ثلاثة أسئلة.. صقلي عدوي: فقدان 38 بالمائة من القطيع الوطني فشل صريح للوزارة.. ويجب دق ناقوس الخطر للإنقاذ
أكد إدريس صقلي عدوي، رئيس منتدى التنمية للأطر والخبراء، أن تصريح وزير الفلاحة بشأن فقدان 38 بالمائة من القطيع الوطني هو أمر مفجع، ويسائل تدبير القطاع منذ 2008، مشددا أن الأمر لا يمكن تفسيره بالجفاف فقط.
وشدد صقلي عدوي في حوار من ثلاثة أسئلة مع pjd.ma، أن مختلف التدابير الحكومية لإدارة الأزمة، ورغم الموارد المالية الكبيرة المخصصة لها، لم تؤت نتائج تذكر، سواء على مستوى الحفاظ على القطيع أو خفض الأسعار.
وخلص الرئيس السابق للجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب إلى الحديث عن بعض المداخل أو الإجراءات التي يجب اتخاذها لأجل التعامل مع الوضع، وإنقاذ القطاع، بما يحقق مصالح الكسابة والفلاحة والمواطنين.
وهذا نص الحوار كاملا:
1/ ما تعليقكم على تصريح وزير الفلاحة بشأن فقدان 38 بالمائة من القطيع الوطني مقارنة مع سنة 2016؟
فقدان 38 بالمائة من القطيع الوطني، وفق ما ورد على لسان وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات قبل أيام هو رقم مفجع، ويسائل من يدبر القطاع منذ 2008، حيث فقدنا أكثر من 13 مليون رأس خلال السنوات الأربع الأخيرة.
وهذا الرقم هو إعلان صريح عن فشل السياسة العمومية المتبعة في القطاع الفلاحي بشكل عام، وفي تربية المواشي بشكل خاص.
ويجب الإشارة إلى أن تربية المواشي من القطاعات المهمة داخل المنظومة الفلاحية، ذلك أنها تهم 1.1 مليون فلاح، وتشكل 74 بالمائة من الاستغلاليات الفلاحية في المغرب، وتساهم بـ 40 بالمائة من القيمة المضافة في القطاع، وتشغل 60 بالمائة من اليد العاملة الفلاحية.
فضلا أن تربية المواشي كنا نسميها بـ “بنك الفلاحين”، بالنظر إلى دورها في توفير مدخول هام للفلاحين وخاصة في فترات الجفاف وغيرها.
2/ ما تقييمكم للإجراءات والتدابير المتخذة من الحكومة في معالجة هذا الأزمة التي يعيشها المغرب على مستوى اللحوم الحمراء؟
ما قُدم للقطاع الفلاحي ولتربية المواشي هو شيء كبير، حيث كانت هناك برامج عديدة خُصصت لها أموال عمومية هائلة، ومن ذلك الاتفاقيات الإطار الموقعة في ماي 2023 مع 19 سلسلة الإنتاج، وهمت 4 سلاسل حيوانية، منها اللحوم الحمراء بـ 14 مليار درهم والحليب بـ 12 مليار درهم للفترة ما بين 2023 و2030.
هذا فضلا عن الإعفاءات الجمركية، والدعم المخصص للأضاحي، والذي بلغ 500 درهم عن كل رأس مستورد وغيرها من الإجراءات، لم يستفد منه مربو الماشية الصغار و المتوسطون والذين يشكلون النواة الصلبة لانتاج اللحوم و الحليب، فضلا أن أثار الدعم لم تظهر وقتها وإلى الآن، حيث عشنا جميعا الغلاء الكبير في ثمن الأضاحي خلال عيد الأضحى الماضي، فضلا أن اللحوم الحمراء وصلت إلى أثمنة خيالية على مستوى جميع ربوع الوطن، وهو ما يؤكد ويبين أن الاختيارات والسياسات العمومية المتبعة لم تحقق أي نتائج رغم إغداق المال العام عليها.
3/ أمام هذا الوضع السلبي، ما المطلوب لأجل الإصلاح خاصة في ظل حالة الجفاف التي تعانيها بلادنا؟
صحيح أننا عشنا في السنوات الخمس أو الست الأخيرة حالة جفاف، لكن المغرب في الأصل هو بلد شبه جاف، وعليه، يجب استحضار الجفاف كمعطي هيكلي في السياسات العمومية الفلاحية.
من جانب آخر، لابد لمعالجة الوضع من توفير المعلومة حول القطاع، حيث إن آخر إحصاء في القطاع الفلاحي كان سنة 2016، غير أننا، وإلى حدود اليوم، أي أننا في 2025، ولم تخرج نتائج هذا الإحصاء بعد، وهو ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام.
وارتباطا بهذا العنصر، فإن الأرقام المتداولة في القطاع الفلاحي بشكل عام هي أرقام تقريبية، لغياب معطيات رسمية حول القطاع، نعرف من خلالها تفاصيله.
الأمر الثاني، يجب إحداث مرصد وطني مستقبل لجميع المعطيات والإحصاءات الفلاحية. كما يجب ثالثا فتح حوار وطني حول النموذج التنموي الفلاحي، بشقيه، أي الإنتاج النباتي والفلاحي، لأنه ظهر أن النموذج المعتمد منذ سنة 2008 بعيد عن النموذج الاستهلاكي الوطني.
والأمر الرابع، لابد من تنظيم مناظرات وطنية وجهوية لمناقشة السياسة العمومية في القطاع، وأي نموذج صالح لبلادنا في ظل ظروف الجفاف الهيكلي.
خامسا، ضرورة العمل على ترسيخ نظام مستقل لتتبع وتقييم السياسة الفلاحية، وليس الاكتفاء بالتقييم الداخلي الذي تجريه الوزارة.
والأمر السادس، إحداث ميكانيزمات للمراقبة ولمعالجة الاختلالات في وقتها، ومراجعتها في الوقت المناسب، لأن كل تأخير يؤدي ثمنه الفلاح ومربي الماشية والمواطن أيضا.