اعتبر أحمد نور الدين، خبير في الشؤون الإفرقية والعلاقات الدولية، وعضو المجلس المغربي للشؤون الخارجية، أن الزج باسم المغرب في “عملية ترحيل قسري جماعي” لساكنة غزة، ليس لها من توصيف في القانون الدولي إلاّ أنها “جريمة ضد الإنسانية” كما ينص عليه نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية في مادته السابعة من بين مواد أخرى، مشددا على أنه “لا يمكن للمغرب أن يكون شريكاً في جريمة ضد الإنسانية في أي مكان في العالم”.
وأكد نور الدين في تصريح لموقع “سبوتنيك”، أن “موقف المغرب في الماضي والحاضر والمستقبل هو موقف الدعم الكامل لنضال الشعب الفلسطيني من أجل إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 4 يونيو 1967، وقد جاء هذا الموقف المغربي بناء على إرادة وخيار منظمة التحرير الفلسطينية، منذ توقيعها على اتفاق أوسلو عام 1993..”.
واستطرد، “عبّر المغرب بشكل رسمي على لسان العاهل المغربي وفي بيانات وزارة الخارجية وباسم لجنة القدس التي يرأسها ملك المغرب، أنه لا ولن يستغل القضية الفلسطينية لتحقيق أهداف سياسية في قضيته العادلة دفاعاً عن الصحراء المغربية”، وأضاف أن المغرب يضع القضية الفلسطينية على قدم المساواة مع القضية الوطنية بخصوص الصحراء، ولا مجال للمساومة أو التنازل عن أي منهما، هذه عقيدة الدولة المغربية والشعب المغربي على حدّ سواء يقول نور الدين.
بشأن إمكانية استخدام واشنطن لورقة ملف الصحراء لممارسة أي ضغوط على المغرب، يقول نور الدين: “في السياسة كل شيء وارد وممكن خاصة عندما يتعلق الأمر برئيس مثل السيد دونالد ترامب متقلب ولا يمكن التنبؤ بقراراته، فقد زعزع كلّ الثوابت والمفاهيم في العلاقات الدولية، ووجه مدفعيته للأصدقاء والخصوم على حد سواء، وأكبر مثال على ذلك هو مطالبته بضم جزيرة جرينلاند الدانماركية، بل وضمّ دولة بحجم كندا بالإضافة إلى قناة بنما”.
وتابع “لذلك لا يمكن أن نلغي فرضية الضغط على المغرب في قضية الصحراء وابتزاز المملكة في سيادتها ووحدة أراضيها”، مؤكدا أن المغرب ليس حائطاً قصيراً ويملك عدة أوراق وعلى رأسها وحدة موقف الدول العربية، خاصة محور الاعتدال ممثلا في دول الخليج والمغرب والأردن ومصر، بالإضافة إلى ورقة رفض الاتحاد الأوربي والصين وروسيا وكل الدول الديمقراطية عبر العالم لجريمة الترحيل الجماعي والقسري للشعب الفلسطيني.
وأوضح الأكاديمي ذاته، أن هذه الأزمة الحالكة التي تمر منها القضية الفلسطينية، ومع ارتفاع أصوات مصر والأردن المعنيين مباشرة وقبل غيرهما بمشروع ترحيل الشعب الفلسطيني من قطاع غزة وربما جزء من الضفة إلى أراضيهما، “أقولها وبكل مسؤولية فيما يخص تعرض المغرب للابتزاز الأمريكي، على الدول العربية في القمة المقبلة المزمع عقدها في مصر أواخر شهر فبراير، أن تصدر موقفاً واضحاً بدعوة الجزائر إلى الاعتراف بمغربية الصحراء، وطرد “البوليساريو” الانفصالية، وإذا لم تقبل ذلك فعلى القمة العربية أن تصدر قراراً يدين سياسة الجزائر تجاه المغرب، ويحملها تبعات وأوزار أي ابتزاز أو ضغوط أمريكية على المغرب في الملف الفلسطيني بسبب قضية الصحراء”.
وختم بقوله إن “الأمن القومي العربي في حالة لا تحتمل مزيداً من الاستنزاف، وهو بحاجة إلى جبهة موحدة لمواجهة الضغوط الأمريكية سواء على المغرب أو مصر أو الأردن، وعلى الجزائر أن تعي ذلك جيداً أو أن تدفع فاتورة أي اختراق للصف العربي وأمنه القومي في القضية الفلسطينية عموماً، وفي مسألة ترحيل سكان غزة خصوصاً”.