مدونة الأسرة.. العدالة والتنمية يدعو إلى حذف المقترحات التي خلفت مخاوف حقيقية لدى المجتمع ولا فائدة ترجى منها
قال حزب العدالة والتنمية، إن العديد من التعديلات التي تمت في مدونة الأسرة “تثير الكثير من المخاوف الكبيرة”، مؤكدا أن الآثار الوخيمة لها، ستؤدي حتما إلى المزيد من تفاقم العزوف عن الزواج بالنظر لتطويق الشباب بشروط لا قبل لهم بها، وزيادة حالات الطلاق والتفكك واللاإستقرار الأسري، وهو ما يهدد المجتمع برمته لما سيترتب عنه من كلفة اجتماعية وسياسية واقتصادية.
ودعا الحزب في مذكرته حول المقترحات المعلنة لمراجعة مدونة الأسرة التي أعلن عنها أمس الأحد، إلى حذف ما ينبغي حذفه من الآن من مقترحات “خلفت مخاوف حقيقية لدى المجتمع ولا فائدة ترجى منها”، مشددا على تدقيق وضبط باقي المقترحات.
عدم مراعاة مصلحة الأطراف
ومن بين الملاحظات العامة التي أثارتها مذكرة الحزب، عدم مراعاة مصلحة كل الأطراف المكونة للأسرة والتوازن المطلوب بينها، وعدم الاقتصار على المقتضيات المعنية بالإصلاح كما وردت في خطاب جلالة الملك بمناسبة عيد العرش لسنة 2022، والرسالة التي وجهها جلالته لرئيس الحكومة في 26 شتنبر 2023.
وأبرز الحزب في مذكرته، أن الخطاب الملكي بخصوص المقتضيات المعنية بالمراجعة نص على أنه:”…يتعين تجاوز الاختلالات والسلبيات، التي أبانت عنها التجربة، ومراجعة بعض البنود، التي تم الانحراف بها عن أهدافها، إذا اقتضى الحال ذلك.”، كما نصت الرسالة الملكية على أنه “…ورغم ما جسدته من مميزات، وما أفرزته من دينامية تغيير إيجابي، من خلال منظورها للمساواة والتوازن الأسري، وما أتاحته من تقدم اجتماعي كبير”.
واعتبر أن مدونة الأسرة “أضحت اليوم في حاجة إلى إعادة النظر بهدف تجاوز بعض العيوب والاختلالات، التي ظهرت عند تطبيقها القضائي، ومواءمة مقتضياتها مع تطور المجتمع المغربي ومتطلبات التنمية المستدامة، وتأمين انسجامها مع التقدم الحاصل في تشريعنا ..”، وأبرز أن التأهيل المنشود، “يجب أن يقتصر على إصلاح الاختلالات التي أظهرها تطبيقها القضائي على مدى حوالي عشرين سنة، وعلى تعديل المقتضيات التي أصبحت متجاوزة بفعل تطور المجتمع المغربي والقوانين الوطنية..”.
إقحام القانون في تفاصيل الأسرة
ومن بين الملاحظات التي أثارتها مذكرة الحزب، الإصرار في العديد من المقترحات المقدمة على إضفاء الطابع الإجباري على ما كان في السابق متروكا لسلطان الإرادة لدى أطراف عقد الزواج، وإقحام القانون في كل تفاصيل الأسرة دون مراعاة أن الأمر يتعلق بفضاء “له خصوصية وحميمية ينبغي احترامها وعدم الاعتداء عليها بمنطق تقنين كل التفاصيل”، كما هو الأمر بالنسبة لمقترح تدبير الأموال المكتسبة خلال فترة الزوجية، أو إجبارية استطلاع رأْي الزوجة أثناء تَوثيق عقد الزواج، حول اشتراطها عدم التزوج عليها، من عدمه، حيث وفي كلتا الحالتين يوجد في المدونة الحالية ما يسمح بمعالجتهما، دونما الحاجة إلى الإجبار والتقنين، وتجاوز الفضاء الخاص للزوجية.
واعتبرت مذكرة حزب العدالة ولتنمية، أن هذه المراجعة كان من المفروض أن تسعى إلى تجاوز بعض العيوب والاختلالات التي أظهرها التطبيق القضائي لمدونة الاسرة الحالية، غير أن بعض مقترحاتها تفرض قيودا جديدة وتحدث من الإشكاليات التي لا شك أنها ستعقد أكثر من السابق تطبيقها قضائيا، وستؤدي حتما إلى مزيد من النزاعات المعقدة والتي ستثقل كاهل الأسر والجسم القضائي.
واستشهد في هذا الصدد، بتقييم عمل الزوجة داخل المنزل، والديون المشتركة، وإيقاف بيت الزوجية والنيابة القانونية المشتركة وغيرها، مشيرا إلى أن هذا الأمر نبه إليه بلاغ الديوان الملكي على إثر جلسة العمل حيث وجه جلالة الملك الحكومة ، داعيا إلى “النظر إلى مضامين المراجعة في تكامليتها، وأنها لا تنتصر لفئة دون أخرى، بل تهُم الأسرة المغربية، التي تشكل “الخلية الأساسية للمجتمع”، وهو ما يتطلب بحسب المذكرة ذاتها، الحرص على بلورة كل ما تقدم، في قواعد قانونية واضحة ومفهومة، لتجاوز تضارب القراءات القضائية، وحالات تنازع تأويلها.