عبر عبد الإله دحمان، نائب الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، عن رفض النقابة لأي تقييد أو تكبيل لممارسة الحق في الإضراب، ومطالبتها بالاحتكام إلى المعايير الدولية ذات الصلة.
وقال دحمان في كلمة له خلال ندوة صحفية للاتحاد حول “مشروع القانون التنظيمي للإضراب بين التنظيم والتكبيل”، الثلاثاء 21 يناير 2025 بالمقر المركزي للاتحاد بالرباط، إن مشروع القانون يجب أن يكون منسجما مع قوانين الشغل، بما هو لصالح الحرية وممارسة الحق في الإضراب، معتبرا أن المقاربة القانونية الصرفة غير مجدية، بل لابد من مراعاة الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وذلك عبر تعزيز منظمات ومؤسسات الوساطة.
وذكر أن نقابة الاتحاد تعي وتخبر جيدا قانون الحق في ممارسة الإضراب، وهي اليوم تتابعه وتحاول تفكيكه لإنتاج الموقف الوطني، الذي يساند التنظيم لكن يرفض المنع والتقييد.
واسترسل، إذ لاحظنا أن هذا المشروع ليس فيه ضمانات حقيقية لممارسة الحق في الإضراب، كما يخالف مقتضيات دستور 2011، ويفتقد إلى مرجعية نظرية وأيضا مرجعية حقوقية تتمثل في جملة من الحقوق والعهود والاتفاقيات الدولية، حيث إن المشروع لا ينسجم معها، بل قفز عليها.
“المشروع يسير في اتجاه معاكس للدستور، ويسبح خارج المرجعية الحقوقية والنقابية في بعدها الدولي”، يؤكد دحمان، معتبرا أن التعريف والمرجعية هما أمران خطران في المشروع.
وانتقد دحمان غياب هندسة منسجمة ومتوازنة عن المشروع، واستمرار اللا توازن بين الحيز المخصص لممارسة الحق في الإضراب والفئات غير المنصوص عليها لا في المدونة ولا في القانون، مشيرا إلى أن محل التعريفات هو القضاء والفقه، وليس القانون والتشريع، وهذا خلل منهجي يجب أن تعالجه الحكومة.
وذكر أن المفهوم الذي وضعته الحكومة ضيق وفيه تقييد ومنع، في حين يجب أن يكون متماشيا مع تعريف منظمة العمل الدولية، الذي فيه العديد من الأشكال.
كما انتقد هيمنة النسق الزجري في المشروع، بوجود باب كامل للعقوبات، مما يعني أن العامل حين يدافع عن حقوقه، سيجد نفسه أمام غرامات يجب أن يؤديها.
واعتبر نائب الأمين العام أن تكييف العديد من المقتضيات في المشروع مع البعد الجنائي أمر غير صائب، لأن الصحيح هو أنه يجب أن يكون التكييف مع دور أو وظيفة مفتشي الشغل والذي يجب أن يكون له صفة حجية وليس ضبطية.
وشدد دحمان أنه يجب أن يتم تطبيق الحق في الإضراب بناء على قاعدة التصريح وليس الترخيص، كما لابد من تجاوز القيود التي وُضعت أمام حق الإضراب، والتي تُخرجه من الإباحة الأصلية إلى الترخيص وبالتالي المنع والتضييق.
وذكر دحمان أن المشروع يحرم فئات عريضة من غير الموظفين والمأجورين من ممارسة حق الإضراب، مشيرا إلى أن كل لوائح الاستثناء والإبقاء على الحد الأدنى من الخدمة يجب أن يكون بالتوافق مع النقابات.
وانتقد دحمان خلط المشرع بين نظام المسؤولية الجماعية والفردية، ومن ذلك الاقتطاع من أجور المضربين، مشددا أنه يجب ضمان حصانة المضربين من أي إجراءات عقابية.
“المشروع لم يأت من طاولة الحوار الاجتماعي، وليس فيه ديباجة، وليس له مذكرة تقديمية”، يردف دحمان في تعداد نقائص المشروع، منبها إلى أن “الإضراب يجب أن يبقى حقا أصيلا للنقابات”.
وأبرز المتحدث ذاته أن الإضراب هو بخلفية عدم تطبيق القانون، ولذلك يجب وضع منظومة لمعالجة هذا الإشكال وتعزيز وسائل الوساطة والتحكيم.
وشدد على أن مَنح رئيس الحكومة الحق في إيقاف الإضراب هو أمر غير منطقي، لأن رئيس الحكومة مُشغل، والذي يجب أن يتدخل هو القضاء الاستعجالي أو المختص في الشغل، للحكم في حالة الفشل في الحوار بين الجهة المشغلة والمشتغلين.
وتوقف أيضا عند ما يتعلق باحتلال أماكن العمل، متسائلا: أين يمكن ممارسته من غير المكان الاشتغال؟ مشيرا إلى أن هذا ذكرته منظمة العمل الدولية.
كما تساءل: كيف يمكن تفعيل آجال تنظيم الإضراب في ظروف مهددة لصحة أو حياة العاملين والموظفين؟ قائلا إن إجازة هذا المقتضى يجعل القانون وكأنه يعزز نظام السخرة، وهو أمر مرفوض.
رابط المشاركة :
شاهد أيضا