نزار خيرون
في خروج أخير، اعترف أوجار القيادي في الحزب الذي يترأس الحكومة بكون وزراء هذه الأخيرة لا يتواصلون، وتجلَّى ذلك ضمنيا في دعوته لهم بالنزول إلى الشارع والظهور في التلفزيون وعقد التجمعات للشرح والتوضيح، وهي الدعوة التي لطالما رفعها حزب العدالة والتنمية في وجه هذه الحكومة ولكنها قُوبلت بكونها مُزايدة من حزب كان يترأس الحكومة طمعاً في العودة إليها.
كما اعترف أوجار بعظمة لسانه أن الأسواق تعرف غلاءً واستنكر إنه من غير المعقول أن يصل سعر اللحم إلى 120 درهما للكيلوغرام، أو أن تصل أسعار الدجاج إلى مستويات قياسية، واصفاً كل هذا بأنه غير مقبول نهائياً، وإن حمّل المسؤولية لمن سماهم بالنخبة الاقتصادية لكونها لا تتحمل مسؤوليتها كبرجوازية وطنية، إلا أن هذا الاعتراف مهم ويُظهر حقيقة ما كانت المعارضة تنادي به ولا سيما حزب العدالة والتنمية والذي اتهم أنه يمارس المزايدات وقتها.
اليوم وقد شهد شاهد من أهل “التجمع” فهل أوجار أيضاً يُمارس المزايدات على الحزب الذي ينتمي إليه؟ أم أنه له حسابات مع عزيز أخنوش هو الآخر؟ شخصيا أستبعد هذا وتلك وأعتبر أنا ما صدر عن أوجار جاء بغرض التنفيس عن هذا الحزب الذي حشر نفسه في الزاوية ووجد نفسه مُحاصراً أمام أنين المواطنين واحتجاجاتهم وصرخاتهم بغلاء المعيشة وبالسياسة اللاتواصلية لهذه الحكومة والتي لا تعير للمواطنين أي اهتمام، حكومة غارقة في تضارب المصالح وصم الآذان.
إن ما نادى به أوجار هو نفسه ما كانت تدندن حوله معارضة العدالة والتنمية اذ قامت على أن الحكومة ينبغي ان تنتبه لما يصدر عنها وتعير أهمية وأولوية قُصوى للتواصل مع الناس وشرح القرارات لا أن تجلس في برجها العاجي وتطل منه بين الفينة والأخرى دون أدنى مراعاة للذين يقبعون تحته، ويُظهر جليا أن المُعارضة التي يقوم بها حزب العدالة والتنمية معارضة مسؤولة قائمة على التنبيه والتصحيح لما فيه مصلحة الوطن أولاً وأخيراً وليست معارضة الحسابات السياسية الضيقة ولا كونها مارست المزايدات على أي كان.
إن ما تحدث عنه أوجـار وهو القيادي في الحزب الذي يترأس الحكومة يجعلنا أمام حقيقة هذه الحكومة الغائبة تماما عن احتياجات الشعب، فما موقع حكومة أخنوش من كل هذه الكوارث والأزمات المتتالية؟، سيما مع موجة الغلاء التي طالت؟ مع الأسف الشديد ليست النخبة الاقتصادية وحدها من تتحمل المسؤولية إنما الحكومة تتحمل مسؤولية عظمى وكبرى في كل ما نشاهده من غلاء ومن تجرؤ لهاته الطبقة على الاحتكار ورفع الأثمان بدون أسباب، إذ أن الحكومة لا يظهر لها أثر ولا وجود لها ولا تبذل جهدا يُذكر في مراقبة الأسواق وزجر المحتكرين والضرب بيد من حديد على كل من يقوم بممارسات غير مشروعة، سيما المضاربين وأصحاب الشركات الكبرى المتحكمة في السوق التي ترفع الأثمان وتسعر نار الغلاء، فإذا كان للحكومة وجودٌ وتدخلات في هذا الصدد لما استمرت هذه الموجة المُغرقة لجيوب العباد في الاستنزاف بدون وجه حق ولما طالت غمة الغلاء والاحتكار والمضاربة.
في السابق كان لنا وزراء يخرجون للتواصل مع الرأي العام بمناسبة أو بدون، من موقعهم الحكومي او من موقعهم الحزبي، وكان كلما تجرأت شركة ما على التهديد بالزيادة في الأسعار يخرج وزير ليعلن تصديه للممارسة غير المشروعة، وبذلك كانت الحكومة تضبط الأسواق وتراقبها عن كثب ولا تترك مجالاً لأية ممارسة من هذا القبيل، أما اليوم فهناك شركات كثيرة ومقاولات عدة ضاعفت أثمان المواد الغذائية بل وصلت بعض المنتوجات لمستويات قياسية غير مسبوقة، كل هذا لأنهم يرون أن الحكومة لا تحرك ساكناً ووجدوا فيها الظل الظليل والسرير الوتير وبالتالي فإنهم يفعلون ما يشاؤون.