[ After Header ] [ Desktop ]

[ After Header ] [ Desktop ]

[ after header ] [ Mobile ]

[ after header ] [ Mobile ]

البردعي تكتب: عندما تتحول الجلسة الشهرية لفرصة للدفاع عن المصالح الشخصية

سلوى البردعي


عاش مجلس النواب يوم الاثنين 16 دجنبر 2024، واقعة غير مسبوقة في التاريخ السياسي الوطني، عندما خصص رئيس الحكومة جزءا من تعقيبه على مداخلات أعضاء المجلس، بمناسبة الجلسة الشهرية، للاعتراف بنيل إحدى شركاته لصفقة عمومية، في مخالفة صريحة للمقتضيات الدستورية المتعلقة بتنازع المصالح.
لقد نهج رئيس الحكومة أسلوب تمرير المغالطات للمغاربة وفق مقولة “نكذب ونكذب حتى يصدقونني”، وهذا يعني عنده أن تضارب المصالح قد أضحى انجازا حصريا لحكومته، وعندما يكون الإصرار على الكذب “عيني فعينك” كما يقول المغاربة، ومعه الإصرار على إنكار منجزات الحكومات السابقة “بوجه قاصح”، فان ذلك شهادة موثقة على محاولة تزوير التاريخ مع سبق الإصرار والترصد وبإرادة قوية، رغم وجود كل قرائن تفند ادعاءاته.
لكن الكذب لا يمكن أن يكون إلا على الأموات، أما على الأحياء، فلا يمكن أن يصدقه إلا من اعماه الجهل والمصلحة الضيقة، أما عن المغاربة الذين اكتووا بنار انجازات الحكومة الوهمية، فلا يمكن اقناعهم مهما بُذل من مجهود في شراء الصحافة وإسكات الأصوات الحرة، ومهما تم تسخيره من نفوذ.
عندما تتحول الجلسة العمومية إلى حلبة سرك، يسمح فيها بتناول الكلمة لنواب الاغلبية، فقط دون باقي الاطياف من المعارضة، فاعلم أن هذه المؤسسة الدستورية قد أصبحت عرضة للنيل من تاريخها واستقلاليتها، والمس بسمعتها بوجود نفس اللون على رأسها، وعلى رأس، فمن أين سنرى استقلالية السلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية؟
ففي جلسة الأسئلة الشهرية التي ينتظر المغاربة فيها الاجابة عن أسئلة السياسات العامة التي تطرحها الفرق والمجموعة، دون قيد ولا شرط، يحضر السيد رئيس الحكومة كعادته ليتلو ما كتب له، كإجابة عن سؤال طرحته الاغلبية أو طلبه، فأين هي أسئلة المعارضة؟ الا يفترض أن تكون لهم اسئلة حول السياسات العامة، أم أن مصادرة حقها الدستوري بات أمرا عاديا ومألوفا، كما هو تضارب المصالح عند رئيس الحكومة؟
وحتى مداخلات الفرق والمجموعة، ينتظر منها السيد رئيس الحكومة أن تكون على المقاس، لأن صدره يضيق بالنقد وبمواجهته بالحقائق، فلا يجد إلا استعمال اسلوب رد يفتقر إلى الحجج والدلائل للإقناع، ويذهب إلى حد التقليل من قدر المتدخل بشتى العبارات.
المهم عنده إما أن تقول ما يرضيني وتطبل وتهلل، أو “انت ما فاهم والو ما عارف والو”، عبارات تعود رئيس الحكومة توجيهها لكل من تضمن تعقيبه موقفا وأفكارا لا ترضي أهواءه وتزكي إنجازاته المزعومة.
إن ما مر بجلسة 16 دجنبر من استغلال لمنبر مؤسسة دستورية لها هيبتها ومكانتها، لتمرير مغالطات من طرف رئيس الحكومة للمغاربة، والاصرار على “زيرو” إنجازات للحكومات السابقة في مجال الحماية الاجتماعية مع انكار وجود قوانين ومراسيم جاهزة، واعترافه بالاستفادة من صفقات عمومية، هو انزياح عن الدستور، وعن روح المسؤولية السياسية، التي يفترض أن يتحلى بها رئيس الحكومة تجاه الدولة وتجاه المؤسسة التشريعية.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

عاجل

مواعيد الجموع العامة الإقليمية لانتخاب مندوبي المؤتمر الوطني التاسع