خالد الصمدي
عمق الأخوة المغربية الفلسطينية الدينية والعقدية التي تجسدت على مر التاريخ في أوقاف المغاربة في القدس، وقدموا للدفاع عنها أرواح الشهداء في جيش صلاح الدين الأيوبي فاقتطع لهم بابا سمي بباب المغاربة على أسوار المسجد الأقصى، وقدموا أرواح مآت الشهداء في معركة الكرامة في الجولان 1973.
ويرأس فيها جلالة الملك لجنة القدس ووكالة تقوم بعمل معترف به دوليا دفاعا عن الأقصى وعن ثبات المقدسيين في أرضهم، ويضعها جلالته في غير ما خطاب مع القضية الفلسطينية في نفس المرتبة مع القضية الوطنية.
كل ذلك يقتضي من المؤسسة التشريعية أن تشتغل على هذا الموضوع الحساس بمنطق صفر خطأ، فتجند لها دبلوماسية موازية خبيرة وعالمة، بالتاريخ والتواصل واللغات، ومواكبة تحولات السياسة الدولية، وأن لا تترك ذلك للصدف والترضيات.
لكن كل هذه المكانة وهذه المجهودات لم تستأهل لدى الأغلبية البرلمانية المغربية إلا أن تسند رئاسة لجنة الصداقة المغربية الفلسطينية إلى شخص لا صلة له بكل ما سبق.
والدليل على ذلك أنه لم يستوعب كل هذه السياقات والمعطيات وربما يبدو انه قد فوجئ حتى بخبر رئاسته لهذه اللجنة التي لم تأخذ أي مبادرة تضامنية منذ تأسيسها حتى فوجئ المغاربة بدورهم بخبر وجودها يوم أمس، بل وفتحوا أفواههم عجبا!!! لما عرفوا اسم من نصب على رأسها،
وذلك مباشرة حين نطق من قلب المؤسسة التشريعية بزلة “الشرويطة” فطارت بها مواقع التواصل والقنوات العالمية، واعتبروها إساءة الى سمعة المغرب والمغاربة قبل الإساءة الى رمز من رموز القضية الفلسطينية، وذلك في عز احتفال المغاربة في معظم المدن المغربية وأحرار العالم بحدث وقف العدوان على غزة، وقبل أن يجف بلاغ الوزير ناصر بوريطة باسم الدولة المغربية الذي أشاد فيه بالاتفاق، وعبر فيه عن ارتياحها لتوقيع الاتفاق ووقف العدوان.
وكان ملايين المغاربة وأحرار العالم قد خرجوا طيلة فترة العدوان لأجل الدفاع عن القضية الفلسطينية، والتعريف بعدالتها في مسيرات حاشدة، وهم يتوشحون بالكوفية الفلسطينية، التي أضحت رمزا عالميا ذا دلالة كبيرة على الكفاح الفلسطيني عبر العالم.
وفي تناغم مع هذه المواقف، عبرت فرق برلمانية من المعارضة والأغلبية عن أهمية تسجيل المؤسسة البرلمانية المغربية لمبادرة إيجابية تضامنية في هذا السياق، ولم ينزعج من هذا الأمر إلا صاحب الخرجات “مول الشرويطة”، والذي لا يمكن أن يؤمن وأمثاله من الوقوع مستقبلا في مثل هذه الزلات والأخطاء التي يمكن أن تجر على البلد عددا من البلايا والمحن.
وحين نحذر من هذا الأمر في ملف يتعلق بالسياسة الخارجية للمملكة لا يهمنا الشخص بقدر ما تهمنا سمعة الوطن، وصدق من قال: “إذا أسندت الأمور إلى غير أهلها فانتظر الساعة”.