قصوري: قرار الجنائية الدولية سيلجم ويعزل إسرائيل سياسيا ورمزيا وعلى المغرب أن يستغل الفرصة لوقف التطبيع
قال الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي إدريس قصوري، إن قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال ضد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت، قرار ملزم بالنظر إلى أن مكانة المحكمة الدولية، حيث تتمتع بقيمة كبيرة باعتبار تراتبية المؤسسات الدولية بعد الأمم المتحدة.
وأبرز قصوري في تصريح لpjd.ma، أن المحكمة من الناحية القانونية والقضائية والعدالة تأتي قبل الأمم المتحدة وأيضا على المستوى السياسي ومختلف القضايا.
وبالتالي يؤكد المتحدث ذاته، لها تمثيلية ليست رمزية وإنما قانونية وقضائية على المستوى الدولي، حيث هناك ثقة والتزام أخلاقي ومعنوي للدول بالمحكمة الدولية من حيث قراراتها وحكمها، وأشار إلى أن الدول التي قد ترفض مثل هذا القرار أو هناك فيتو فستسجل السياسي أكثر من القضائي، وبالتالي تكون في موضع حرج ولا أخلاقي، مثل موقف الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن الأخير “فهو لا يُعتد به ولو أن له قوة سياسية على المستوى الأخلاقي في المنظومة الدولية فهو لا يُعتد به”.
قرار حاسم وملزم
إذن يؤكد المحلل السياسي ضمن التصريح ذاته، أن قرار المحكمة حاسم، فأن يكون هناك قرار الإدانة والمتابعة معناه أن المسألة مدروسة وموثقة بالأدلة وبالحجج والإثبات لا خلاف فيها ولا اختلاف ولا رجعة حولها.
وقال إن المنظومة الدولية العقلانية الديمقراطية الانسانية تعي هذه الأمور، وتعي القيمة والقوة الموضوعية والاجرائية في المساطر والمضمون على المستوى القضائي والأخلاقي والقواعد والمبادئ الإنسانية والكونية.
ثم أن هذا القرار يضيف قصوري، جاء في مرحلة توجد فيها الأمم المتحدة في موقع ضعف، مبرزا أنه ربما اليوم هناك شك حول قدرتها في حسم القرارات وحل الأزمات الدولية، مبرزا أن المحكمة الدولية اليوم تتدخل بقرار الإدانة، فهو يقوض ويعزز المواقف داخل الأمم المتحدة ويعزز قرارها، وبالتالي اصطفافها سيكون نحو القضايا العادلة للشعوب من بينها القضية الفلسطينية وغزة بالخصوص، وأيضا يلجم بعض الأطراف للاصطفاف إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني.
عزل إسرائيل
وأيضا يؤكد المحلل السياسي، أن قرار المحكمة قد يدفع بعض الدول إلى مراجعة مواقفها وأن تغير صوتها وفي نفس الوقت يلجم ويعزل إسرائيل سياسيا ورمزيا، مبينا أنه في الغرب لا يؤخذ بالجانب السياسي لأنه جانب المصالح والبراغماتية المأدلج، وبالتالي ليس له اعتبار حتى وإن كان هو المحدد، ولكن الجانب الأخلاقي والإنساني المقرون بالقواعد والأعراف وبمبادئ الدول تكون عنده القوة الرمزية عند بعض القضاء والشعوب بالرغم من تأخره، ولكن حين يأتي يحسم الكثير من الأمور ويقلب المعادلات والموازين يقول قصوري.
وبالتالي يضيف المتحدث، فهذه رسالة من محكمة العدل الدولية وليس من جمعية دولية بسيطة أو من قبيلة سياسية إيديولوجية دينية بمرجعية دينية يختلف حولها أو يتم الشك فيها، فهذه محكمة دولية عندها معاييرها وضوابطها ومبادئها وعليها الإجماع ولا تقول كلمة منحازة أو مائلة كل الميل.
وتابع “حتى وإن لم يتم الاعتقال فاليوم هذه محاكمة رمزية واعتقال رمزي، الآن نتنياهو اعتقل على المستوى الأخلاقي والسياسي، واعتقلت معه إسرائيل والصهيونية، فهي اليوم في قفص الاتهام لأنها مُدانة حتى وإن كانت تلعب ألعابا سياسية ما بين الدول وتسويات معينة، فمجرد تصريح المحكمة وقرارها، فإنه لا يمكن إيقاف أثارها على مستوى الكيان الصهيوني حيث ستردعه ردعا كبيرا وإن استمر في الحرب ليبين أنه متجبر والجبروت سيطغى عليه، وبالتالي رد فعله سيكون أقوى”، معتبرا رد الفعل كالذي يحتضر والذي أصيب بقرطاس في مكمن لا يمكن أن يخرج منه سليما.
على المغرب أن يلتقط الإشارة
كما أن قرار المحكمة يضيف المتحدث ذاته، سيشكل سابقة للآخرين وخاصة المنتظم الدولي العربي والإسلامي الذي هل هو في مستوى أن يلتقط هذه الإشارة وهذا القرار، وأن يزيد في الاصطفاف والتكتل والحشد والتوحيد في الفعل وليس في الشعارات، قبل أن يضيف “ما يؤلمني هو أننا لازلنا في إطار الشعارات وانصر أخاك باللسان وبالكلام، اليوم نريد أفعالا معينة وعلى التنظيمات تطوير مواقفها ومواقعها بشكل معين”.
ويرى المحلل السياسي، أنه بعد قرار المحكمة الجنائية الدولية يجب على المغرب أن يوقف التطبيع وأن يغلق مكتب الإتصال بالرباط، معتبرا هذا القرار هو مبرر كافي وأقوى مما كان عليه في سنة 1999، مشيرا إلى أنه خلال هذه السنة المغرب أغلق مكتب الرباط لأسباب لم تكن قوية مثل الإبادة التي تتعرض لها اليوم غزة ولم يكن قرار محكمة العدل الدولية، فما هو الفرق في القرار السياسي ما بين الأمس واليوم يقول قصوري.
واستدرك قائلا “من يصنع القرار السياسي هل عنده ازدواجية، بل يجب أن يكون القرار السياسي موحد، فظروف اليوم تفرض أن نوقف التطبيع، نقول إن مغرب اليوم ليس مغرب الأمس، مغرب اليوم أقوى على المستوى الخارجي والدبلوماسي والعلاقات الدولية”.
وأضاف أنه في سنة 1999 كانت مرحلة انتقالية وحرجة وكان فيها موقف، لكن اليوم لا يوجد موقف، هناك إشكال كبير، متسائلا ما مدى تمثل العلاقة ما بين نظام معين ومؤسسات بالشعب، لأن الشعب يخرج ويتظاهر ويتضامن، ثم هل اليوم مواقف الدولة المغربية في مستوى مواقف الشعب هناك مسافة بعيدة جدا يقول المتحدث.
كما اعتبر قصوري، أن هذا القرار رسالة إلى الرأي العام الدولي، لأن الصهيونية طغت ونتنياهو زاد في غيه، مبرزا أن هذا القرار دعم كبير للقضية ولرموز القضية وإدانة واعتقال لنتنياهو واعتقال للكيان الصهيوني بكامله.