا حكومة عبد الإله ابن كيران أساسا وحكومة سعد الدين العثماني ثانيا، إن قارناها بهذه الحكومة، فسنجد أنفسنا أمام حكومة أقل تعاطيا مع المادة السياسية، حيث في الحكومتين السابقتين كان هناك فعل ورد فعل، أما اليوم فليس هناك تنافس ولا نقاش.

انتخابات 2021
اعتبر المراني أن هذا الوضع يرجع إلى افرازات انتخابات 08 شتنبر 2021، والتي انتصر فيها الأعيان على السياسيين، مشددا أن هذا ليس في صالح الديمقراطية بالمغرب، لأنه لا يمكن أن نعاكس حركية ومسار التاريخ.
وذكر الأستاذ الجامعي أن نزول العدالة والتنمية من الصدارة إلى المرتبة الثامنة هو أمر غير طبيعي، وأتعجب من التعامل مع ما وقع على أنه عادي، بل وتم تمريره بشكل عادي أيضا، والحديث عن إفراز الصناديق.
وشدد المراني أن هذا غير دقيق أو غير صحيح، حيث تم وضع قانون انتخابي يتضمن قاسما انتخابيا على أساس المسجلين، وهو أمر غير موجود في أي دولة أخرى في العالم، والهدف هو منع العدالة والتنمية من الفوز، كما أنه في الحملة الانتخابية تمت مهاجمة حملة العدالة والتنمية بفاس مثلا من لدن بعض الأشخاص أو المسخرين، والهدف الحقيقي هو تهيئة الرأي العام للنتائج المعلنة والقول بأنها تعكس مزاجا شعبيا يرفض العدالة والتنمية.
واسترسل، كما تم الخلط أو الجمع بين الانتخابات الجماعية والتشريعية، مما يعني عدم قدرة العدالة والتنمية على تغطية جميع الدوائر، فضلا عن الفرق بين أهداف ورهانات الانتخابات التشريعية عن الجماعية، إضافة إلى اختلاف طريقة التصويت بين البادية والحضر تجاه الانتخابين الذين تم إجراؤهما في نفس اليوم، ناهيك عن تصريح رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان وقولها بنزاهة الانتخابات في ندوة صحفية قبل أن تتوصل بالتقارير المتعلقة بالانتخابات.
وقال المراني إن القاسم الانتخابي يمنع أي حزب من أن يحصل على أكثر من 80 مقعد، في حين أن التجمع الوطني للأحرار تجاوز 100 مقعد، وهذا غير مفهوم إطلاقا، كما قيل إن حزب التجمع حصل على أكثر من مليوني صوت في وقت كان رئيسه محل مقاطعة شعبية كبيرة، فضلا أنه شارك في كل الحكومات السابقة، وبالتالي هذا يتعارض مع القول بأن التصويت هو لمعاقبة الحكومة السابقة، كما أنه لا يمكن إقناعي بأن العدالة والتنمية تبخر بفعل أدائه السياسي أو الحكومي، لأن الواقع يؤكد أنه ينتمي لتيار محافظ ما يزال قويا وحاضرا في الساحة، ومن ذلك ما نراه من مظاهرات ومسيرات تضامنية مع الشعب الفلسطيني.
وفي العموم، يردف الأستاذ الجامعي، “أتحفظ من الناحية العلمية على النتائج، وأعتقد أنها نتائج غير حقيقية للأسباب المذكورة سابقا”.

عزوف سياسي
قال المراني إننا أمام تراجع الانتماء الحزبي بصفة عامة، كما أن هناك لامبالاة مع المادة السياسية أو مع السياسة بصفة عامة، كما انخفض تتبع الحياة السياسية مقارنة مع الماضي، وانخفضت نسب المشاركة الانتخابية منذ حكومة التناوب وخاصة في المدن الكبرى والمتوسطة، وكلها مؤشرات سلبية يجب معالجتها.
وذكر المراني أن عزوف الشباب عن المشاركة السياسية، هو نتاج عدم حدوث تغيير حقيقي على المستوى الديمقراطي، رغم اعتماد دستور جديد، فضلا عن الإحباط الذي شعر به الشباب على مستوى التشغيل وقضايا أخرى، ووجود نخبة حزبية تركز على الاستفادة الخاصة من العمل السياسي، فضلا أنه على سبيل المثال، وفيما يسمى بالإصلاح الجامعي، نرى خفضا في التكوين والتخصص في القانون العام والعلوم السياسية لصالح القانون الخاص، حيث يراد تخريج جيل تقني لا يحلل ولا ينتقد، وهذا أمر سلبي للغاية، يقول الأ ستاذ الجامعي.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.