[ After Header ] [ Desktop ]

[ After Header ] [ Desktop ]

[ after header ] [ Mobile ]

[ after header ] [ Mobile ]

الصمدي يكتب: هل يخطئ إصلاح المدونة الموعد؟

رغم أن التعديلات المعلن عنها لحد الساعة لا تمس بنص قطعي من الشريعة، وهو ما تم تثمينه في الغالب بمستويات مختلفة مع بعض التحفظات والتوجسات التي خلقها ضعف التواصل، إلا أنه بتدقيق النظر في المضمون والجوهر يتضح مع مرور الوقت أن هذه التعديلات المقترحة المعلن عنها والتي عرضها وزير العدل بطريقته الكاريكاتورية حيث يبدو أنها صادفت في نفسه هوى إيديولوجيا فانتشى لها وطرب، أكثر من الإصلاح الذي كلف به.
يتضح أن هذه التعديلات المقترحة لم تمس الاشكاليات الجوهرية والحقيقية التي تعاني منها مؤسسة الأسرة، والتي نتجت عن التنزيل غير السليم لمقتضيات المدونة، وهو الغاية من فتح ورش تعديلها حسب منطوق الرسالة الملكية المؤطرة لإصلاح هذا الورش، وإليكم الخلاصات:
– فتعديد الزوجات بالتقييدات الحالية لا يشكل إلا 0.6 بالمالة من حالات الزواج ، إذن فهو قضية هامشية في الاصلاح، خاصة بعد استمرار العمل بتقدير القاضي.
– وزواج القاصر المعمول به بموجب التقدير القضائي أرقامه بدوره ضعيفة لم تتجاوز 4.8 بالمائة من طلبات الزواج، وعوض تدقيق الشروط تم اللجوء إلى تقليص السن مع استمرار العمل بالسلطة التقديرية القاضي وهو ما يتوقع أن لا يؤثر على النسبة بقدر ما سيرفعها.
– أما إيقاف بيت الزوجية عن الادراج في الميراث بشكل مؤقت، فلا يعني إلا حالة واحدة من الأسر دون غيرها، وهي حالة الأسرة التي تضم الزوجة والبنات فقط، دون وجود ولد ذكر، فإذا وجد حل الإشكال عن طريق الميراث بالتعصيب، ونسبة هذه الأسر قليل، وكان بالإمكان أن تقدر بقدرها وتعالج عن طريق إلزام الورثة العصبة بنفقتهم عن طريق صندوق خاص تحت مراقبة القضاء.
– أما تثمين العمل المنزلي فيعني المرأة غير العاملة المتفرغة للبيت وهذا من واجب الدولة وذلك بالاستجابة لمطلب قديم يتمثل في الاعتراف بالعمل المنزلي وإدراجه في البطاقة الوطنية (ربة بيت) عوض (بدون) مع إقرار تعويض لربات البيوت كما هو معمول به في عدد من الدول التي تمنح التعويضات العائلية للمرأة المتفرغة لعمل البيت ، وذلك إلى جانب النفقة على الأسرة الواجبة على الزوج، وعوض أن يتم الاستجابة لهذا المطلب وحسمه رمي به إلى المدونة، لتسميم العلاقات الاسرية بإقحامه في الاصلاح مع العلم بصعوبة تنزيله.
– أما تدبير الممتلكات الخاصة أو المشتركة بين الزوجين فيتم بموجب عقود خاصة كما تنص على ذلك المدونة الحالية ، ولا مجال لإقحامها في عقد الزواج لأنه لا يعني جميع الأسر.
– أما زواج مغربي ومغربية في منطقة نائية من العالم بدون حضور شاهدين مسلمين عند تعذر وجودهما فهو إشكال نادر الحدوث والضرورة فيه إن حصلت تقدر بقدرها، والغريب أن اللجنة المكلفة ببلورة مقترحات الإصلاح لم تجد في الاشكاليات التي تعاني منها الأسرة المغربية المسلمة في المهجر الا هذه الجزئية التي لا تعني إلا نادر النادر، وكأن الأسرة المغربية في الغرب لا تعاني من إشكالات أعمق قانونية وتربوية ودينية ومالية وغيرها من الإشكالات الكبرى التي تعيشها، والتي لم تأخذها هذه اللجنة بعين الاعتبار.
– أما الوصية في المال بين الزوجين المختلفين في الدين فلم تكن مطروحة بصفة نهائية، لأنها جائزة شرعا ومعمول بها ولم تطرح أي إشكال حتى يثار حولها نقاش، والوصية والهبة هي الحل الذي يلجأ إليه الزوجان، وهما يعلمان عند قرار زواجهما رغم اختلافهما في الدين أن التوارث بينهما مخالف لنظام الإرث، ليس فقط في الشريعة الإسلامية بل في المسيحية واليهودية أيضا.
قد يكون للقضية النسب وتدبير آثار الطلاق المتعلقة بقضيتي الحضانة والولاية أهمية معينة تستحق ما قدم بشأنها من تعديلات، لكن اللجنة عومتها وسط تعديلات تمس الشكل والمظهر ولا تنفذ إلى العمق والجوهر.
وفي انتظار باقي التعديلات الجزئية التي لم يعلن عنها بعد، فإن هذه التعديلات المعلن عنها وما أثير حولها من نقاش عمومي مفتوح في ظل حالة الابهام والغموض يمكن أن نقول إنها لم ترق إلى المنتظر، وقد تفقد هذا الورش وهجه وتضع أكثر من علامة استفهام حول الرهانات المعقودة عليه.
بل إن بعض هذه التعديلات المقترحة يمكن في حالة عدم الأجرأة السليمة لمقتضياتها أن تعمق المشاكل داخل الأسرة أكثر مما تحلها، في الوقت الذي كان ينتظر من التعديل أن يتجاوزها لدعم استمرار الاسرة واستقرارها، وليس تلغيمها بإشكالات جديدة هي في غنى عنها.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

عاجل

مواعيد الجموع العامة الإقليمية لانتخاب مندوبي المؤتمر الوطني التاسع