الهلالي يكتب: حول مشروع القانون التنظيمي المتعلق بممارسة الحق في الاضراب

بقراءة متمعنة في مضامين ومحتويات مشروع هذا القانون كما تم عرضه على مجلس النواب يمكن تسجيل عدد من أهم الاختلالات والملاحظات فيما يلي:
1- تغييب أي حديث عن ضمانات ممارسة الحق في الإضراب التي أقرها الدستور بموجب الفصل 29 الذي يؤكد في فقرته الثانية على أن “حق الإضراب مضمون، ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته”، دون أن نجد في المشروع ما ينقلها من الإقرار الدستوري إلى المقتضيات التشريعية والأحكام القانونية، علما أن ما يأتي به الدستور من مبادئ وضمانات لا يمكن تنفيذه إلا من بعد تجسيده في أحكام تشريعية ومقتضيات قانونية.
2- المشروع ينزاح عن منطوق الدستور الذي حدد مجال القانون التنظيمي بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب بدخوله في الاشتراط على حق الإضراب في حد ذاته، بالتوسع في الشروط إلى درجة تتحول إلى قيود وموانع تعود على الأصل بالإبطال والتقليص من نطاقه والإقصاء على من يخق له ممارسته ومنع فئات واسعة من حق ممارسته.
3- السير في الاتجاه المعاكس لمسار التطور التاريخي للحق في الإضراب الذي انتقل في مراحل أولى من التجاهل إلى الإقرار الدستوري، ومن التجريم الجنائي بذريعة عرقلة حرية العمل أو بدعوى التسبب في خسارات اقتصادية إلى رفع الحظر الجزئي ثم الإباحة القانونية، ومن توسيع حظر ممارسته على فئات واسعة إلى تضييق نطاق هذا الحظر وإبقاء ذلك في حدود الفئات المناط بها واجب الحفاظ على أمن وأرواح الناس وممتلكاتهم وحصرهم في حاملي السلاح أساسا، والانتقال أيضا من التأطير القانوني إلى التضييق العملي ثم إلى التجريم التشريعي لحجة المحافظة على التوازن في العلاقات بين الأطراف المعنية، سواء المرتبطة بعلاقات شغل أو بتوريد خدمات أو الموكول اليها رعاية مرافق أو مصالح عمومية أو الاستفادة من حق عام أو من تجويد ظروف الولوج إلى حقوق أساسية أو خدمات عمومية كالتلاميذ والطابة والمجموعات المنتظمة في هيئات أو جمعيات أو تنسيقيات للدفاع عن حق أو مصلحة مادية أو معنوية.
4- معاكسة روح الدستور الذي أقر لأول مرة أن المواثيق الدولية كما صادق عليها المغرب وفور نشرها بالجريدة الرسمية تسمو على القوانين الوطنية في نطاق الدستور والقانون ومقومات الهوية المغربية، وحيث أن ممارسة حق الإضراب يقر به الدستور ولا يتعارض مع مقومات الهوية الوطنية، فإنه كان ينتظر أن يأتي هذا المشروع بشكل يلغي الفصل 288 من القانون الجنائي ويدمج مقتضيات الاتفاقية الدولية رقم 87 ضمن أحكامه لا أن ينقل مضمون أحكام القانون الجنائي ويتوسع فيها في مشروع هذا القانون ويضيف أحكام تجريم جديدة مقرونة بعقوبات جنائية وعقوبات إضافية مدنية وتأديبية يتم إيقاعها والتهديد بها ضد كل من يتشبث بحق من الحقوق الاساسية التي يضمنها الدستور كحق الاضراب.
5- إن الأحكام التشريعية والقانونية المؤطرة للحقوق والحريات والمنظمة لكيفيات وشروط ممارستها تخضع في فلسفتها لمبدأ التصريح وليس لقاعدة الترخيص القبلي وأن منعها أو الحد منها لا يتم إلا تحت رقابة القضاء وبإشرافه والذي عليه وحده أن يقدر أن ممارسة هذا الحق في سياق وحيثيات واقعية يمكن أن تفضي إلى الإضرار بحقوق مساوية لها من حيث الاعتبار والقيمة أو مماثلة لها في الوزن والاعتبار، أو عندما تكون إزاء تهديدات جدية تمس مصالح عامة أو خاصة حيوية يتولى القضاء وحده تقديرها، وذلك على غرار الحق في التنظيم والحق في التعبير والحق في تأسيس الجمعيات والحق في تأسيس الأحزاب والنقابات وهي حقوق أولى تضمن للجميع وليس لفئات دون أخرى من قبيل فئات العمال أو فئات الموظفين أو المهنيين وتبنى ممارسة هذه الحقوق جميعها على مبدأ التصريح وليس على قاعدة الترخيص القبلي، ولا يمكن منعها أو الحد من ممارستها إلا بناء على حكم قضائي، طبقا لما جاء به الدستور بالنسبة للأحزاب والمنظمات النقابية التي لا يمكن حلها أو توقيفها إلى بمقتضى مقرر قضائي؛ والفصل 12 الذي يقر أن حل الجمعيات أو توقيفها لا يمكن أن يكون إلا بمقرر قضائي وحرية الصحافة التي لا يمكن ان تخضع لأي رقابة قبلية .
وطالما أن حق الإضراب هو حق عام مماثل لباقي الحريات الأساسية التي أوردها الفصل 29 ومنها حرية الاجتماع وحرية التجمهر والتظاهر السلمي وتأسيس الجمعيات والانتماء النقابي والسياسي كلها مضمونة إلى جانب الحق في الإضراب والتي وردت جميعها في باب واحد هو الباب الثاني المتعلق بالحريات والحقوق الأساسية وخاصة الفصل 29 منه.
من هنا فلا معنى للتمييز ضد حق الإضراب بشروط وكيفيات تحصره في فئات دون أخرى وتحد منه وتضع قيودا على ممارسته. وتخرجه من مبدأ الإباحة الأصلية إلى قاعدة المنع والتجريم ومن مبدأ التصريح إلى مبدأ الترخيص، ولا معنى لرهن ممارسته بشروط تعجيزية وكيفيات معقدة وإشهار بحرية العمل في مواجهته أو الأجرة مقابل العمل وكأن ممارسة الحق في الإضراب هو تغيب غير مشروع عن العمل وليس ممارسة حق من الحقوق التي يقاضيها العمل نفسه وظروفه.
وما يزكي هذا المسار هو أن مشروع القانون قد عمل على التوسع في الاشتراط على الحق في الإضراب وحول شروط ممارسته إلى قيود تشريعية وعملية على الحق في حد ذاته وإلى موانع أمام التمتع بممارسته، وحوَّل كيفيات وإجراءات تنظيمية إلى إضرار فعلي بضمانات ممارسته وفي أحيان أخرى إلى أعباء إضافية على المضربين والتزامات جديدة تضيف أعباء ومسؤوليات غير منصوص عليها في قوانين العمل وعقوده الأصلية من قبيل تأمين الخدمات الحيوية وتوفير ظروف تحول ممارسة الحق في الإضراب إلى ارتكاب أعمال تعد في القوانين المضيقة على الإضراب بمثابة أخطاء جسيمة يمكن أن تشرع للفصل من العمل.
إن التعريف الذي أورده مشروع القانون لا يكتفي فقط بحرمان فئات عريضة من غير فئة المأجورين والموظفين من ممارسة هذا الحق، ولا يقف أيضا عند الحظر العملي لممارسته بالنسبة لفئات واسعة أخرى داخل فئات العمال والموظفين أنفسهم، بدعوى الحفاظ على الحد الأدنى من الخدمة، لكن الأخطر هو أن المشروع يبقي حق الإضراب متلبسا بالامتناع عن العمل ويضع حق الإضراب في تقابل تعارضي مع حرية العمل خلافا للمعهود الدستوري الذي يجعل الحقوق كلا لا يتجزأ ولا يفاضل بين الحقوق المتماثلة التي تعد حقوقا متكاملة في إطار مبدأ تكافؤ الفرص والتضامن بين الجميع على قاعدة التلازم بين الحقوق والواجبات في نطاق دولة الحق والقانون.
ولذلك فإسقاط مفهوم الحق في تعريف الإضراب والاكتفاء بركنه المادي وهو التوقف الجزئي والمؤقت عن العمل يهدر هذا الحق ويفقده أبرز عناصره الجوهرية، إذ الإضراب هو حق التوقيف الجماعي المؤقت عن بعض أو كل مهام العمل بشكل مدبر وبغرض تحقيق مصلحة أو الدفاع عن حق أو تحسين شروط العمل أو التضامن بين نفس الفئات بخصوص ظروف عملها أو الاعتداء على حقوقها أو بسبب تهديدات جدية لحقوقها أو مصالحها، وهو ما يمثل أبرز اختلال ليس في تعريف مفهوم الإضراب وإنما بخصوص كامل المقاربة المنتهجة في فلسفة المشروع ومقاصده.
كما أن إسقاط ركن الجماعية والقصدية يفرغ الإضراب من جوهره كحق وأن حصر ممارسته والدعوة إليه وتأطيره في النقابات يتعارض مع حق الإضراب كحق من الحقوق والحريات الأساسية للتي يضمنها الدستور في بابه الثاني للجميع على قدم المساواة وليس لفئة دون أخرى والظاهر أن فئات الطلبة والتجار ومختلف الفئات المهنية المتضررين من مواقف نقاباتهم والمتكتلين في أشكال وهيئات عرفية من قبيل التنسيقيات والجمعيات المهنية والفئوية كتنظيمات الطلبة ولتلاميذ والمحامين يبدو إنها هي المقصود من هذا الحصر لحق الإضراب وللتضييق على ممارسته.
أما إدخال مفاهيم أخرى من قبيل مفهوم الأجير ومفهوم النقابة الأكثر تمثيلية أو النقابة المهيكلة وطنيا في مشروع قانون تنظيمي خاص بالإضراب إنما يندرج في إطار التشويش على مفهوم الإضراب وجعله مقتصرا على مجال واحد هو مجال العلاقات الشغلية مما يستوجب ترحيل هذين التعريفين إلى القوانين المتعلقة بقانون النقابات أو مدونة الشغل تفاديا لأي لبس.
من الاختلالات الكبرى في التعامل مع حق الإضراب أيضا هو تعويض نظام الإشراف عليه وتأطير ممارسته داخل فضاء العلاقات الشغيلة من قبل النقابات التي اناط بها الدستور في فصله الثامن واجب الإسهام في الدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية لممثليها والنهوض بها حيث جاء في هذا الفصل: “تسهم المنظمات النقابية للأجراء والغرف المهنية والمنظمات المهنية للمشغلين في الدفاع عن الحقوق المصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها والنهوض بها”، مما يجعل كل إبعاد أو تهميش لهذه الهيئات الدستورية عن هذا الدور تنكرا للدستور وانتقاصا من مهمة المنظمات النقابية في تأطير وتمثيل منخرطيها والدفاع عن مصالحهم وحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية بما في ذلك تمثيلهم في المؤسسات الاجتماعية والمؤسسات المنتخبة ذات الصلة .
من هنا كان الاقتراح المضمن في المادة 12 والمتعلق بالجمع العام وباقي التدابير التعجيزية يمثل إبعادا للنقابات وإضفاء المشروعية على منع الحق في التنظيم والانتماء النقابي في الغالبية العظمى من المقاولات، وقد تم تعويض ذلك بلجنة الإضراب دون أن يتم التراجع عن باقي الإجراءات التعجيزية الأخرى.
وهذا التوجه إلى جانب كونه منافيا لروح الدستور وللتأويل الديمقراطي لأحكامه، فهو ينطوي على مخاطر كبيرة تهدد مهام الوساطة الاجتماعية وتشرع لممارسات إضرابية غير مؤطرة وفوضوية يصعب التعامل معها في زمن الأزمات لغياب مخاطب رسمي موثوق يمثلها ويتحدث باسمها.
وفي هذا الصدد فان الأحكام المتعلقة بالدعوة إلى الإضراب عبر الجمع العام وما يرافق ذلك من شروط انعقاده وتدابير تسييره ومخرجاته، كل ذلك يتنافى مع نظام المسؤولية المعمول بها في ممارسة الحقوق الأساسية التي تقتصر في حقوق مماثلة كحق الاجتماع والتجمهر التظاهر السلمي على تحديد مخاطب يتمثل في شخصين أو ثلاثة أشخاص ممن يقطنون في مكان ممارسة هذا الحق، وذلك للتعامل معهم عند الاقتضاء من قبيل إمكانية اللجوء إلى القضاء لمنع ممارسة هذا الحق قبليا أو بعديا، على أن يوقع هؤلاء تصريحا يتم إيداعه لدى السلطة المحلية المعنية، وعوض ذلك تم اللجوء إلى نظام للمسؤولية الفردية لجميع من يفترض مشاركتهم في ممارسة حق الإضراب، وهذا يعد في العمق إعاقة لممارسة هذا الحق ووضعا لحواجز وشروط تعجيزية أمامه.
ولذلك فإن نظام المسؤولية يجب كقاعدة عامة أن يبقى في العلاقات الشغلية من صميم مهام المؤسسات التي اعترف بها الدستور في هذا المجال وهي المنظمات النقابية بشرط واحد هي أن تكون قد تم تأسيسها بإجراءات قانونية سليمة، واستثناء وفي حالات ضيقة يتم تحديدها على سبيل الحصر من مثل غياب التأطير النقابي أو تعذر وصول المعنيين إلى المنظمة النقابية الموثوق بها لديهم أو عن طريق شخصين يتحملان المسؤولية في الدعوة إلى جمع عام يقرر بشأن الإضراب ويختار لجنة للإضراب تتولى تأطير المنخرطين في هذه الدعوة بغض النظر عن نسبة المستجيبين لأن الاستجابة في حد ذاتها هي الحكم في صحة دواعي الإضراب من عدمه.
في مثل هذه الحالة يمكن فتح المجال أمام هؤلاء لممارسة حقهم في الدعوة إلى الإضراب عبر نظام للمسؤولية موحد ومماثل للمسؤولية في الولوج إلى حق الاجتماع أو التجمهر أو التظاهر السلمي والعمل على توحيد المساطر والكيفيات المتعلقة بجميع هذه الحقوق التي جاءت مترادفة ومعطوف بعضها على بعض في نفس الفصل الدستوري وهو الفصل 29 بما يكرس أنها حقوقا متماثلة وضماناتها موحدة ولا معنى للتمييز بينها في الشروط والكيفيات..
كما يضيق مشروع هذا القانون على النقابات في القيام بدورها الدستوري في تأطير والإشراف على تدبير ممارسة منخرطيها وأنصارها لحقهم في الإضراب.
وهذا التضييق على الإضراب يتم من خلال اشتراط التمثيلية الانتخابية أو الهيكلة الوطنية، على النقابات المؤهلة للدعوة إليه، وهو شرط غير دستوري، لأن هذا الشرط يفترض أن يخول الحق في الحصول على امتيازات من بينها عضوية المؤسسات والهيئات المنتخبة ضمن الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية، ولا يمكن أن يتحول إلى حاجز وعقبة أمام ممارسة حقوق أساسية كحق الإضراب، كمن يمنع الأحزاب غير الممثلة في البرلمان من ممارسة الحق في الاجتماع أو التجمهر أو التظاهر السلمي أو يشترط عليها أن تكون ممثلة في البرلمان لكي يسمح لها بالمشاركة في الانتخابات الموالية.
ومن هنا أقترح أن يتم اعتبار النقابات التي تم تأسيسها بكيفية قانونية مؤهلة بالأصالة للدعوة إلى الاضراب، واستثناء يمكن يتولى مسؤولية هذه الدعوة شخصان إلى ثلاثة أشخاص مع الإدلاء بالبطاقة الوطنية والتوقيع على تصريح بذلك يتم إيداعه لدى السلطة المحلية التي يقع مكان الإضراب في دائرتها، مقابل وصل مختوم ومؤرخ بذلك، على أن لا يقل أجل إيداع التصريح عن 48 ساعة من الموعد المقرر لخوض الإضراب ويشمل التصريح المذكور أسماء ومهام المعنيين وكذا تاريخ بداية ونهاية الإضراب ومكانه والأشكال المعتمدة في تنفيذه والغاية منه وما إذا كان مقتصرا على التوقف عن العمل أو مترافقا مع أشكال تعبيرية إضافية كالأشكال الاحتجاجية أو الاعتصامات أو غيرها .
وفي حالة تعذر إيداع التصريح بشكل مباشر يمكن للمعنيين أن يودعوا تصريحهم بكل وسائل التبليغ القانونية ولاسيما بالبريد المضمون مع إشعار بالتوصل أو عن طريق عون قضائي في أجل لا يقل عن 72 ساعة على أبعد تقدير.
كما لا يمكن أن تمنع الهيئات المهنية والتجمعات الفئوية المسؤولة من حقها في ممارية الإضراب في غير العلاقات الشغلية إذا تطلبت مصالحها وحقوقها وظروفها أن تلجأ إلى الإضراب من أجل الدفاع عنها وإسماع صوتها بخصوصها بما في ذلك التجار والمهنيين وموردي ومقدمي الخدمات والمستفيدين من الخدمات العمومية والحقوق الأساسية من قبيل الطلبة والتلاميذ وتجمعات المستهلكين وغيرهم.

ثانيا: من أجل قانون تنظيمي توافقي ينتصر للمقاربة الحقوقية ويتجاوز النظرة الزجرية:
من أجل تجاوز المنظور الزجري المضيق على الحق في الإضراب والمقصي لفئات واسعة من حق ممارسته يمكن اقتراح ما يلي :
1- العودة بمشروع القانون إلى طاولة الحوار لتوسيع المقاربة التشاركية وعدم قصرها على الهيئات الموالية للحكومة وكذا الاعتماد على منهجية تشاركية تنصت لآراء جميع المعنيين بحق الإضراب، سواء داخل العلاقات الشغيلة أو خارجها.
2- استهلال المشروع بإقرار ضمانات قضائية وقانونية وإدارية لممارسة حق الإضراب تنتصر للمقاربة الحقوقية وترعى التوازن بين مصالح جميع الأطراف ضمن الالتزام من الجميع بجعل المصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار.
3- الخروج من منطق التجريم القانوني والحظر العملي الذي حكم التعامل مع الإضراب إلى منطق حقوقي يجعل الإضراب حقا من الحقوق الأساسية للمواطنين جميعا أولا، ويؤطره ضمن منظومة الحقوق والحريات الاساسية وفي طليعتها الحريات النقابية ثانيا.
4- حذف تعريف الإضراب وتركه للاجتهاد القضائي أو على الأقل تبني تعريف متوافق عليه، يكون جامعا لكل أشكال وأنواع الإضراب وشاملا لجميع الفئات والمجالات ولا تعود على أصله بالإبطال أو الإفراغ من محتواه أو بالتضييق أو التقليص من نطاقه ومجالاته أو تقصي بعض أشكاله وصوره وتحظر بعض ممارسته، واعتماد تعريف ينطلق من كونه حقا في المقام الأول ويقر بمشروعيته ثانيا دون النظر إليه باعتباره تهديدا للاستثمار أو تعطيلا لمصالح خاصة او عامة أو مسا بالأمن أو بالمصالح الوطنية لأن الحقوق لا يمكن أن تكون دستورية ومشروعة إذا كانت تحمل في طياتها تهديدات وطنية أو مصلحية واستثمارية واقتصادية .
5- عدم التوسع في الاشتراط على الحق في الإضراب ومنع تحول الكيفيات الى موانع لممارسته.
6- جعل جميع الكيفيات والإجراءات العملية تتأطر ضمن مبدأ التصريح بالإضراب وليس ضمن منطق الترخيص، أسوة بتدابير ممارسة باقي الحقوق المماثلة كالحق في التجمهر العمومي والحق في التظاهر السلمي والحق في التنظيم بتأسيس الجمعيات أو بتأسيس النقابات والأحزاب التي يكتفى فيها بتصريح يودع وفق شروط معينة لدى السلطة الادارية المعنية على ان يخول لهذه الأخيرة إمكانية اللجوء الى القضاء لاستصدار حكم بعدم قانونيتها عند الاقتضاء.
7 – جعل الدعوة إلى الإضراب في فضاء العمل والشغل حقا أصيلا للنقابات والهيئات المهنية المعترف بها دستوريا والمخول لها دور الاسهام في الدفاع عن حقوق ومصالح الفئات التي تمثلها بما في ذلك الحق في الإضراب، على الأقل بالنسبة لممارسة الإضراب في فضاءات الشغل ولكل هيئة مؤسسة بكيفية قانونية ويخول لها قانونها الأساسي حق تمثيل منخرطيها والدفاع عن حقوقهم ومصالحهم بالنسبة لممارسة حق الإضراب خارج فضاءات الشغل، وفي حال غياب إطار قانوني يمكن استثناء الدعوة إلى الإضراب بتصريح يوقعه شخصان ويتضمن البيانات المشار إليها أعلاه ويودع لدى السلطة المحلية بالكيفيات والآجال السابق ذكرها .
8- جعل أي محاولة للحد من ممارسة حق الإضراب أو منعه أو تعليقه تحت إشراف السلطة القضائية ويمكن لكل ذي مصلحة أن يرفع الدعوة لدى قاضي المستعجلات في حالة الضرورة.
9- مراجعة الجزاءات المضمنة في مشروع القانون في اتجاه إقرار حصانة للمضربين في مواجهة أي إجراءات انتقامية أو عقابية بسبب ممارستهم لحق الإضراب وقصر العقوبات على انتهاك الحق في الإضراب من أي مصدر كان، وكذا على الإجبار على الانخراط في الإضراب أو أي تجاوز للكيفيات القانونية المتعلقة بتأطير وكيفيات الدعوة إليه، أو مقاومة السلطة العامة عندما تكون بصدد تنفيذ أوامر قضائية بمنع الإضراب، أو على ممارسة الإضراب العشوائي أو الفوضوي.
10- فك الارتباط بين حق الإضراب وحرية العمل لاختلاف مجال كل منهما ولعدم منطقية إشهار حرية العمل في سياق الإضراب والحديث بدلا من ذلك عن حرية الانخراط في الإضراب ومنع أي إجبار على الإضراب تحت طائلة المسؤولية القانونية بشرط يبقى عبء الإثبات على عاتق من يدعي إكراهه على الإضراب.
11- فك الارتباط بين حق الاضراب ومقولة الأجر مقابل العمل، وجعل الأمرين مقصورا على الإضراب الذي لم يحترم المساطر القانونية المنصوص عليها أو الأوامر القضائية في الموضوع، لأن الحق في الإضراب هو الحق في التوقف المشروع والمدبر عن العمل بشكل مؤقت ولغاية مشروعة وإلا فكيف يعقل أن تقترن ممارسة حق دستوري بجزاء عقابي متعلق بالمنع من الأجرة.
التمييز بين نطاق تطبيق قانون الحق في ممارسة الإضراب والمقتضيات التي تدخل بحكم طبيعتها ضمن نطاق تطبيق قانون آخر من قبيل قانون النقابات أو مدونة الشغل أو القوانين الانتخابية المؤطرة لمفهوم النقابات الأكثر تمثيلية.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.