المقاومة أخلاق والحق ما شهدت به الأعداء!! أخلاق المقاومة في مواجهة أخلاق العدوان..

محمد يتيم


نقلت عدة مصادر إخبارية ما عبرت عنه الأسيرات الصهيونيات لدى حماس ما ورد على ألسنتهم من شكر وامتنان برسائل ذكرنَها باللغة العربية، فقالت إحداهن “السلام عليكم.. مرحبا شكرا لكتائب القسام على كل المعاملة الكويسة”، فيما قالت ثانية “شكرا على الأكل والشرب والملابس”، أما الثانية، فشكرت الشباب “اللي كانوا يحافظوا علينا ويديروا بالهم علينا من القصف”، وقالت الأخيرة “إن شاء الله يكون يوم سعيد وأحسن يوم وكلنا نكون بخير”.
هذه الشهادات حول أخلاق رجال حماس وحسن تعاملهم مع الأسرى تنسف مجمل السردية الصهيونية التي تسعى لتصويرهم كوحوش، كما تذكرنا بحادثة من السيرة النبوية ويتعلق الأمر بهجرة المسلمين للحبشة وسعي مشركي قريش لاستردادهم وبعث رسول منهم لهذا الغرض وهو جعفر بن أبي طالب.
ومن دهاء مبعوث قريش أنه سعي للإيقاع بالمسلمين وإيغار صدر النجاشي عليهم كي يرفع يد الحماية عنهم ويلغي قرار قبول لجوئهم إليه، من خلال السعي لإيغار صدره عليه وأنهم يقولون في عيسى قولا عظيما مخالف لعقيدة النصرانية حيث المبعوث (ربيعة(: “أيها الملك: إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولا عظيما، فأرسل إليهم فاسألهم عما يقولون فيه. قالت: فأرسل إليهم يسألهم عما يقولون في عيسى”.

بيان جعفر بن أبي طالب وتفاعل حاكم الحبشة النجاشي
قال جعفر بن أبي طالب جوابا عن سؤال النجاشي: “نقول فيه الذي جاء به نبينا: هو عبد الله ورسوله وروحه، وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول”.
فضرب النجاشي يده إلى الأرض، فأخذ منها عودا ثم قال: ما عدا (تجاوز) عيسى ابن مريم ما قلت، هذا العود. فتناحرت بطارقته حوله حين قال ما قال، فقال: وإن نخرتم والله، اذهبوا فأنتم ـ الآمنون ـ من سبكم غرم، ثم من سبكم غرم، ثم من سبكم غرم، فما أحب أن لي دبرا ذهبا ـ أي جبلا ذهبا ـ وإني آذيت رجلا منكم، ردوا عليهما هداياهما، ( الهدايا التي جاء بها مبعوث مشركي قريش) فلا حاجة لنا بها. فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي، فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه. قال: فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به، وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار) رواه أحمد وصححه الألباني.
ثم طلب النجاشي شيئا مما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم من قرآن في شأن عيسى عليه السلام، جاءه جعفر رضي الله عنه بآيات من أوائل سورة مريم، تتحدث عن مريم وعيسى عليهما السلام وبيان عظم وعلو منزلتهما وقدرهما.
فبكى النجاشي مما سمع وأساقفته، ثم أوضح جعفر رضي الله عنه للنجاشي ومن حوله عقيدة المسلمين في عيسى عليه السلام وأمه، وأنه عبد ونبي، وليس بإله ولا ابن إله، ولا يخاض أبدا في عرض أمه مريم عليها السلام كما يخوض الكاذبون الضالون من اليهود وغيرهم، بل عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام كلمة الله وروحه ألقاها إلى مريم البتول (المنقطعة عن الزواج) العذراء الطاهرة..
فأجاب النجاشي بأن ما جاء به نبين الإسلام وعيسى عليهما الصلاة والسلام يخرج من مشكاة واحدة.
وقد انتهى هذا الموقف والحوار بين جعفر والنجاشي بأن أعلن هذا الأخير صدق جعفر في كل ما قاله، ثم أسلم، على ما ورد في بعض الروايات.
ويستفاد من ذلك أن النجاشي كان على النصرانية الصحيحة، ولم يكن عنده انحراف النصارى في شأن عيسى عليه الصلاة والسلام، ولذا صدق ما سمع من الحق في القرآن.
والخلاصة أن حسن بيان عقيدة الإسلام، البيان بالكلمة القوية والحجة البالغة والحكينة.. ثم البيان من خلال السلوك العملي.. هي أكبر مصادر القوة لدى المسلمين وخاصة منهم أولئك الذين يتصدون للشأن العام، وهي من أعظم مظاهره التصدي للعدوان.. العدوان على الأرض والمقدسات كما يحدث اليوم على أرض فلسطين…
وهو الذي جعل المنصفين من شعوب ودول وحركات العالم غير المخترقين من قبل الدعاية الصهيونية، يقفون إلى جانب الشعب الفلسطيني في كفاحه المشروع ضد العدوان..
بل إن بعض الصهاينة الذين وقفوا على حقيقة أخلاق رجال المقاومة تحدثوا بإيجاب عن رجال المقاومة كما ورد على لسان بعض الأسرى والأسيرات.
شكر الأسيرات وامتنانهن لرجال المقاومة، أقرت بأخلاق المقاومة، وأغاظت الكيان الصهيوني، مما جعل نتانياهو يصدر أمره بمنع الأسرى المحررين من الحديث للصحافة كما اعتبر أن: عملية تسليم الأسرى “الإسرائيليين” في خانيونس مشهد مروع.
إن ما ظهر على وجوه الأسيرات من ارتياح وما صدر عنهن من شكر لعناصر القسام ومن اعتراف بحسن المعاملة يكشف عن بعد آخر في معنى الانتصار: الانتصار الأخلاقي للمقاومة.. ونجاحها في نسف الدعاية الصهيونية التي تحاول تصوير رجال القسام كوحوش.. تما كما فشل مبعوث في اقناع ملك الحبشة بتسليم المهاجرين من المسلمين المستضعفين.
إنه طوفان أخلاق المقاومة في مواجهة أخلاق العدوان.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.