حيكر: منع الجمعيات من التبليغ عن “الفساد” يتعارض مع الدستور والخطابات الملكية والاتفاقيات الدولية

انتقد عبد الصمد حيكر، نائب رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، سعي السيد وزير العدل عبد اللطيف وهبي إلى التضييق على المجتمع المدني ودوره في التبليغ عن كل ما يتعلق بجرائم الفساد وتبديد أو المس بالمال العام.
وذكر حيكر في تصريح لـ pjd.ma، أن وزير العدل تحدث خلال مناقشة تعديلات المسطرة الجنائية عن ممارسات جمعيات وأشخاص يستغلون إمكانية إيداع شكايات لدى الجهات المختصة في حق أشخاص لممارسة التشهير والابتزاز في حقهم.
ونبه نائب رئيس المجموعة النيابية إلى أن تبرير الوزير للمنع، لا يقف كسبب مقبول أو منطقي لحرمان الجمعيات من القيام بدورها في التصدي لجرائم الفساد والانحراف في التصرف في المال العام، مشددا أن المقاربة الصحيحة تكمن في معالجة المظاهر السلبية المتحدث عنها حال وجودها، أي الابتزاز والتشهير.
وذكر حيكر أن هذا المنع الذي يتبناه وزير العدل، يتعارض مع الدستور، ومع الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد التي صادق عليها المغرب، وكذا مع خطابات جلالة الملك التي أكد في عدد منها على ان محاربة الفساد هي مسؤولية الدولة والمجتمع على حد سواء.
واعتبر المتحدث ذاته، أن أقل ما يمكن أن يقوم به المجتمع في مجال محاربة الفساد هو التبليغ في حين سلطة المتابعة تبقى حقا محفوظا للسلطة القضائية والجهات المختصة قانونا.
من جانب آخر، قال حيكر إن دستور 2011 جاء بجملة مستجدات، ومنها أنه جعل النظام الدستوري المغربي يقوم على مجموعة من المرتكزات منها الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، وجاء في فصول أخرى ليتكلم عن محاربة تضارب وتنازع المصالح وغيرها من قضايا الفساد.
واسترسل، كما أن الدستور كرس مفهوما جديدا وهو الديمقراطية التشاركية، وأعطى للمجتمع المدني أدوارا جديدة، بل إن الدستور عمل – من خلال الفصل 12- على التأسيس لنوع جديد من الجمعيات وهي تلك التي تهتم بالشأن العام، ومعلوم أن الاهتمام بكل ما يتعلق باستعمال المال العام والتصرف فيه؛ وما يمكن أن يشوبه من زيغ أو انحراف؛ هو من صميم الاهتمام بالشأن العام؛ وأن أبسط الحقوق التي تترتب عن ذلك هو التبليغ عن كل ما يمكن أن يشكل مساسا غير مشروع بالمال العام؛ وبالتالي تأكيد دورها في محاربة الفساد الذي يكتسي خطورة اقتصادية واجتماعية وأمنية وليس أخلاقية فقط.
وأردف، بل إن القانون يتكلم عن وجوب التبليغ عن كل ما يمس بالأمن العام أو ما يتعلق بالاعتداء على حياة الأشخاص وأموالهم، فكيف يكون المواطن أمام واجب التبليغ عن الجرائم المتعلقة بالاعتداء على أموال شخص معين، تحت طائلة المتابعة الجنائي؛ وفي الوقت نفسه نمنعه من التبليغ عن أي مساس غير مشروع بالمال العام الذي هو مال المجتمع.
ونبه حيكر إلى أن الجمعيات المعنية بحماية المال العام وبمحاربة الفساد أو التي تريد التبليغ عن الفساد، لا توجه أي اتهام، بل إن دورها ينحصر في تقديم الشكايات لجهة مختصة قضائية؛ مشفوعة بالأدلة ومبررات الشكاية، وبعدها تقوم النيابية العامة بفحص الملف أو الشكاية وتمحيص ما يتضمنه الملف المرتبط بها من معطيات وأدلة.
وأردف المتحدث ذاته، ويبقى للنيابة العامة أن تقرر ما يبدو لها بعد ذلك في مصير الشكاية عقب الفحص والدراسة، إن كانت تتوفر فيها عناصر الجدية، يمكن فتح المتابعة في حق المعنيين، مبرزا أنها، وكأي شكاية أخرى، قد تثبت التهم الموجهة للمشتكى به كما يمكن أن تثبت براءته، فهذا الأمر هو من صميم سلطة القضاء وليس الجمعيات أو جهات التبليغ.
وأوضح حيكر أن الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد، التي صادق عليها المغرب والتزم بها؛ تنص صراحة على تعزيز الحق في التبليغ، وكذا على تنويع وتوسيع قاعدة المبلغين، وضمان حمايتهم، سواء كأفراد أو هيئات المجتمع المدني أو غيرهما.
وأردف، بل إن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أكدا نفس الرأي، أي أنه دعوا معاً الى عدم التضييق على جمعيات المجتمع المدني في التبليغ، خاصة وأنه، رغم المؤاخذات التي يتكلم عنها وزير العدل، أثبت الواقع أن جزءا كبيرا من تلك الشكايات أكدت تورط المشتكى بهم في جرائم تتعلق بالفساد، وتمت متابعتهم والحكم عليهم.
وشدد حيكر أن تبرير هذا التضييق أيضا بحماية الديمقراطية والمنتخبين، ليس له أي سند أو أساس، ذلك أن هذه الحماية لا تتم أصلا إلا بالعمل المستمر من أجل محاربة الفساد، لا أن يكون المنتخب محصنا من المتابعة في مثل هذه الجرائم.
وخلص إلى أن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، تستعد لتقديم ما ينبغي من تعديلات على المسطرة الجنائية، وذلك لكي تكون الأخيرة في مستوى تطلعات الشعب المغربي، وبما ينسجم مع موقع بلادنا وما راكمته من نتائج إيجابية على الصعيد الدولي.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.