بلاغ: البيجيدي يعتبر عمليات الهدم والترحيل التي تشهدها الرباط لا سند قانوني لها ويعلن تضامنه مع الساكنة

على إثر عمليات الهدم والترحيل التي شهدتها أحياء بمدينة الرباط، عقدت الكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية اجتماعا مشتركا مع مستشاري الحزب بالجماعة وخبراء في التعمير والتخطيط الحضري، يوم الإثنين 10 مارس، توج بإصدار بلاغ تم التعبير فيه عن تحفظات الحزب من العملية، حيث سجل مجموعة من الخروقات القانونية والتدبيرية والانتهاكات الاجتماعية بحق ساكنة تلك الأحياء، كما أكد على غياب السند القانوني والوثائق الرسمية والمسطرة المتبعة لمباشرة الهدم والترحيل، ذلك أن عمليات الهدم تجري دون تسليم السكان أي قرار إداري مكتوب أو وثيقة قانونية تشرح أسباب الهدم أو تفاصيل المشروع. بدلاً من ذلك، تعتمد السلطات المحلية على “أوامر شفوية” دون إبراز أي مرجعية قانونية، كما لم يتم القيام بإعلان علني لأي مشروع عن نزع الملكية من أجل المنفعة العامة أو استشارة السكان قبل بدء هذه الإجراءات، وهو ما يُناقض الفصل 35 من الدستور الذي ينص على حماية الملكية الخاصة.
ونظرا لأهمية البلاغ نورد نصه كاملا:

بيان إلى الرأي العام

حول عمليات الهدم والترحيل لساكنة بعض أحياء العاصمة
شهدت مدينة الرباط موجة من عمليات الهدم والترحيل في عدة أحياء، مما أثار جدلًا واسعًا واحتجاجات متصاعدة، بعد أن أقدمت السلطات المحلية على مباشرة عمليات هدم مفاجئة وذلك عشية وخلال شهر رمضان الفضيل، شملت مناطق مثل حي المحيط، وسانية الغربية، ودوار العسكر، وأجبرت العديد من الأسر على الرحيل دون تقديم أية وثائق أو مرجعية قانونية ومبررات واضحة ودون توفير أية حلول اجتماعية بديلة لكل السكان المعنيين ملاكا ومكترين وحرفيين وغيرهم.
وقد خلفت هذه العمليات المثيرة للجدل  بالأحياء المذكورة  حالات ترقب وريبة واحتجاجات، وذلك في غياب أي تواصل رسمي مطمئن سواء من قبل السلطات المحلية والأغلبية المدبرة للمجلس الجماعي للرباط (خصوصا رئيسة المجلس)  والوكالة الحضرية، خاصة وأن الرأي العام المحلي ما زال  يذكر تصريحات مديرة ومسؤولي الوكالة الحضرية للرباط سلا خلال الدورة  المذكورة أو في  دورات مجالس المقاطعات، حيث أكدت فيها مرارًا أنه ” لن يكون أي هدم أو إجبار للساكنة على إخلاء مساكنها”  كما يضاف إلى ذلك تأكيدات رئيسة المجلس الجماعي  بأنه “ليس هناك أي هدم سواء في مقاطعات اليوسفية أو يعقوب المنصور أو حسان” ، وقد خلف هذا التضارب بين الأقوال والأفعال حالة من الاحتقان الاجتماعي المتصاعد لدى ساكنة الرباط وهو ما يزيد من فقدان الثقة لدى المواطنين في المؤسسات الرسمية المعينة والمنتخبة.
وبالنظر لما سبق، عقدت الكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية بالرباط، يوم الإثنين 9 رمضان 1446 الموافق لـ 10 مارس 2025، اجتماعًا مشتركا مع مستشاري الحزب بمجلس جماعة الرباط  وعدد من الخبراء في التعمير والتخطيط الحضري، بهدف استجماع المعطيات والوقوف على مستجدات هذا الملف وما عرفته هذه العملية من خرق للقوانين الجاري بها العمل، وتهميش للساكنة المعنية والمنتخبين والمجالس المنتخبة، واستحضار مجموعة من التحفظات التي أبداها منتخبو الحزب بخصوص مناطق إعادة التأهيل الحضري أو منهجية تدبير مناطق المشاريع، كما تشهد بذلك- للتذكير- المذكرة التي قدمها الحزب بدورة المجلس الجماعي  بمناسبة الدورة الاستثنائية المخصصة لمدارسة مشروع تصميم التهيئة لمدينة الرباط بتاريخ 12 دجنبر 2024 .
وقد أسفر هذا الاجتماع عن تسجيل مجموعة من الخروقات القانونية والتدبيرية والانتهاكات الاجتماعية بحق ساكنة بعض أحياء الرباط فضلا عن حالة من الترقب لدى أحياء أخرى، وبهذه المناسبة تؤكد الكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية بالرباط على ما يلي:
1. تجديد التأكيد على مواقف الحزب الداعمة للحقوق المشروعة للساكنة:
نؤكد ككتابة إقليمية أو كفريق في جماعة الرباط أو فرق منتخبيه بالمقاطعات على مواقفنا الداعمة للحقوق المشروعة لساكنة هذه الأحياء سواء كانوا ملاكا أو مكترين أو حرفيين، وهي المواقف الثابتة والتي تأسست على ما يلي:
●   تقديم اقتراحات معقولة في إطار تصميم التهيئة بما يحفظ ملكية الساكنة ويضمن حقوقها المشروعة، واعتماد المقاربة الاجتماعية في التعامل مع المعنيين، ملاكا كانوا أو مكترين أو حرفيين.
●   لم يسبق لنا أن صوتنا مطلقا على أي قرارات للهدم كما تم الترويج لذلك، علما أن ذلك ليس من اختصاصات المجالس المنتخبة.
2. تأكيد غياب السند القانوني والوثائق الرسمية والمسطرة المتبعة لمباشرة الهدم والترحيل:
إذ بحسب المعطيات المتوفرة لدينا، فإن عمليات الهدم تجري دون تسليم السكان أي قرار إداري مكتوب أو وثيقة قانونية تشرح أسباب الهدم أو تفاصيل المشروع. بدلاً من ذلك، تعتمد السلطات المحلية على “أوامر شفوية” دون إبراز أي مرجعية قانونية، كما لم يتم القيام بإعلان علني لأي مشروع عن نزع الملكية من أجل المنفعة العامة أو استشارة السكان قبل بدء هذه الإجراءات، وهو ما يُناقض الفصل 35 من الدستور الذي ينص على حماية الملكية الخاصة، كما لا يحترم القانون الذي ينظم نزع الملكية، ويُخالف ظهير الالتزامات والعقود فيما يخص ضرورة وجود عقد أو سند ملكية واضح لإثبات حقوق الأطراف.
وعليه ، ننبه  إلى الخرق الواضح لهذه العمليات للقانون 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة الذي تؤكد مقتضياته على سلك مسطرة قانونية محددة لنزع الملكية للمنفعة العامة، والتي تتضمن ” إعلان المنفعة العامة”، و ” تحديد تعويض عادل” عبر اللجنة الإدارية للتقويم ، فضلا عن “إمكانية الطعن ” أمام المحكمة الإدارية، و رغم وضوح هذه المقتضيات، لم يتم الالتزام بهذه المسطرة في الحالات الحالية، إذ لم يتم إعلان تلك الممتلكات  المعنية بالهدم أو الترحيل بقرار يعلن “المنفعة العامة” رسميًا،  على منوال ما تم التداول فيه في المجلس الجماعي من مشروع قرار يعلن ” المنفعة العامة يقضي بتخطيط  حدود الطرق العامة المعينة فيها الأراضي المراد نزع ملكيتها “.
وإذا كان تصميم التهيئة لمدينة الرباط قد صدر المرسوم بالموافقة عليه  بتاريخ 24 فبراير 2024 بالجريدة الرسمية ( عدد رقم  7381)، ففي المقابل لم تتم  مباشرة مسطرة إصدار أي مشاريع قرارات بنزع الملكية للممتلكات المعنية تنتهي بنشرها كقرارات نهائية في  الجريدة الرسمية من قبل الجهات الرسمية، فقد فوجئنا وفوجئ الرأي العام المحلي بترويج جهات مجهولة  في وسائل التواصل الاجتماعي  فيما يشبه محرر رسمي بما عنون  ب ”  مشروع قرار نزع الملكية ” بتاريخ 26 فبراير  2025  في قالب “الجريدة الرسمية ” ( وبرقم عدد غير صحيح  للجريدة  5348 )   وهو ما جعلنا نتساءل عن مصدر هذه ” الوثيقة ”  المدلسة  ومصدرها، والتي توهم المعنيين  بوجود وثيقة ما تعنى ” بنزع الملكية “وقد  ألبست زورا  لبوسا  رسميا وهو ما يعتبر تدليسا لمحررات رسمية يتطلب التحقيق والمحاسبة.
3 .   غياب أي دور للجماعة وتغييب لأي دور للمنتخبين والشفافية أكبر الضحايا:
لوحظ مع الأسف الشديد تعمد تغييب أي دور لجماعة الرباط عموما ولإشراك المنتخبين خصوصا في متابعة هذه العمليات بالمناطق المذكورة، مما يذكرنا بالمخاوف التي كانت تحوم حول شفافية بعض مضامين تصميم التهيئة لمدينة الرباط المصادق عليه مؤخرا خاصة فيما يتعلق بمناطق إعادة التأهيل الحضري أو مناطق المشاريع، وهو ما سبق أن  تحفظنا عليه، وهذا مما نعتبره حلقة أخرى في إطار تراجعات المدبرين الحاليين للمجلس الجماعي عن ممارسة اختصاصاتهم المنوطة بهم قانونا.
وكما يعلم الجميع، فإن ميزانية جماعة الرباط لسنة 2025 لا تتضمن بنودا مخصصة لتغطية تعويضات هدم ممتلكات السكان أو تكاليف مشاريع الترحيل، ولا علم للرأي العام بأي اعتمادات مالية عمومية أخرى مخصصة لهذا الغرض ومضمنة في وثائق عمومية رسمي، مما يجعل الرأي العام المحلي بالعاصمة يتساءل حول مصدر التمويل المخصص  للتعويض  عن هذه الممتلكات المعنية بهذه العملية، والتي يجب أن تؤول بشكل طبيعي  للملك الجماعي العام ، مادام أنها  تدخل في إطار “نزع الملكية من أجل المنفعة العامة”، وهو ما فتح الباب لتناسل شكوك  يتم الترويج لها بقوة حول وجود “صفقات خفية”  مع مستثمرين عقاريين خواص غير معلنين، في ظل تغيب المنتخبين ومجلس الجماعة وأمام الصمت المطبق من قبل الجهات المعنية.
وهو ما يطرح السؤال عن مآل هذه العقارات وعن مصدر التقييمات والتعويضات المُتداولة ميدانيا وإعلاميا ومدى إلزاميتها وعدالتها، حيث تتراوح تلك التعويضات بمعدل 13 ألف درهم/م²  للملك المحفظ  و  10 آلاف  درهم/م²  للملك غير  المحفظ ، مقارنة مع الأسعار  المتداولة في السوق العقاري الحالي بالرباط  والتي تتجاوز ذلك بكثير بالنسبة  ل /م² في بعض تلك  الأحياء المعنية بالعاصمة.
4.    تجديد تضامننا مع الساكنة المعنية بعمليات نزع الملكية المثيرة للجدل بمختلف أحياء العاصمة:
أمام تعداد الخروقات السالفة والتدبير الأحادي الجانب لعمليات هدم وترحيل ساكنة بعض أحياء العاصمة، فإننا نجدد تضامننا الكامل مع الساكنة من الاستهداف المباشر الذي تعاني منه في ممتلكاتها الخاصة وحقوقها الإنسانية البسيطة فضلا عن رفضنا واستنكارنا لعمليات الضغط والإجبار بحقها التي ما فتئت  تصرح  به  لمختلف وسائل الإعلام ، ومن ذلك:
–         عدم مد المعنيين بقرارات كتابية تهم مصير ممتلكاتهم وتفتح لهم المجال للجوء إلى المساطر القانونية والقضائية المتاحة والاكتفاء ب ” أوامر ” شفوية ؛
–         منح مهل قصيرة جدًا للإخلاء (أسبوع واحد فقط في بعض الحالات)، في حين أن القانون يمنح مهلة 30 يومًا كحد أدنى، وهذا يُعد انتهاكًا صارخًا لحقوق السكان؛
–         إستخدام لغة التهديد من قبل “وسطاء”، مثل: “سيتم اللجوء إلى وسائل أخرى إذا رفضتم البيع” (حسب رواية السكان)، وهذا يُعد ترهيبًا غير مقبول، وندعو لفتح تحقيق حوله؛
–         التلويح حسب بعض الروايات بقطع الخدمات الأساسية (الماء والكهرباء) عن بعض المنازل لإجبار السكان على المغادرة، وهو إجراء تعسفي وغير إنساني ومخالف للدستور؛
–         عدم مراعاة حرمة الشهر الفضيل، نظرا لتزامن بدء عمليات الهدم خلال شهر رمضان المبارك، مما يزيد من معاناة السكان؛
–         عدم مراعاة فترة الدراسة ودفعهم الأطفال إلى مغادرة مدارسهم والبحث عن مدارس أخرى، مما سيرفع من نسب الهدر المدرسي وسط ابناء هذه الساكنة.
5 .     تجديد دعمنا لمطالب السكان العادلة ودعوة الجهات المعنية لحلول اجتماعية منصفة:
بعد تسجيلنا لمجمل هذه الخروقات القانونية والتدبيرية السالفة الذكر لهذا الملف المثير للجدل ووقوفنا على المعاناة المؤسفة لساكنة هذه الأحياء المعنية بعمليات الهدم والترحيل، فإن الكتابة الإقليمية للحزب وفريق المستشارين يعلنان دعمهما القوي للمطالب العاجلة للساكنة المعنية بالضرر ويطالبون بما يلي:
1.      التسريع بتوضيح الإطار القانوني للعمليات الجارية من أجل ضمان احترام حقوق الساكنة سواء أكانوا  ملاكا أو مكترين  قبل استئناف   هذه العمليات؛
2.      اعتماد الشفافية اللازمة وتحديد رسمي علني لمصير الأراضي من عملية نزع الملكية أو عملية «الاقتناء ” وعن الجهة المستفيدة من عملية الهدم أو الترحيل التي ستؤول إليه بعد سواء أكان ملكا عموميا أو  ملكا جماعيا عاما؛
3.      ضمان تعويض عادل ومنصف للملاك المتضررين، بما يتناسب مع أسعار السوق الحالية وعدم تبخيس ممتلكاتهم؛
4.      توفير حلول بديلة لائقة   بالنسبة لباقي المتضررين من مكترين وحرفيين وتعويضهم عن الأضرار التي ستلحقهم؛
5.      استرجاع مؤسسة الجماعة والمنتخبين لأدوارهم القانونية في تدبير وتنزيل تصميم التهيئة لمدينة الرباط الذي صودق عليه ، والحرص على أن يؤول مصير الممتلكات الخاصة التي سيتم نزعها بهدف ” المنفعة العامة  ” إلى  الملك الجماعي العام ، ليتم التقرير  والتداول العلني في مصيرها مستقبلا ؛
6.      إشراك السكان وعموم المنتخبين في أي مشروع تنموي يُزمع تنفيذه في تلك المناطق؛
7.      الحفاظ على التراث المعماري والهوية الثقافية للأحياء العريقة بالعاصمة وخاصة حي سانية الغربية، وعدم تعميم تصنيف كل البنايات كأنها آيلة للسقوط ونفي أي قيمة معمارية للعديد منها (“رياضات تقليدية”) سعيا لتبرير   عمليات هدم بعضها؛
8.      تبديد مخاوف ساكنة الرباط عموما وخاصة مناطق إعادة التجديد الحضري بالعاصمة وطمأنتها على حقوقها الأساسية وممتلكاتها الخاصة عبر الحرص على سلك المساطر القانونية الجاري وكذا اعتماد استراتيجية تواصلية شفافة من قبل مسؤولي الجماعة وباقي المتدخلين العموميين لمنع أي انعكاسات اجتماعية وحقوقية خطيرة غير محمودة مستقبلا.
9.      المطالبة بتوضيح رسمي، وعند الاقتضاء فتح تحقيق رسمي من قبل الجهات المختصة، يبحث عن مصدر ما سوق له أنه ” منشور رسمي”   باسم “  مشروع قرار نزع الملكية ” بتاريخ 26 فبراير 2025  وبرقم  مغلوط للجريدة الرسمية  ( عدد 5348 ).مشكوك في مراجعه وتوثيقه .
وختاما، فإننا في حزب العدالة والتنمية نجدد تأكيدنا على  تضامننا مع الساكنة المتضررة  ومطالبها المشروعة في السكن اللائق واستقرارها الاجتماعي، ونجدد تأكيدنا على مواقفنا الثابتة الداعية لمواصلة الرقي بمدينة الرباط إلى مصاف التجمعات الحضرية العالمية عبر تحسين وصيانة النسيج العمراني والارتقاء بجمالية الأحياء  وتأمين السكن اللائق لجميع الفئات الاجتماعية والتأكيد على التمازج الاجتماعي والعدالة العقارية والمجالية لمختلف الأحياء، عبر  تنزيل تصميم التهيئة لمدينة الرباط  باعتماد  مبادئ الشفافية والوضوح وفي احترام تام للمساطر والإجراءات القانونية والحفاظ على الحقوق الدستورية والإشراك الفعلي للمجالس وكافة المنتخبين وجمعيات المجتمع المدني.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.