هذه أبرز ملاحظات “المصباح” حول الاحتفاظ ببيت الزوجية وتدبير الأموال المكتسبة والنيابة القانونية المشتركة
ذكر حزب العدالة والتنمية، في مذكرته الخاصة بـ”المقترحات المعلنة لمراجعة مدونة الأسرة”، أن المقترح الخاص بالاحتفاظ ببيت الزوجية اجتهاد مطلوب من أجل معالجة الحفاظ على الزوجة والبنات من التشرد والضياع، لكن “لا ينبغي أن يتجاوز المطلوب ويكون على حساب حقوق ورثة آخرين نساء ورجالا”.
وأوضحت مذكرة الحزب، أن هذا المقترح جاء في الأصل ليعالج حالة محددة تتمثل في كون أن الرجل إذا توفي وترك زوجة وبناتا، فإن الزوجة والبنات قد يجدون أنفسهم معرضين للتشرد والضياع بفعل العصبة الذين يستعجلون قسمة التركة ونيل أنصبتهم منها، وقد يجبرون الزوجة والبنات على مغادرة بيت الزوجية.
إخلال صريح بنظام الإرث
وأشارت المذكرة ذاتها، إلى أن هذا المقترح يقضي بإيقاف سكن الزوجية عن دخوله في التركة، وهو ما يطرح بحسب المذكرة إشكالا كبيرا ولا ينصف باقي الورثة نساء ورجالا بالنظر لما ينجم عنه من إخلال بالحقوق المرتبطة بالإرث وانتهاك لحقوق الورثة الآخرين، ولا سيما حينما يكون هذا السكن هو التركة الوحيدة للهالك وذو قيمة كبيرة.
لذلك فالمطلوب بحسب مذكرة الحزب، هو التركيز على معالجة حالة التعصيب في الشق المتعلق بالسكن الرئيسي وفي حدود معينة من حيث القيمة ودونما اللجوء إلى إيقاف دخوله في التركة، ولاسيما إذا كانت قيمته كبيرة وتفي بغرض حصول الزوجة أو الزوج على سكن لائق بهم، وهوما يقتضي أن تراعى الشروط القانونية المنظمة لهذا المقترح.
ويرى المصدر ذاته، أن المقترح يشكل في الجوهر إخلالا صريحا بنظام الإرث، ويشكل عمليا إيقاف التصرف في الإرث خاصة وأن فئة عريضة من المغاربة لا تترك أكثر من بيت واحد يكدون العمر كله لكسبه، وهو ما يعني حرمان باقي الورثة نساء ورجالا من الإرث كله، وهو الشيء الذي سيؤثر لا محالة سلبيا على العلاقات الأسرية.
واعتبر أن المقترح لا يهم البيت الذي في ملكية الزوج فقط وإنما البيت الذي تملكه الزوجة أيضا، أي أن الأمر تعدى حدود معالجة حالة التعصيب كما هو مطروح في الإشكال الأصلي، داعيا إلى ضرورة مراعاة أن المرأة التي يتم السعي لإنصافها لا تنحصر في الزوجة والبنات وحدهم، ومراعاة وجود الأم التي تعيش في نفس البيت باعتبارها امرأة كذلك، ومراعاة وجود بنات الزوج أو بنات الزوجة من زواج آخر أو اخوات الهالك باعتبارهن نساء كذلك.
كما حثت المذكرة ذاتها، على ضرورة التنصيص على معايير واضحة ودقيقة لتعريف البيت المقصود بعبارة:” بيت الزوجية” ولاسيما من حيث القيمة.
هدم الأسرة
وبخصوص مقترح تأطير جديد لتدبير الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، وهو مقترح يتفرع إلى أمرين تثْمين عمل الزوجة داخل المنزل، واعتباره مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية، ومرتبة ديون الزوجين المتعلقة بالأموال المكتسبة، من خلال جعل ديون الزوجين الناشئة عن وحدة الذمة على بعضهما ديونا مقدمة على غيرها بمقتضى الاشتراك الذي بينهما، فإن هذين المقترحين أثارا جدلا واسعا وتخوفات كبيرة لدى المجتمع المغربي لكونهما من جهة ستكون لهما آثار وخيمة من حيث الإقبال على الزواج أصلا، نظرا لكونهما يخشى من أنهما سيحولان فضاء الأسرة القائم على التراحم والتعاون إلى فضاء للحسابات والنزاعات بحسب المذكرة.
ولكونهما أيضا سيطرحان ولا شك من الإشكاليات العملية الكبيرة عند التطبيق القضائي أكثر بكثير مما يرجى منهما، ومن جهة أخرى لكونهما لا يستجيبان نهائيا لأي حاجة حقيقية أو مصلحة معينة للأسرة وأطرافها.
وعليه، يرى الحزب ضمن المذكرة ذاتها، أن هذين المقترحين “لا حاجة حقيقية لهما ولا مصلحة ولا فائدة ترجى منهما”، وسيكون لهما أثر سلبي على الإقبال على الزواج، كما سيكون دافعا لطلب الطلاق في بعض الحالات، وسينشئان العديد من الأقضية والإشكاليات عند التطبيق القضائي، وهو ما يناقض التأطير الملكي للمراجعة والذي وجه بالتركيز على معالجة الاختلالات التي أظهرها التطبيق القضائي للمدونة.
وترى مذكرة الحزب أن هذا المقترح أي تدبير الأموال المكتسبة أمر غير مطروح بالنسبة للمغاربة “الذين لا يزالون يعتبرون الزواج مؤسسة تراحمية بنية الدوام لتحقيق الاستقرار وترسيخ مشاعر المودة والرحمة والإحسان والمعروف، والدليل هو عدم قبول المغاربة لفكرة العقد الملحق وعدم لجوئهم إليه رغم أن المدونة الحالية تنص عليه”.
ولفت الحزب إلى أن هذا المقتضى سيكون سببا في” مسارعة بعض الرجال للمطالبة بالطلاق طمعا فيما اكتسبته النساء بكدهن واجتهادهن خاصة مع ما يلاحظ من اجتهاد النساء وكدهن، والعكس صحيح أيضا”.
ويرى المصدر ذاته، أن المقترح سيطرح صعوبات عملية جمة لتثمين العمل المنزلي للزوجة، وسيوسع النزاعات أمام المحاكم ويعقدها مثل ما هو جار به العمل أمام المحاكم الغربية التي صارت مضطرة للفصل بين إيقاع الطلاق واقتسام الأموال المكتسبة.
ضياع حقوق الأطفال
وبالنسبة للملاحظات المتعلقة بالنيابة القانونية المشتركة والحضانة، فقد لفتت مذكرة الحزب إلى أن مقترح جعل “النيابة القانونية” مشتركة بين الزوجين في حال قيام العلاقة الزوجية وبعد انفصامها، يطرح إشكاليات تتعلق باتخاذ القرار في حالة الاختلاف بين الزوجين، وما سيؤدي إليه من ضياع حقوق الأطفال بالأساس، لذلك دعت المذكرة إلى تدقيقه ومنح القضاء حق التدخل عند الخلاف لمعالجة حالات وضع العراقيل من طرف الأب أمام طليقته وضدا على مصلحة الأطفال أو العكس.
وبخصوص مقترح اعتبار حضانة الأطفال حقا مشتركا بين الزوجين أثناء قيام العلاقة الزوجية، مع إمكانية امتداده، في حال الاتفاق، بعد انفصام العلاقة الزوجية، أكد الحزب على ضرورة التوضيح والتدقيق على مستوى الضوابط الجديدة المتعلقة بزيارة المحضون والسفر به بما يحقق تيسير زيارة المحضون من طرف الأب أو الأم (حسب الحاضن) ومنع التحايل في هذا المقتضى، وربط التهاون في تمكين الأب أو الأم من زيارة المحضون بانتظام بإسقاط الحضانة، والزيادة في زمن الزيارة الأسبوعية لتشمل المبيت عند الطرف الآخر ليلة في نهاية الأسبوع بدل المعمول به حاليا (من التاسعة صباحا إلى السادسة مساء من يوم الأحد)، بالإضافة إلى وضع الضوابط في حالة السفر بالمحضون خارج المغرب لتلافي الهروب به، ووضع ضوابط في حالة تغيير سكن الحاضن والانتقال إلى مدينة بعيدة عن الطرف الآخر.
ومن جهة أخرى، اعتبر الحزب مقترح عدم سقوط حضانة الأم المطلقة على أبنائها بالرغم من زواجها، أنه وإن كان يمثل إنصافا للأم وتمكينها من حق الزواج من جديد تحقيقا للإحصان والعفاف، إلا أنه ينبغي أن يراعي مصلحة المحضون والحاضنة كذلك، وعدم ترك المقترح على سبيل الإطلاق دون مراعاة الوضعيات الخاصة، ودون تحديد سن أقصى.
الأمر الذي يقتضي بحسب المذكرة، جعل الأمر بيد القضاء، مع الاعتماد على مبدأ المصلحة الفضلى للمحضون، ووضع ضوابط للتحقق من كون الزوج الجديد مؤهل للعيش مع المحضون، ومنح القضاء السلطة التقديرية في ذلك وإلا تمنح الحضانة للأب، ومراجعة مقرر زيارة المحضون استحضارا للوضعية الجديدة للزوجة، ورفع سن الحضانة إلى عشر سنوات عوض سبع سنوات حاليا في حالة زواج الأم الحاضنة، إضافة إلى الإبقاء على مقتضى اختيار المحضون لحاضنه بعد بلوغه سن الخامسة عشر تصحيحا لأي وضع قد يكون مختلا، وتمكين الأب من شروط تفضيلية في الزيارة.