أكد خالد السطي، عضو مجلس المستشارين عن نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، عدم استثمار الحكومة لمختلف المؤشرات الاقتصادية والمالية الإيجابية التي يتم في سياقها مناقشة مشروع مالية 2025، بل وفشلها في العديد من الملفات والإصلاحات الهيكلية.
وشدد السطي في كلمة له خلال اجتماع لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بمجلس المستشارين، الأربعاء 21 نونبر2024، أن مشروع قانون المالية لهذه السنة يأتي في سياق إيجابي يتسم بتحسن المؤشرات الاقتصادية والمالية مقارنة مع السنوات الماضية، لاسيما تداعيات جائحة كورونا، ومنها استقرار معدلات النمو عالميا، وانخفاض أسعار المواد الأولية، وتراجع معدلات التضخم وطنيا ودوليا، وارتفاع الصادرات ولاسيما قطاع الفوسفاط، وتحسن قطاع السياحة وتطور المداخيل الجبائية، وتراجع عجز الميزانية.
ونبه السطي إلى أن هذه المؤشرات كان ينبغي استثمارها من خلال مشروع قانون المالية لهذه السنة، ونحن على أبواب نهاية الولاية التشريعية، من أجل الوفاء بما تبقى من التزامات الحكومة التي نالت بموجبها التنصيب البرلماني.
واسترسل، لاسيما ما تعلق بعجز الحكومة عن تحقيق مليون منصب شغل كما وعدت بذلك، بل إن معدلات البطالة قد ارتفعت إلى مستوى غير مسبوق (حوالي 13،6%)، معتبرا أن توجه الآلاف من المستفيدين من برنامج “أوراش” و”فرصة” للمحاكم بعدما أعياهم الاحتجاج إلا دليل على فشل هذين البرنامجين.
وعبر السطي عن أمله في أن تذهب الميزانيات المرصودة للتشغيل والتي قدرت بحوالي 14 مليار درهم إلى مستحقيها، بهدف تقليص نسب البطالة وتوفير الشغل اللائق.
وأردف، كما أنه مازالت فئة من المواطنين تنتظر وفاء الحكومة بالتزامها بصرف دخل شهري أسمته مدخول كرامة، والذي كان مقررا انطلاقته نهاية 2022 (400 درهم لمن تبلغ أعمارهم 65 سنة ليصل 1000 درهم سنة 2026).
والأمر الثالث، بحسب السطي، غياب أية إشارة إلى بعض الملفات المرتبطة بالإصلاحات الهيكلية، خصوصا ملف التقاعد ومدونة الشغل وقانون النقابات المهنية وقانون الانتخابات المهنية المعنية، بما سيمكن من إفراز تمثيلية حقيقية للشغيلة.
وأضاف، أن الأمر الرابع فيكمن في غياب إجراءات عملية لدعم المنتوج الوطني الصناعي والفلاحي والدوائي (حالة معمل الناضور…).
وقال السطي إن تحليل الوضعية الاقتصادية والمالية لبلادنا خلال هذه الفترة يكشف ضعف معدل النمو، حيث بلغ معدل نصف الولاية 2,8% بعدما وعدت الحكومة في برنامجها بإيصاله إلى4%، وتزايد عدد الشركات المفلسة مقابل استقرار عدد الشركات المنشأة بما يناهز 94.000 شركة، حيث بلغ عدد الشركات المفلسة 14.245 خلال سنة 2023 بزيادة سنوية تناهز 15% مقارنة بسنة 2022 (12.397)، وبزيادة 35% مقارنة بسنة 2021 (10.556)، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن تستمر وتيرة إفلاس الشركات في الارتفاع لتصل 14.600 نهاية سنة 2024.
وتابع، من هنا، نتساءل اليوم عما إذا كنا في الطريق الصحيح لبلوغ الدولة الاجتماعية، معتبرا أن “سن إجراءات تدخل في إطار الحماية الاجتماعية، على أهميتها، لا ينبغي اعتباره منتهى الدولة الاجتماعية، خصوصا في ظل ارتفاع معدلات البطالة (13.6 في المائة سنة 2024)، وتآكل الطبقة المتوسطة بسبب استمرار الغلاء الناتج بالأساس عن ارتفاع أسعار المحروقات رغم تراجعها دوليا، وحرمان القطاع الخاص والمتقاعدين من زيادات على غرار موظفي الدولة. بل إننا نتساءل عن إمكانية تحقيق الدولة الاجتماعية في ظل عدم القدرة على تأمين السيادة الغذائية والمائية والدوائية؟”.
ولذلك، يضيف المتحدث ذاته، “فالدولة الاجتماعية ليست شعارا للاستهلاك الإعلامي، بل هي إجراءات ملموسة في قوانين المالية تجد صداها في الواقع المعاش”.
وفي هذا الإطار، دعا السطي إلى مراجعة عتبة الاستهداف / المؤشر والتي حرمت فئات واسعة من الاستفادة من برامج الدعم بعدما استفادت من المنحة الأولى، وحرمت فئات واسعة من الاستفادة من نظام “أمو تضامن” بعدما كانت تستفيد من نظام “راميد”.
ورش الجهوية
وبخصوص تفعيل ورش الجهوية، سجل السطي التأخر الكبير في تنفيذ مقتضيات الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، لاسيما إعداد التصاميم المديرية، وتأخر إعداد برامج التنمية الجهوية رغم أن القانون ينص على وضعها في السنة الأولى من انتداب المجلس والعمل على تتبعها وتحيينها وتقييمها.
وجدد السطي التذكير بأن المدخل الأساسي لتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية يمر عبر دعم ورش الجهوية، مع ما يقتضيه ذلك من توفير الموارد البشرية والإمكانات اللوجستية والمالية؛ والنهوض بدور الجهات والجماعات الترابية الأخرى وجماعاتها باعتبارها الوحدات الأساسية في التنمية المجالية.
وأكد المستشار البرلماني على ضرورة ربط ذلك بوجود نخب محلية تتحلى بالجدية اللازمة وتتمثل مبادئ الحكامة الجيدة التي جاء بها دستور 2011؛ بالإضافة إلى فتح العالم القروي للاستثمار والمبادرة الحرة (ربطه بالصبيب العالي) حتى يساهم في خلق الثروة، لاسيما وأن هناك مؤهلات بشرية.