نور الدين: خطاب جلالة الملك ضرب آخر مسمار في نعش من مازال يتوسم انفصال جزء من المغرب عن باقي الوطن
تفاعلا مع الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، قال أحمد نور الدين، الخبير في قضية الصحراء، إن ما ورد في الخطاب بشأن قضيتنا المقدسة، تطرق إلى محطتين وأوصلنا إلى خلاصتين.
وأضاف نور الدين في تصريح لـ pjd.ma، أن المحطة الأولى تجسدت في ترسيخ جلالة الملك للواقع الملموس والحقيقة الساطعة المتمثلة في مغربية الصحراء، وأن هذا واقع وحقيقة لا رجعة فيهما.
واسترسل، ذلك أن هذا الواقع يقوم على الحق التاريخي من حيث أن المنطقة كانت دائما جزءا من المملكة الشريفة، من جهة، وعلى شرعية الانتماء، نظرا للروابط بين القبائل في الجنوب والشمال، من جهة ثانية.
كما تحدث جلالته وأشاد بالتزام أبناء الصحراء بالدفاع عن انتماء آبائهم وأجدادهم ومغربيتهم ووحدة وطنهم، والتزام الدولة بتنمية هذه الأقاليم ونهضتها وتطويرها وأمنها واستقرارها. وهو بكل هذه العناصر، ضرب آخر مسمار في نعش من مازال يتوسم انفصال جزء من المغرب عن باقي الوطن، يؤكد المتحدث ذاته.
وبخصوص المحطة الثانية من الخطاب، يردف نور الدين، فقد توقف جلالته عند ما أسماه بالعالم الآخر، وحسنا فعل، حيث رسم صورة واضحة قوامها أن هناك عالماً حقيقياً وواقعياً يعيشه الناس على الأرض في الصحراء المغربية، وعالماً آخر يعيشه البعض مبني على الأوهام والأطروحات المتجاوزة والأفكار المحنطة.
واسترسل الخبير في قضية الصحراء، أن هذا العالم الثاني المقصود، توقفت عقارب ساعته عند لحظة ما قبل سقوط جدار برلين، ولم ينتبه إلى التطور السياسي لمواقف المنتظم الدولي الداعم للمغرب وشرعية سيادته على الصحراء، ولم ينتبه إلى تفكك الجبهة وظهور تيارات جديدة، وعودة مؤسسيها وعودة الآلاف من ساكنة مخيمات تندوف، ولم ينتبه إلى اندماج أبناء المنطقة في الوطن اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وسياسيا والى اندماجهم في كل مؤسسات ووظائف الدولة، وأيضا لم ينتبه أو لا يريد الانتباه للتطور الذي دخلته المنطقة تنمويا وعلى مستوى البنيات التحتية والفوقية وغيرها.
تتويج لصمود المغرب
من جانب آخر، قال نور الدين إن الخطاب هو تتويج لصمود المغرب لنصف قرن أمام تغول العديد من الفاعلين الدوليين وأمام البترودولار الجزائري والكتلة الشيوعية ما قبل سقوط جدار برلين.
وتابع، كما أن جلالته عرى المبررات التي كان يتحجج بها دعاة الانفصال ومن يقف خلفهم، ومن ذلك الاستفتاء، والذي أعدمته الجزائر وجبهة تندوف لأنهما رفضتا عملية الإحصاء، وهو الشرط المسبق والتوقيفي لإجراء هذه العملية، ولذلك أكدت الأمم المتحدة أن هذا المسلسل حُكم عليه بالإعدام.
واسترسل، كما أشار الخطاب إلى مسألة التقسيم التي عادت إليها الجزائر بعد 22 سنة من مقترح الرئيس الجزائري بوتفليقة المقدم للمبعوث الأممي جيمس بيكر، وهو المقترح الذي رفضه المغرب في حينه برسالة رسمية إلى مجلس الامن.
وانتقد نور الدين في هذا السياق دخول الجارة الشرقية للمغرب كهف البروبغندا والأكاذيب التي خلقتها دون أن تستطيع الخروج منها إلى الآن.
خلاصات هامة
ذكر نور الدين أن الخطاب حمل خلاصتين أساسيتين، الأولى تمثلت في تحميل الأمم المتحدة كامل المسؤولية للقيام بما يلزم من إجراءات لتأكيد العلاقة الشرعية والتاريخية للمغرب بالصحراء، والقطع مع المسلسل السريالي العبثي بشأن القضية، ومنه التقسيم والاستفتاء أو محاولة الإبقاء على الملف كشكل من أشكال الابتزاز أو لعبة في يد البعض للتغطية والإلهاء عن أزماته الداخلية.
وأما الخلاصة الثانية، وفق أحمد نور الدين، فهي رفض الانحرافات القانونية المسجلة، وهي إشارة إلى قرار محكمة العدل الأوروبية وغيره، حيث قال جلالته بأن الشراكات الاقتصادية والمعاهدات والاتفاقيات لن تكون أبدا على حساب مغربية الصحراء، وأن المغرب لن يقبل بأي شراكة لا تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء.
واعتبر نور الدين أن جلالة الملك بهذا الكلام الواضح، وضع حدا بين الجد والهزل، وأنهى المنطقة الرمادية التي كانت تقف فيها بعض الدول الصديقة للمغرب، حيث خيرهم بين الحق والباطل، وأنه لم يعد مقبولا البقاء في “المنزلة بين المنزلتين”.
وكعنوان جامع للخطاب، يقول نور الدين، يمكن أن نقول إننا أمام خطاب “قُضي الأمر الذي فيه تستفتيان”، مما يعني أن المغرب حسم الأمر بشكل نهائي، وأن المدفعية يجب أن تصوب نحو الأمم المتحدة لإغلاق الملف بشكل رسمي.
هذا التوجه، وفق الخبير في قضية الصحراء، يقوم على إنهاء بعثة “المينورسو”، لأنه لم يعد لها ما يبرر وجودها، بعد انهيار المهمتين الوحيدتين التي أنشئت من أجلهما: الاستفتاء ووقف إطلاق النار.
فالاولى قالت عنها الأمم المتحدة في تقرير سنة 2004 استحالة تنظيم الاستفتاء بسبب انسحاب الجبهة الانفصالية من لجان تحديد الهوية.
وأما المهة الثانية فقد انتفت بعد إعلان الجبهة الانفصالية سنة 2020 عن تنصلها رسميا من اتفاق وقف إطلاق النار وعودتها إلى أعمال إرهابية وعسكرية في المنطقة العازلة برعاية ودعم وتأطير عسكري جزائري.
وخلص إلى أن الدور الآن على عاتق وزارة الخارجية، للتحرك داخل اللجنة الرابعة من أجل تعبئة أصدقاء المغرب للتصويت على توصية تعلن أن ساكنة الصحراء قامت فعلا بتقرير مصيرها، وهو ما سيشكل عمليا تجسيدا لما ورد في الخطاب السابق لجلالة الملك في البرلمان بشأن الصحراء، من حيث أن المغرب انتقل من التدبير إلى التغيير، ومن ثم الطي النهائي للنزاع.