بوجة : النقاش حول وقف تنفيذ الإعدام يحتاج إلى الرزانة والروية بعيدا عن الشعبوية وتوزيع الاتهامات

اعتبرت ربيعة بوجة، عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أن الموقف الذي عبر عنه بلدنا بالموافقة بالتصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام التي ستنعقد يوم 15 دجنبر الجاري، لم يأت بجديد بالنظر لواقع الممارسة القضائية العملية في بلادنا “بل هو في تقديرنا إقرار لهذه الممارسة حيث أنه لم يتم تنفيذ أي حكم بعقوبة الإعدام منذ 1993.
وأوضحت بوجة في تصريح لـpjd.ma، أنه اليوم نحن أمام 88 حالة محكوم عليها بعقوبة الإعدام ولم تنفذ، ولكن في نفس الوقت هذا ليس معناه إلغاء لعقوبة الإعدام.
وأكدت البرلمانية ذاتها، أن بلدنا بقدر انفتاحه على الآليات الأممية والتزامه بالاتفاقيات الدولية بقدر حرصه في المقابل على احترام ثوابت الأمة والمرجعية الدينية للدولة المغربية، وهو ما يفسر تصويته بالامتناع طيلة هذه السنوات الأخيرة على إلغاء عقوبة الإعدام مع محاولات التقليص الآنفة الذكر.
وقالت “نحن في حزب العدالة والتنمية نؤكد على موقفنا المبدئي والثابت من عقوبة الإعدام في الجرائم الأشد خطورة والمتعلقة بالقتل العمد والاعتداء على الحق في الحياة والتي تكمن في القصاص المنصوص عليه في القرآن الكريم، لما يحققه من شعور بالإنصاف للمجتمع ولذوي حقوق ضحايا الجرائم الأشد خطورة التي تهز الرأي العام وتصدم الشعور الجماعي وهو ما تسهم هذه العقوبة في تهدئه فضلا عن الوظيفة الردعية التي تحققها”.
وتابعت “إنه لا بد أن نقر بأن بلدنا اليوم أمام استئناف نقاش مجتمعي كبير بدأ في مرحلة سابقة ويجب علينا اليوم أن نستأنفه اليوم من حيث انتهى لا أن نقفز به إلى الأمام وأن نسوق للخطوة الحالية لبلدنا الرامية إلى التصويت على إيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام وكأنها إلغاء لهذه العقوبة”.
وشددت على أن الحق في الحياة حق مكفول سواء بالشرائع السماوية أو بالقوانين الوضعية بما يكفل العدل والإنصاف بين الجاني والمجني عليه، مبينة أن الجاني المتعمد يجد نفسه أمام حكم بالإعدام وهو يعي تمام الوعي الجرم الذي اقترفه والذي بموجبه سيحكم عليه، في حين أن المجني عليه يتعرض للإعدام من طرف الجاني ويسلب منه الحق في الحياة دون سابق إنذار مع ما يخلفه ذلك الجرم لدى ذويه وأهله والمجتمع من صدمة وروع ورغبة في الثأر والانتقام، وهذا ما جعل الشريعة الإسلامية تنص على القصاص من خلال نص القرآن الكريم من أجل إحقاق الحق والعدل والإنصاف وتفادي انتشار الجريمة والجريمة المضادة تقول بوجة.
وترى عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أن المدخل الرئيسي لتأطير هذا النقاش حول الإبقاء أو إيقاف أو إلغاء عقوبة الإعدام ببلدنا هو المدخل التشريعي، “بدل أن نغرق ساحة النقاش بالفرقعات الإعلامية ونوزع الاتهامات بتسييس ملف حقوق الإنسان واستعمال الشعبوية من خلال التصريحات الصحفية هنا وهناك وإيهام الرأي العام وكأن المغرب ألغى كليا عقوبة الإعدام في محاولة تمهد لما قد يأتي متضمنا في مشروع القانون الجنائي الذي لا نعلم متى سيأتي”.
واسترسلت “نقدر أن المرحلة دقيقة والموضوع حساس جدا ويحتاج إلى نوع من الرزانة والروية والتؤدة وتوسيع مساحة النقاش الهادئ والهادف بعيدا عن الأجندات الخارجية والذي يراعي موقعنا في المنتظم الدولي الحقوقي ويراعي كذلك ثوابت الأمة المغربية”.
وذكرت البرلمانية ذاتها، أن الجميع يعلم الجهود التي تبذلها بلادنا من أجل الانخراط الفعلي في المنظومة الحقوقية الأممية من خلال إعمال الآليات الأممية لحقوق الإنسان خاصة التوصيات الصادرة عن اللجنة المعنية بالعهد الدولي لحقوق الإنسان ولجنة مناهضة التعذيب وآلية الاستعراض الدوري الشامل.
وأشارت في هذا الصدد، إلى الإجراءات الكبيرة التي قام بها المغرب من أجل التقليص من نسب الجرائم التي تحكم بعقوبة الإعدام منذ سنه 2013 من خلال مشروع القانون رقم 16 – 10 الذي يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي الذي سبق وعرضته حكومة الأستاذ عبد الإله بن كيران والذي جاء بمقترح التقليص من 36 جريمة موجبة لحكم الإعدام إلى 11 جريمة الأشد خطورة، “إلا أنه للأسف تمت عرقلته وسحبته الحكومة الحالية في بداية ولايتها ولم تأت به إلى الآن”.
كما أشارت إلى القانون رقم 13-108 المتعلق بالقضاء العسكري الذي تم التصويت عليه خلال حكومة العدالة والتنمية، وتم تقليص الجرائم الموجبة لحكم الإعدام به من 16 جريمة إلى 5 جرائم فقط، بالإضافة إلى جريمة واحدة من هذا الصنف واردة في قانون زجر الجرائم الماسة بالصحة العامة الموجود بالقانون الجنائي.
إلى ذلك ذكّرت بوجة بالإجراءات التي وردت في مشروع القانون الجنائي والقانون العسكري سابقا والتي ترمي إلى تقييد حالات الحكم بالإعدام، من بينها التنصيص على أن يكون الحكم بالإعدام بإجماع الهيئة القضائية المكلفة بالبث في القضية وعدم وجود رأي مخالف للقرار مع التوقيع على محضر مكتوب، وأن توفر شروط وضمانات المحاكمة العادلة.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.