نقطة نظام حول طريقة تغطية القناة الأولى للمسيرة الوطنية للتضامن مع فلسطين ولبنان!

شهدت العاصمة الرباط يوم الأحد 06 أكتوبر حدثا متميزا تجلى في المسيرة الضخمة الوطنية والشعبية التي جاءت لتؤكد مرة أخرى حجم التضامن الكبير والمتواصل للشعب المغربي بكل أطيافه ومكوناته مع قضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وإدانته المستمرة للعدوان الصهيوني الغاشم ولحرب الإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني النازي وجيشه الوحشي المجرم في فلسطين وفي لبنان.
ولأول مرة، وبعد العديد من المسيرات الوطنية التي نظمت منذ انطلاق طوفان الأقصى المبارك يوم 07 أكتوبر 2023، لوحظ حضور المكونات الثلاث للتلفزيون الرسمي (القناة الأولى، القناة الثانية، ميدي 1)، في الوقت الذي كانت للأسف مغيبة/غائبة عن المسيرات السابقة.
ومع الاستنكار الشديد لهذا التغييب/الغياب غير المقبول وهذا التأخر الكبير عن مواكبة التلفزيون الرسمي الممول من أموال دافعي الضرائب، لمثل هذه الفعاليات الوطنية والشعبية الكبيرة، والذي أدى إلى أن بعض المنظمين والحاضرين استنكروا ذلك على هذه القنوات، بل منهم من كان يرى أن لا تعطى لها التصريحات، وأن “لعندو باب واحدة الله يسدها عليه”، في الوقت الذي رأى فيه البعض أن هذه القنوات هي ملك للمغاربة وأنها وإن أتت متأخرة خير من أن لا تأتي، وأن الانتصار والانتشار يبقى في النهاية ودائما وأبدا للحق وللقضايا العادلة وللإرادة الشعبية ولصوت الشعب مهما طال الزمن.
لكن، بقيت هناك نقطة نظام كبيرة وجب رفعها في وجه القناة الأولى بخصوص طريقة التغطية المعيبة لهذا الحدث المتميز، إذ ومع التنويه من باب الإنصاف إلى أن التقرير الذي خصصته القناة الأولى كان من حيث الشكل طويلا ومفصلا نسبيا، وجاء مباشرة بعد التقرير والحوار الذي خصصته لقرار المحكمة الأوربية، إلا أن الغريب والمثير جدا هو كون القناة الأولى وهي تقدم في البداية عناوين النشرة الرئيسية ليوم الأحد 06 أكتوبر نجدها قد غيبت تماما العنوان البارز والمهم المتعلق بالمسيرة الوطنية حول فلسطين، وقدمت عناوين النشرة الرئيسية على الشكل التالي، إذ يعتقد المتابع أن القناة لن تأتي نهائيا على خبر هذه المسيرة.
حيث ومباشرة بعد العنوان الأول المتعلق بقرار محكمة العدل الأوربية، جاء عنوان ثان عن موسم القنص 2024-2025، ثم عنوان ثالث عن الدورة الخامسة للبطولة الوطنية الاحترافية لكرة القدم، ثم عنوان رابع عن الدورة 15 لمعرض الفرس بالجديدة، دون أن تأتي نهائيا على ذكر المسيرة الوطنية الشعبية للتضامن مع فلسطين ولبنان، وعلى المتابع أن ينتظر، أزيد من نصف ساعة بالتمام والكمال بعد بداية النشرة، لتخبره هذه القناة بأن العاصمة الرباط شهدت مسيرة وطنية للتضامن مع الشعب الفلسطيني وتقدم تقريرا في الموضوع.
إن تغييب القناة الوطنية الأولى للمسيرة الوطنية للتضامن مع فلسطين ولبنان في البداية وضمن عناوين النشرة الرئيسية، مباشرة بعد العنوان المتعلق بقرار المحكمة الأوروبية، يظهر خطأين خطيرين لا يجوز بتاتا لقناة رسمية أن تسقط فيهما.
الخطأ الأول، يرتبط بمدى ارتباط والتزام الخط التحريري للقناة الوطنية الأولى بالخط الرسمي لبلدنا في تعامل المملكة المغربية مع القضية الفلسطينية والمكانة التي يعطيها جلالة الملك رئيس لجنة القدس لفلسطين ولحقوقها غير القابلة للتصرف.
لقد سبق وأكد جلالة الملك في الرسالة التي وجهها إلى الرئيس الفلسطيني في 23 دجنبر 2020: “أن المغرب يضع دائما القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية، وأن عمل المغرب من أجل ترسيخ مغربيتها لن يكون أبدا، لا اليوم ولا في المستقبل، على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل نيل حقوقه المشروعة.”
كما ذكر جلالته بهذا الموقف في آخر خطاب له بمناسبة الذكرى 25 لعيد العرش حيث قال: “إن الاهتمام بالأوضاع الداخلية لبلادنا، لا ينسينا المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني الشقيق.”
والأمر الثاني، يظهر في الحد الأدنى مدى شرود القناة الوطنية الأولى عن الأخبار والأحداث الوطنية، ومدى التزامها بمتابعة الأحداث الوطنية والشعبية التي تهم حقيقة الرأي العام، وهو ما يضطر المواطنين للأسف الشديد أن يبحثوا عن الأخبار والمعطيات من قنوات أجنبية أو عبر الوسائط الجديدة مع ما يترتب عن ذلك من نفور وفقدان المصداقية والثقة في المؤسسات الرسمية.
إن هذه القنوات ملزمة ومجبرة أن تلتزم بموقف المغرب الرسمي والشعبي الثابت من القضية الفلسطينية، والتزامه الدائم والموصول بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، كما أنها ملزمة ومجبرة باحترام القواعد المهنية وبقدسية الخبر، وعليها أن تلتحم مع هموم المواطنين وانشغالاتهم واهتماماتهم إن هي أرادت أن تكتسب احترامهم وثقتهم، وإلا فإنها ستبقى شاردة ومعزولة في وقت تعددت فيه القنوات وأصبحت محاولة التعتيم والتحكم سلاح الضعفاء.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.