[ After Header ] [ Desktop ]

[ After Header ] [ Desktop ]

[ after header ] [ Mobile ]

[ after header ] [ Mobile ]

حميد بحكاك يكتب: نتائج الانتخابات الأمريكية 2024..الدلالات والانتظارات

د. حميد بحكاك


 

في يوم 5 نونبر 2024 توجه أكثر 240 مليون ناخب أمريكي إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للولايات المتحدة الأمريكية وهو الرئيس 47، ويتم الانتخاب الرئاسي عبر اقتراع غير مباشر من خلال اختيار أعضاء المجمع الانتخابي البالغ عددهم 538 نائب، موزعين على الولايات المتحدة الأمريكية بعدد يتناسب مع عدد سكان كل ولاية، وهؤلاء النواب هم من سيختارون الرئيس، والحصول على 270 صوت في المجمع الانتخابي يقود إلى البيت الأبيض، وقد أسفرت هذه الانتخابات عن فوز المرشح الجمهوري “دونالد ترامب” الذي حصل على 312 صوت، وهزيمة مر شحة الحزب الديمقراطي “كمالا هاريس” التي حصلت على 226.
أولا: نتائج الانتخابات
وجاءت نتائج الانتخابات كما يلي1:
312 صوت لترامب (75 764 548 ناخب، بنسبة 50.45 %).
و226 صوت لكمالا هاريس (72 031 187 ناخب، بنسبة 47.96 %).
بالنسبة لانتخاب مجلس الشيوخ: 53 مقعد لترامب و47 مقعد لكمالا، ومجلس الشيوخ الأميركي هو الغرفة العليا في الكونغرس، ويتكون من 100 عضو يعملون لمدة ست سنوات ويجدد الثلث في كل سنتين، ويتم التنافس في هذه الانتخابات على 34 مقعدا من أصل 100.
وبالنسبة لمجلس النواب لازالت عملية الفرز مستمرة، ومجلس النواب الأمريكي هو المجلس الأدنى في الكونجرس، يضم 435 عضوا يمثلون المناطق على أساس عدد السكان، ويجدد كل سنتين فيما يعرف بالانتخابات النصفية.
ثانيا: قراءة في نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية
1- أول ملاحظة يمكن تسجيلها أن هذه النتائج كذَّبت توقعات استطلاعات الرأي، التي كانت تشير إلى تقارب شديد بين المرشحين، فجاءت النتائج مخالفة لهذه الاستطلاعات، إذ هناك فارق كبير بين المرشحين إن على المستوى الفيدرالي أو المجمع الانتخابي، وهو أمر تكرر أكثر من مرة في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية (انتخابات 2016 التي كانت استطلاعات الرأي تعطي الفوز لهيلاري كلينتون وفاز فيها دونالد ترامب).
2 رغم الحملات التي استهدفت المرشح الجمهوري دونالد ترامب، والمتابعات القضائية التي عرفها إلا أنه حقق فوزا، إن على مستوى عدد الأصوات فيدراليا (التصويت الشعبي) وعلى مستوى المجمع الانتخابي بحصوله على 312 صوت وبفارق كبير مع كمالا هاريس التي حصلت على 226 صوت، وكذلك على مستوى مجلس الشيوخ، ويبسط الحزب الجمهوري سيطرته على المحكمة العليا، حيث أغلبية القضاة المحافظين 6 من أصل 9.
3- هزيمة كمالا هاريس يمكن تفسيرها بعدة عوامل، منها العامل الصحي لجو بايدن الذي أثر على أدائه الانتخابي، وتأخر انسحابه من سباق الرئاسة3 ومجيء “كمالا هاريس” كمرشح الضرورة، هذا الترشيح أو التعويض جاء في سياق استثنائي، إذ لم يأت اختيارها كمرشحة وفق المسار الطبيعي لاختيار مرشح الرئاسة داخل الحزب الديمقراطي، بدءا بالانتخابات التمهيدية وانتهاء بالمؤتمر الوطني الذي يصادق على مرشح الرئاسة كما هو معمول به، كما يمكن تفسيرها بعامل الجنس2 ، فلم يسبق لمرشحة أن فازت برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية على مدى تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي وصل عدد رؤسائها إلى 47 .
4- هناك الحرب في غزة التي أثرت على الحزب الديمقراطي داخل الحزب انتخابيا، إذ أن شباب الحزب الديمقراطي يعارضون تقديم المساعدات إلى إسرائيل من قبل بايدن، بالإضافة إلى المظاهرات الشعبية والطلابية في الجامعات المنددة بالجرائم الإسرائيلية وبالإدارة الأمريكية الديمقراطية المؤيدة لإسرائيل، وبالتالي ذهاب كثير من أصوات الناخبين العرب والمسلمين لصالح ترامب في إطار التصويت العقابي كما حدث في ولاية ميشيغان4، حيث تواجد الجالية العربية والمسلمة، أو التصويت على المرشحين الآخرين أو عدم التصويت أصلا كنوع من الاحتجاج.
5- نجاح ترامب يفسر بعدة عوامل، منها أنه يعبر عن النزوع الانعزالي في إطار شعار “أمريكا أولا” والتركيز على مصلحة أمريكا على الصعيد الداخلي وفي مقدمتها التصدي للأزمات الاقتصادية (التضخم، البطالة، الهجرة…)، وجاء هذا النجاح أيضا في سياق المد اليمين المتطرف أو المحافظ أو القومي المتصاعد الذي تعرفه كثير من الدول الغربية في أوروبا وأمريكا اللاتينية وبعض دول العالم، كما أن محاولتي الاغتيال الذي تعرض لهما جعلته في موقف “الضحية المستهدف والمتآمر عليه” من قبل “الدولة العميقة” كما يصرح بذلك في أكثر من مناسبة، بالإضافة إلى المتابعة القضائية والشيطنة الإعلامية من قبل خصومه، كل هذا أكسبه تعاطفا، واستثمر كل هذا في إطار وتسويق “خطاب المظلومية” الذي كان جزءا من حملته الانتخابية ونجح في ذلك لتوافقه مع نظرية المؤامرة التي تشكل عنصرا أساسيا في تفكير اليمين الأمريكي وتفسيره للظواهر والأحداث، وكذلك الطابع المحافظ للحزب الجمهوري الذي يشكل فيه الدين والقيم الأسرية عنصرا أساسيا لدى القاعدة الانتخابية المحافظة والمتدينة من الإنجيليين الأمريكيين يهود ومسيحيين.
6- إعادة انتخاب “دونلاد ترامب” وهو رئيس أمريكي سابق في ولاية ثانية (الأولى كانت في فترة 2016-2020) وأخيرة، وبأرقام متقدمة عن الانتخابات السابقة (2016 و 2020 )، سيؤكد ويعزز صوابية الجمهوريين وأنصار ترامب لسرديتهم وأحقيتهم في الانتخابات السابقة (2020). فهل كان إعادة انتخاب ترامب خوفا من الفوضى والمجهول والتهديد بعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات في حالة فوز كمالا هاريس، يضاف إلى ذلك ما سجله المراقبون من أن هذه الانتخابات وحملتها الانتخابية عرفت انقساما حادا داخل المجتمع الأمريكي، عكسته خطابات العنصرية والسب والكذب والشعبوية والشخصنة، وتبادل الاتهامات، حتى خيل لبعض المحللين أن أمريكا ذاهبة إلى حرب أهلية، كانت أولى إرهاصاتها ما حدث من احتلال البيت الأبيض في 6 يناير 2021 من قبل أنصار ترامب.
7- انتصار ترامب جاء في إطار استثمار ورقة المهاجرين والخطاب العنصري اتجاه المهاجرين وارتباطه بالأزمات الاقتصادية الداخلية (الأمن، البطالة، التضخم) وأن هذه الأزمات سببها هم المهاجرون، وهي لازمة في خطابات أحزاب اليمين، فبالتالي هو انتصار لليمين الأمريكي الذي يجسده ترامب، ويؤكد مركزية الخوف والتخويف من الآخر (المهاجر، العربي، المسلم …) في خطابات اليمين وأدبياته بكل أطيافه.
8- هذا النصر لصالح الحزب الجمهوري، تم حسمه في الولايات المفتاحية السبع التي تحدد من سيفوز، وتسمى الولايات المـتأرجحة، والتي يتغير التصويت فيها أو في بعضها لصالح أحد الحزبين بين كل ولاية، ويبلغ مجموع أصواتها 93 صوتا، موزعة كالتالي: بنسلفانيا (19 صوت) جورجيا (16 صوت) ميشيغان (15 صوت) كارولينا الشمالية (16 صوت) أريزونا (11 صوت) ويسكنسن (10 صوت) نيفادا (6 صوت)، وفي هذه الأخيرة فاز فيها الجمهوري ترامب في هذه الانتخابات، منذ أن فاز فيها الجمهوري جورج بوش الأبن سنة 2004.
ثالثا: تداعيات وانتظارات نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية
بعد إعلان فوز ترامب في هذه الانتخابات، عقد الزعماء الأوروبيون اجتماعا في بودابست للتباحث حول مستقبل أوروبا بعد انتخاب ترامب، وتأثير ذلك على المستوى الدفاعي والعلاقة مع حلف الناتو والحرب في أوكرانيا وعلاقتها مع روسيا، و هل ستكون هذه التغيرات عل حساب أوروبا وأمنها الدفاعي واستقلالها الاستراتيجي، والبحث عن سياسة أمنية دفاعية بعيدا عن المظلة الأمريكية، وعلى مستوى السياسة الاقتصادية والتجارية الحمائية والسياسة الجمركية التي سيطبقها ترامب على الصادرات الأوروبية، كما أن هناك تخوف من انسحاب ترامب من اتفاقية باريس للمناخ، مع تزامن القمة العالمية التاسعة والعشرين COP 29 التي ستنعقد في أذربيجان بتاريخ 11نونبر.
وبالنسبة للشرق الأوسط كإحدى بؤر التوتر العالمية، وعد ترامب بوقف الحرب، إذ طلب من إسرائيل أثناء حملته الانتخابية، بإنهاء “المهمة بسرعة” قبل انتخابه، والمعروف عن ترامب بمعارضته للتدخلات العسكرية الأمريكية في الخارج والانخراط في الحروب أو إشعالها، أما داخليا فيأتي ملف الهجرة وطرد المهاجرين بشكل جماعي إلى دول الجوار وبناء الجدار مع المكسيك كما وعد بذلك ترامب في حملته الانتخابية.
خلاصة:
بانتخاب الرئيس القديم الجديد “دونالد ترامب” وفي انتظار تعيينه لفريقه الحكومي والتنصيب الرسمي للرئيس الأمريكي الجديد (في 20 يناير 2025)، ستتحدد معالم سياساته ومدى التزامه بوعوده الانتخابية، ومنها وقف الحرب في غزة وأوكرانيا، والسياسة الحمائية وآثارها على الاقتصاد الدولي وغيرها، خصوصا أنه يملك أغلبية جمهورية في مجلس الشيوخ تمكنه من تمرير قوانينه وقرارته بسلاسة، وآثار ذلك على النظام الدولي وتحولاته وتحالفاته وأقطابه، فهل نعيش فترة هدوء التي تسبق العاصفة.

*باحث في القانون الدستوري وعلم السياسة (مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية بالرباط)
[email protected]

المراجع:
1 نتائج انتخابات الولايات المتحدة الرئاسية 2024 مباشر
https://www.aljazeera.net/usa-elections-2024/results
2 Présidentielle américaine : le moral en berne des femmes démocrates après la réélection de Donald Trump
Par Corine Lesnes (San Francisco, correspondante), Garance Muñoz (Washington, envoyée spéciale) et Gilles Paris (Washington, envoyé spécial)
https://www.lemonde.fr/international/article/2024/11/10/presidentielle-americaine-le-moral-en-berne-des-femmes-democrates-apres-la-reelection-de-donald-trump_6385707_3210.html

3 François Blanchard : “Si le président s’était retiré plus tôt…”: Nancy Pelosi pointe la responsabilité de Joe Biden après la défaite de Kamala Harris, 09/11/2024
https://www.bfmtv.com/international/amerique-nord/etats-unis/elections-americaines/si-le-president-s-etait-retire-plus-tot-nancy-pelosi-pointe-la-responsabilite-de-joe-biden-apres-la-defaite-de-kamala-harris_AN-202411090160.html

3 Hugues Maillot: Présidentielle américaine : le vote de la communauté arabe, l’autre surprise du succès de Donald Trump
https://www.lefigaro.fr/international/presidentielle-americaine-le-vote-de-la-communaute-arabe-l-autre-surprise-du-succes-de-donald-trump-20241107

4 François Blanchard : “Si le président s’était retiré plus tôt…”: Nancy Pelosi pointe la responsabilité de Joe Biden après la défaite de Kamala Harris, 09/11/2024
https://www.bfmtv.com/international/amerique-nord/etats-unis/elections-americaines/si-le-president-s-etait-retire-plus-tot-nancy-pelosi-pointe-la-responsabilite-de-joe-biden-apres-la-defaite-de-kamala-harris_AN-202411090160.html

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

عاجل

مواعيد الجموع العامة الإقليمية لانتخاب مندوبي المؤتمر الوطني التاسع