محمد عصام
إذا صح الخبر الفضيحة الذي نشرته إحدى الصحف الإلكترونية، حول زيارة سيقوم بها وفد يضم ثمان صحفيين من القطاع العام والخاص للكيان الصهيوني بدعوة من مجرم الحرب “النتن-ياهو”، فإننا بكل تأكيد أمام سابقة خطيرة بكل المقاييس.
إن الإقدام على مثل هذه الخطوة الخطيرة لزيارة كيان غاصب يشن حرب إبادة لم تشهد البشرية لها مثيلا في تاريخها، تعبر عن القاع الذي وصل إليه البعض ممن نتشارك معهم سقف هذا الوطن، وممن يبيعون أنفسهم بأرخص الأثمان، ضدا على قيم الإسلام والعروبة والمصير المشترك، وعلى قيم الإنسانية النبيلة، وهم يضعون بذلك انفسهم في موضع المسائلة الجنائية باعتبارهم شركاء ومتواطئين في جرائم الحرب مع “النازيين الجدد” قتلة الأطفال والنساء والعجزة.
إن الحرب على الحياة وعلى الإنسان التي تدور رحاها اليوم بغزة وفلسطين، والتي لا يمكن وصفها إلا بكونها حرب إبادة شاملة وتطهير عرقي كامل الأوصاف، مكنت من تمييز الصفوف، بين صف من يقف مع الإنسانية والقيم الحضارية النبيلة بغض النظر عن الانتماء والجنس واللون والدين، وخندق الهمجية والبربرية الذي يحاول البعض إخفاء بشاعته بالتضليل الإعلامي والبروباغندا، التي أسقطت عنها هذه الحرب القناع، وجعلتها عارية أمام التاريخ والإنسانية جمعاء.
إن هذه الزيارة الفضيحة إن صحت فإنها من جهة تكشف عمق الاختراق والصهينة الشاملة التي تكتسح المغرب، ويتم فيها الرهان على الإعلام وأدوات الاختراق الناعم من فن وسياحة أو ما يسمى تبادلا ثقافيا، ويكشف من جهة ثانية أن “تيار كلنا إسرائيليون” رغم انكشافه أمام المغاربة، فإنه مصر على أداء مهامه الوظيفية ضمن خطة الصهينة الشاملة، وأن الوقاحة والخسة وصلت به درجة الولوغ في دماء الشهداء من الصبيان والنساء والعجزة الذين تستهدفهم بوحشية آلة الدمار الصهيونية كل يوم، بل في كل لحظة وحين منذ 8 من أكتوبر 2023 وإلى اليوم.
إن هؤلاء الشرذمة الراقصون على جثث وجراح الفلسطينيين لا يمثلون الشعب المغربي الأصيل الذي يخرج باستمرار في مئات المظاهرات والوقفات في كل المدن المغربية للتعبير عن تضامنه مع إخوة الدم والدين والإنسانية بغزة وكل فلسطين. وحاشا أن يكون هؤلاء أبناء وحفدة المجاهدين الذين حرروا هذا البلد من ربقة الاستعمار، ولم تشغلهم مقاومتهم للاستعمار عن فلسطين فساهموا آنذاك في 1948 بما يستطيعون لمساندة إخوانهم، كما أن شهداء المغرب في سيناء والجولان في حرب 1973 ومع الحركات الفدائية الفلسطينية يتبرأون من هذه الشرذمة كما تتبرأ منهم أرض المغرب وسماؤه.
لذا، على الدولة المغربية المعروفة بمواقفها الثابتة الداعمة للقضية الفلسطينية أن تتدخل لتمنع هذه الخطوة الخطيرة وهذا الاستفزاز والتحدي لشعور المغرب والمغاربة.
كما أن على مؤسسات تمثيل الجسم الإعلامي أن تحدد موقفها من مثل هؤلاء بكل قوة ووضوح، وتعلن رفضها لهذه الخطوة الخطيرة، فلم يعد مقبولا منها البقاء في موقع المتفرج والساكت، بل بات مطلوبا فضح هؤلاء وتعريتهم أمام الناس والتاريخ والتبرؤ منهم.