قال خالد الصمدي، كاتب الدولة السابق المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي، إن النقاش العمومي الذي جرى عقب صدور التوجهات العامة لإصلاح منظومة الأسرة، عكس جوا من القلق في ظل تواصل غير كاف من طرف الحكومة والجهات المخولة قانونا بالحديث عن تفاصيل التعديلات ومسوغاتها الشرعية والقانونية والاجتماعية.
وأوضح الصمدي لـ pjd.ma، أن هذه الوضع برزت معه الحاجة الماسة إلى أن يؤطر النقاش العمومي بشكل مؤسساتي ينور الرأي العام بالمعطيات والتفسيرات اللازمة، التي تخلق الطمأنينة لدى المواطنين على مستقبلهم ومستقبل علاقتهم الأسرية والاجتماعية، وتوعيتهم بحقوقهم وواجباتهم فيها.
واسترسل، وفي سياق مأسسة الإجراءات المواكبة لهذا الاصلاح الوطني الكبير، والحرص على التنزيل السليم لمقتضياته، نصت التعديلات المقترحة للمدونة على إحداث مؤسسة الوساطة الأسرية كمؤسسة غير قضائية وإخراجها الى حيز الوجود بموجب نص تنظيمي.
وأردف الصمدي، كما أمر بلاغ الديوان الملكي بتأسيس خلية دائمة لدى المجلس العلمي الأعلى لمواصلة الاجتهاد في قضايا الأسرة ومواكبة التشريعات ذات الصلة بها، وهذه كلها إجراءات جديدة لمواكبة الإصلاح.
ونبه المسؤول الحكومي السابق، إلى أن دستور 2011 كان قد أولى أهمية كبرى للأسرة والطفولة، باعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع ونواته الصلبة، فحدد في المادة 32 تعريفها وقواعدها غير القابلة للتصرف، وأمر في المادة 162 منه بإحداث هيئة دستورية تحت اسم “المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة” وحدد مهامه.
وقال الصمدي، إنه كان قد اشتغل طيلة سنة 2015 في فريق عمل للخبراء أحدثته وزارة التضامن الأسرة والشؤون الاجتماعية التي كانت تتولى حقيبتها الوزيرة بسيمة الحقاوي لإعداد مشروع القانون التنظيمي لهذا المجلس، وقام هذا الفريق بمشاورات موسعة مع مختلف المؤسسات المعنية والخبراء والفاعلين، خاصة في تحديد صلاحيات هذا المجلس الدستوري وتركيبته وآليات اشتغاله.
وأضاف، حيث تم إعداد هذا المشروع الذي عرضته الحكومة على مسطرة المصادقة من المجلس الوزاري إلى البرلمان بغرفتيه حيث تم مناقشة تفاصيله والمصادقة عليه، ونشر بموجب ظهير شريف في الجريدة الرسمية تحت عدد 192-16-1 بتاريخ 20 يوليوز 2016، وهي الفترة التي سبقت الانتخابات ببضعة أسابيع فلم تخرج هذه المؤسسة إلى حيز الوجود إلى اليوم.
وزاد، أعتقد أن مناسبة الحديث عن الاجراءات المواكبة لإصلاح المدونة كما تحدث عنها بلاغ الديوان الملكي، يجعل من إخراج هذا المجلس الدستوري إلى حيز الوجود أمرا غاية في الأهمية ليقوم بأدواره الموكولة إليه بموجب القانون، والمتمثلة في مواكبة المخططات الوطنية ذات الصلة بمجال اختصاصه، وتأطير النقاش العمومي في الموضوع والارتقاء به، وإنجاز الدراسات والأبحاث العلمية الميدانية المواكبة والمختصة وإعلام نتائجها للرأي العام، واستثمار آراء الخبراء بتنوع اختصاصاتهم وتعدد زوايا نظرهم للموضوع.
وذكر الصمدي أن هذا الورش الوطني الذي يمس كل بيت مغربي يحتاج إلى عمل مؤسساتي متين ومسؤول، يخرجه من التجاذب العاطفي إلى ساحة الشرع والعقل والعلم، بما يسهم في حماية ثوابت الأسرة والأمة المغربية، ويضمن النجاح للسياسات العمومية المواكبة لها وضمان استدامتها، فالإصلاح يتجاوز التعديل إلى التفعيل والتنزيل.
رابط المشاركة :
شاهد أيضا