بووانو يكتب: في موضوع سحب القوانين… الحقيقة الساطعة

قد يكون السجال السياسي بيننا كمعارضة وبين الحكومة مفيدا في الحدود التي تخدم الديمقراطية وتخدم المؤسسات وتخدم الوطن.

ولذلك ننخرط من موقعنا في حزب العدالة والتنمية، في التفاعل مع ما تقوم به الحكومة، إما بالرد أو بالانتقاد أو بالاقتراح، أو بالتوضيح أو بالتكذيب أحيانا، عندما يتعلق الأمر بمحاولات الحكومة ورئيسها استغلال معطيات ما في قالب التدليس.

أما أن تمعن الحكومة عن طريق الناطق الرسمي باسمها، في التدليس وتجعله سياسة عامة تقريبا، لخلط الأوراق وكيل الاتهامات بالباطل، فإننا سنكون مضطرين إلى الرد بطريقة تكشف الحقيقة التي ستحرج الحكومة والناطق الرسمي باسمها، وتجعل صورتهم صغيرة جدا أمام الطبقة السياسية وأمام الرأي العام الوطني وربما الدولي، رغم أن هذا الأمر يمس صورة مؤسسة الحكومة التي هي في نهاية المطاف حكومة بلادنا، ولكن رئيسها والناطق الرسمي باسمها يتحملان المسؤولية لأنهما صاحبا الفعل، أما نحن فأصحاب حقيقة.

مناسبة هذه المقدمة، هي إشهار الناطق الرسمي باسم الحكومة في إحدى جلسات مجلس النواب (25 نونبر 2024)، لوثيقة تعود لحكومة العدالة والتنمية الأولى، تتعلق بسحب عدد من القوانين مباشرة بعد تنصيبها، مدعيا أن سحب القوانين ممارسة عادية وطبيعية، تقوم بها أي حكومة.

طيب، نحن نتفهم لجوء الناطق الرسمي باسم الحكومة إلى هذا المستوى من القفز في الهواء، لمحاولة التغطية على حرج وفضيحة سحب قوانين لها علاقة مباشرة بالريع وبمحاربة الفساد، لأنه أولا لم يوفّ بوعده بإحالتها من جديد في حلة جديدة، وثانيا لأن رائحة الفساد في عهد هذه الحكومة أزكمت الأنفس وبشهادة مؤسسات من مؤسسات الحكامة، ولذلك تعرض رئيسها للهجوم من قبل وزراء في الحكومة وللمقاطعة من طرف برلمانيين حزب رئيس الحكومة.

وأذكر بأن القوانين المسحوبة من طرف حكومة التطبيع مع الفساد، هي مشروع القانون المتعلق بالقانون الجنائي بما يتضمنه من مقتضيات حول الاثراء غير المشروع، ومشروع القانون المتعلق باحتلال الملك العام البحري، ومشروع القانون المتعلق بالمناجم، والقانون المتعلق بالتغطية الصحية للوالدين (لا أريد أن أقول أن من امر بالسحب مسخوط للوالدين).

وعليه فإن الحقيقة المتعلقة بسحب حكومة العدالة والتنمية الأولى برئاسة الأستاذ عبد الإله ابن كيران، تكمن في أمور ربما لا يستوعبها الناطق الرسمي باسم الحكومة، ولها علاقة بسياق السحب، لأنه تم في بداية ممارسة الحكومة آنذاك لمهامها سنة 2012 في إطار الدستور الجديد.

وممارسة المهام الحكومية في إطار الدستور الجديد، تعني من بين ما تعنيه ملاءة النصوص القانونية خاصة التي ما تزال في إحدى مراحل مسطرة التشريع، مع المقتضيات الدستورية الجديدة، وهذا الذي حكم سحب عدد من القوانين في تلك الفترة.

فبعض القوانين ارتقى بها الدستور الجديد إلى مستوى القانون التنظيمي، وبعض القوانين الأخرى، كان لزاما إعادة صياغتها وفق المبادئ الدستورية الجديدة، فلم يكن من سبيل لهذا الأمر سوى سحبها من البرلمان.

لكن ماذا فعلت حكومة الأستاذ بنكيران، بعد السحب؟ إنها لم تدر الرماد في أعين المعارضة وعموم المواطنين بكلام خشبي لا يقنع ولا يغني من التباس، ولم “يخرج” الناطق الرسمي باسمها “عينيه” في الندوات الصحافية لمجلس الحكومة أو في البرلمان ليغطي على السحب تحت عناوين وشعارات فضفاضة ليربح الوقت على أمل أن ينسى الجميع كما يفعل الناطق الرسمي باسم حكومة 8 شتنبر !

ولكي ننهي هذا النقاش أنشر رفقة هذه التدوينة أو المقال أو الإطلالة، بعض الوثائق ذات الصلة بسحب حكومة بنكيران لـ 29 مشروع قانون في بداية توليها لمهامها، ومصير السحب بالتاريخ وبالتفصيل و”بالنقطة والفاصلة”.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.