في لقاء ثقافي مميز نظمته الكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية بمدينة الحسيمة، اجتمع المهتمون بالقضية الفلسطينية لمناقشة كتاب “فلسطين: محطات تاريخية وارتباط المغاربة بها”، بحضور مؤلفه الدكتور محمد المهدي البكدوري.
اللقاء الذي أقيم تحت عنوان “العلاقات المغربية الفلسطينية على مر التاريخ”، السبت 26 أكتوبر 2024، سلط الضوء على الروابط العميقة والمتجذرة التي تربط المغرب بفلسطين، والتي تمتد عبر القرون وتغطي جوانب دينية، ثقافية، ونضالية متعددة.
واستهل البكدوري كلمته بتقديم حول أهمية فلسطين في العقيدة المغربية، مشيرا إلى العادة القديمة التي كانت تدفع المغاربة لزيارة القدس بعد أداء مناسك الحج، كتعبير عن التقدير الخاص للمسجد الأقصى والربط بين الأماكن المقدسة.
وأشار إلى أبرز ملامح تاريخ مشاركة المغاربة في تحرير القدس إلى جانب صلاح الدين الأيوبي، وهي المحطة التي أسفرت عن تخصيص حارة المغاربة لهم في القدس، ليظل الحي شاهدًا على مساهماتهم حتى وقعت عليه الاعتداءات الإسرائيلية بعد احتلال المدينة في 1967.
وتناول البكدوري أيضا زيارة الملك الراحل محمد الخامس للقدس، التي شكلت دعما رسميا إضافيا، ويعبر عن الموقف المغربي الملتزم تجاه القضية الفلسطينية، وهي الرؤية التي استمر الملك محمد السادس في دعمها من خلال لجنة القدس، مما يعزز مكانة المغرب كداعم تاريخي ثابت لفلسطين.
وأبرز اللقاء كذلك الحضور القوي لفلسطين في الأوساط الشعبية المغربية، حيث يعتبر المغرب من أكثر الدول تنظيما للمظاهرات المؤيدة لفلسطين، إذ تتصدر شوارع البلاد مشاهد الأعلام الفلسطينية جنبا إلى جنب مع العلم المغربي، ويحضر هذا التضامن أيضا في التظاهرات الرياضية، حيث قام المنتخب المغربي برفع علم فلسطين في كأس العالم، ما لاقى تفاعلا واسعًا وأظهر عمق المشاعر الشعبية تجاه القضية الفلسطينية.
وفي المجال الثقافي، توقف الكاتب عند الدور الذي لعبه الفن المغربي في دعم القضية الفلسطينية، حيث قدمت فرقة ناس الغيوان أعمالا تساند النضال الفلسطيني وتجعله جزءًا من الوجدان الشعبي، كما امتد الدعم المغربي إلى المشاركة في أسطول الحرية، في محاولة لكسر الحصار على قطاع غزة، وهو ما يعكس حضور القضية في مختلف المجالات المغربية.
شهد اللقاء في ختامه تفاعلا ملحوظا من الحاضرين، حيث طرحوا أسئلة متنوعة حول تعزيز الوعي بالقضية الفلسطينية في الأوساط المغربية وتوثيق الترابط التاريخي بين الشعبين، وقد قدم المهدي الصالحي، الكاتب الإقليمي للحزب، مداخلة استعرض فيها نصوصا تاريخية تُبرز دعم أهل الريف لفلسطين، مشيرا إلى تضحيات أهل المنطقة من أجل القضية الفلسطينية وتأكيدهم على وحدة المصير والإسلامي.
هذا واختُتم اللقاء بتوقيع نسخ من الكتاب، الذي أعلن البكدوري أن ريعه كاملا سيذهب لدعم الشعب الفلسطيني، مما أضفى بعدا إنسانيا إضافيا لهذا الحدث الثقافي وجعل من هذه المبادرة رمزا للتضامن العميق بين الشعبين المغربي والفلسطيني.