ما من شك أن من أدوار المؤسسة التشريعية الديبلوماسية ، وهي وسيلة تمكن من المساهمة والتفاعل في المؤسسات الدولية، وخدمة مصالح الوطن من منظور برلماني يتقاطع مع توجهات البلاد في سياستها الخارجية ولا يعني ذلك أنه يتطابق معها جملة وتفصيلا، لأن الموقع له خصوصياته.
لقد ركز جلالة الملك في خطابه على هذه الأداة ودعا إلى ضرورة استثمارها جيدا في سياق التعبئة الشمولية اللازمة لتنوير الدول التي لم تلتحق بعد بركب الإعترافات بحق المغرب في صحرائه. ولم تفته الإشارة الى ما يتطلبه ذلك من تمكن و دراية لأن الترافع يجب أن يتأسس على دليل حجاجي وليس على العواطف و الضجيج.
و هنا ينتصب السؤال الموجع إلى أي حد تمتلك النخب المنتخبة الحالية الاقتدار الترافعي الحجاجي الذي ينهض بالمهمة المأمولة؟
لا شك أن تأكيد الخطاب الملكي على عنصري الكفاءة والاختصاص في التمثيليات البرلمانية، تشريح لواقع ممارسة دبلوماسية شاردة يعوزها التمكن بالملف الوطني في أبعاده التاريخية والقانونية والسياسية والروحية. وهي عناوين المنهاج التكويني اللازم لكل من انتدب لمهمة تمثيل الأمة.
ففي البعد التاريخي لا مناص من تحصيل الأدلة المؤكدة لصلة الصحراء بالوطن، والدراسات في هذا الصدد عديدة ولعل أقربها و أيسرها ما جمعه الأستاذ عبد الصمد بلكبير من عدة مصادر ودراسات ومقالات في كتاب بعنوان، مغربية الصحراء مقالات مرافعات ووثائق…..و ذلك هو الحد الأدنى الضروري لنائب برلماني، أما من شاء التوسع فالمصنفات عديدة.
أما البعد القانوني فيبدأ من لحظة وضع المغرب لملف الصحراء في اللجنة الرابعة إلى لحظة طلب رأي المحكمة الدولية بلاهاي، إلى الاتفاق الثلاثي القاضي بانسحاب إسبانيا، إلى تطورات الملف وتدخل الجزائر في تأجيج الصراع بدعم البوليساريو عسكريا ومناكفة المغرب في المنتظمات القارية والدولية، وما تلا ذلك من تمظهرات عديدة للصراع، إلى فشل الاستفتاء بسبب رفض تسجيل كل الصحراويبن أبناء المنطقة، إلى مقترح الحكم الذاتي، إلى عودة المغرب للمنتظم الإفريقي، مرورا بالجولات والطاولات، ومقترح الجزائر 2002 المسلم لجيمس بيكير الداعي إلى تقسيم الصحراء بين المغرب والبوليساريو وهو ما يثبت تهافت قولها بتقرير المصير، وطمعها في أرض المغرب، إلى بداية الاعترافات وفتح القنصليات. إنه مسار لا غنى للمنتخب من ضبطه وفهمه.
و في المستوى السياسي لا بد من استحضار كل التحركات والتراكمات الرسمية، وعلى رأسها مقترح الحكم الذاتي الذي شكل ورقة عقلانية لإقناع المجتمع الدولي بجدية المغرب ورفضه أي تفريط في سيادته على ترابه .
أما البعد الروحي فيستدعي ضبط المنطق القانوني الشرعي الذي شكل أساس الرابطة المتينة لأهل الصحراء بإمارة المؤمنين، والامتدادات الروحية داخل القارة الإفريقية.
كل هذه الأبعاد مهمة في تكوين رؤية حجاجية، ولا بد للناهض بهذا العبء التعبوي الذي دعا له جلالة الملك من اقتدار لغوي تواصلي. وهو ما يفرض اشتغالا بمنطق الكفاءة، لا الترضيات، ويفرض العودة إلى مربع الاختيار الديمقراطي الحقيقي بعيدا عن منطق صناعة الولوجيات السياسية المنتجة لنخب ضعيفة، لا تقوى على الفهم بله الفعل الديبلوماسي بتحدياته التواصلية وإشكالاته المتداخلة.
[ After Header ] [ Desktop ]
[ After Header ] [ Desktop ]
رابط المشاركة :
شاهد أيضا