محمد عصام يكتب: تعديل حكومي بنكهة العدم
محمد عصام
إن أهم إنجاز حققته طبخة 8 شتنبر، هو أنها استطاعت أن تقود أغلب المغاربة إلى الارتماء في حضن الشك ورفع منسوب اللاثقة لديهم في السياسة وفي المؤسسات.
وأنا لا أخفي صراحة أني أصابني حظي من هذا المصير، ولهذا لم يعد في المشهد ما يغريني للمتابعة سواء تعلق الأمر بتعديل حكومي كالذي وقع أمس، أو بمشروع قانون المالية المعروض الآن على مسطرة التشريع، أو تعلق الأمر بانعقاد هيئة التحالف..أو غيرها، فلم أعد أنتظر من كل ذلك أي شيء، وبطبيعة الحال لست وحدي من وصل لهذه القناعة، والدليل على ذلك البرود الذي استقبل به المغاربة التعديل الحكومي رغم كل عمليات التسخين والإثارة التي حظي بها ومن مدة طويلة.
ففي التجارب الديمقراطية يكون التعديل جوابا على أسئلة سياسية، يروم تصويب مسار معين، أو إعداد عدة لربح رهان حاسم معين، وفي الحد الأدنى يكون فرصة للتخلص من البروفيلات التي لم تعد صالحة لإتمام المسير.
في حالة حكومة أخنوش، التعديل غلبت عليه الترضيات وإغداق الرضى على الأصحاب وذوي القربى، وغابت الكفاءة أو حتى مجرد التناسب بين القطاع المعني بالتعديل مع مؤهلات الوزراء، كما هو الحال في النموذج الفاقع المتعلق بوزير التربية الوطنية وما أدراك ما التربية الوطنية، حيث تم تسليم زمامها لرجل أعمال يشتغل في قطاع الحلوى وله والعهدة على الرواة عضوية في مجلس إدارة شركة إفريقيا غاز لمالكها عزيز أخنوش رئيس الحكومة بشحمه وعظمه.
وهذه الحالة تنسحب على كثير من الوزراء الذين حملتهم أجنحة القرب من أخنوش أو حرمه لتأثيث المشهد.
وبالمقابل حافظ وزير العدل على مقعده، رغم كل الحرائق التي كان وراءها والتي مازالت مشتعلة في قطاعه، عبر الإضربات المتوالية بدون انقطاع، هذا الوزير المعروف بسلاطة لسانه وبفضائحه التي لا تنقضي، كل المغاربة كانوا يعتبرون مغادرته للحكومة من باب السماء فوقنا، وأنها فقط مسألة وقت ليس إلا، لكن أخنوش ومن يوظفه لهم رأي آخر، وهو ما يعني الإمعان في احتقار المغاربة، وأيضا رسالة مفادها، أن اغضبوا وافعلوا ما شئتم فما عليكم إلا ” تكبوا الما على كروشكم”، ولا يكون إلا ما نريد نحن.
الرسالة فعلا وصلت، لكننا رغم ذلك ندق ناقوس الخطر، ونقول لمن يهمه الأمر، إن هذا العبث لن يجني منه البلد إلا مزيدا من الشك وتكريسا لعدم الثقة، وهذا لعمري هو الخطر بعينه..
وإن كان هناك في هذا البلد من يعتقد أنه قادر على فرض ما يريد وبالشكل الذي يريد، استقواء بانتخابات “مشبوهة” وبترتيبات من وراء حجاب، فإننا نصيحة لله وللمؤمنين نقول له: “ما يدوم غير المعقول” !!!