أكد الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي محمد بنموسى، أن الخطيئة الأصلية اليوم هي تضارب المصالح في الجهاز الحكومي، مشيرا إلى أن التخوف الذي أبداه الفاعلون بهذا الشأن كان في محله، ومن ذلك ما وقع بخصوص مشروع تحلية المياه في الدار البيضاء.
وتساءل بنموسى في حوار مصور مع “اليوم24”، كيف يمكن لحكومة تضارب المصالح أن تفعل سياسات تعالج اقتصاد الريع؟
ونبه إلى أن كلفة الفساد في المغرب هي ما بين 3.5 إلى 6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، معبرا في هذا الصدد عن تضامنه وتقديره لرئيس هيئة النزاهة والوقاية من الرشوة، إثر تعرضه للتهجم بسبب تقريره الأخير عن الفساد.
وشدد عضو لجنة النموذج التنموي الجديد، أن ما تعرض له محمد البشير الراشدي هو أمر غير مقبول، كما أن تعرض مؤسسة دستورية للتهجم من لدن الحكومة أو بعض مكونات الأغلبية، سلوك غير مسبوق في تاريخ المغرب، لأنه يخلق الارتباك في الحياة السياسية والمؤسساتية ويجب وقفه.
وذكر موسى أن الحكومة في سبات تجاه ملف المحروقات وضمان الأمن الطاقي وملف لاسامير وتفكيك اقتصاد الريع، مشددا أن التدابير والإجراءات الحكومية لا تفي بانتظارات المواطنين وبالنموذج التنموي الجديد.
وأوضح أن التضخم الدولي لا يفسر غلاء الأسعار في المغرب، لأن كل دول العالم اتخذت قرارات تجاه هذا التضخم، ومنها تسقيف الأسعار، ولاسيما أسعار المحروقات، وتخفيض الرسوم الجمركية على بعض المواد المستوردة لأجل خفض الأسعار محليا، غير أن الحكومة عندنا لم تفعل هذا، بل استفادت من الوضع لأجل زيادة مداخيلها ولو على حساب القدرة الشرائية للمواطنين.
ونبه الخبير الاقتصادي إلى أن دعم استيراد بعض المنتجات أو المواد بالشكل الذي تم مع هذه الحكومة كانت سياسة خاطئة، لأنها لا تخدم سوى مصالح المستوردين، ولا تخدم مصالح الفلاح الصغير، فضلا أن النصف الأول من هذه السياسة تحقق دون النصف الثاني، أي أن الدعم تم صرفه دون أن ينعكس ذلك على الأسعار في السوق، مشيرا إلى أن الـ 13 مليار درهم الموجهة لدعم الاستيراد كان يجب أن تنعكس على جيب المواطنين.
وأوضح موسى أن الحكومة ليس دورها تفسير الواقع أو تحليله، بل يجب أن تتخذ قرارات وإجراءات تخفف الضرر عن المواطنين ومستوى عيشهم.
وبخصوص استعداد المغرب لتنظيم المونديال، قال الأستاذ الجامعي إنه يجب اغتنام هذه الفرضة، لأن بلادنا مدعوة للقيام بالعديد من الاستثمارات والمشاريع، خاصة على مستوى البنية التحتية والخدماتية وغيرها.
ولذلك، يقول موسى، لابد من تعديل القوانين التي تم تمريرها في ظل هذه الحكومة، ذات الارتباط بالاستثمار والاقتصاد، لأنها كلها ثغرات وإشكالات، ولا تستجيب لمسعى تطوير الاقتصاد على أسس سليمة.
وذكر المتحدث ذاته أن المغرب بحاجة ماسة إلى بنك عمومي للاستثمار، يمكن لصندوق الإيداع والتدبير أن يكون رائدا فيه، وذلك خلق تكتل مؤسسات عمومية لتمويل القطاعات الصاعدة والاقتصاد الجهوي…
وأشار إلى أن المقاولات الصغرى والمتوسطة لا تحصل سوى على 40 بالمائة من القروض، رغم أنها تشكل 80 بالمائة من مقاولات البلاد، هذا إشكال حقيقي،
وأشار موسى إلى أن قروض الاستثمار في تمويل الصناعة التحويلية لا تتجاوز 20 مليون درهم، مما يؤكد أن التوجه الاستراتيجي للقطاع البنكي يسير في اتجاه معاكس للسياسة العمومية المتعلقة بالاستثمار في القطاع الصناعي، وهذا يستدعي من بنك المغرب تنبيه الأبناك إلى هذا، كما يستدعي خلق بنك عمومي يسد الفجوة القائمة في تمويل الاستثمار الصناعي.
وبخصوص التعديل الحكومي الأخير، قال موسى إنه تعديل لا يستجيب لانتظارات المواطنين، موضحا أن الترشيح للوزارة مسؤولية رئيس الحكومة، ويجب أن يكون المرشح من أهل الكفاءة والمصداقية والمشروعية والدراية في التعامل مع ملفات القطاع، فضلا عن الوعي والالتزام بقيم المجتمع المغربي.
ولذلك، يردف موسى، ليس معقولا أن يصبح تاجر وزيرا للتربية الوطنية، أو أن نرى موظفا في شركة وزيرا للصحة…
رابط المشاركة :
شاهد أيضا