من خلال مسيرتي عبد الله إبراهيم والأستاذ ابن كيران… شبيبة “مصباح” كلميم وادنون تتأمل في التاريخ السياسي المغربي المعاصر

ضمن فعاليات الجامعة التربوية الخامسة التي نظمتها شبيبة العدالة والتنمية بجهة كلميم وادنون، انعقدت جلسة نقاشية بتغجيجت نواحي كلميم، حول “التاريخ السياسي للمغرب المعاصر: قراءة في تجربتي عبد الله إبراهيم وعبد الإله ابن كيران”، بتأطير عبد الهادي بوصبيع، الكاتب الإقليمي للحزب بطانطان، ومصطفى بندرويش، عضو الشبيبة.
وسلطت الجلسة، الثلاثاء 18 مارس 2025، الضوء على مرحلتين بارزتين في مسار الحياة السياسية المغربية، حيث تجمع الحضور لاستعراض تجارب هاتين الشخصيتين اللتين تركتا بصمات واضحة في تاريخ البلاد، إذ يمثلان نموذجين متمايزين للتعامل مع التحديات الوطنية في سياقات زمنية مختلفة.
انطلق النقاش بالعودة إلى تجربة عبد الله إبراهيم، السياسي الوطني الذي قاد الحكومة في مرحلة ما بعد الاستقلال بين 1958 و1960، حيث أكد عبد الهادي بوصبيع أن إبراهيم كان رمزًا للطموح الوطني في بناء دولة حديثة مستقلة، لكنه اصطدم بتعقيدات المرحلة الانتقالية وصراعات النفوذ السياسي.
وأردف، فقد سعى إبراهيم، بفكره التقدمي وانتمائه لحزب الاستقلال، إلى تعزيز السيادة الوطنية وإرساء إصلاحات اقتصادية واجتماعية، لكن مساره قُوّض بسبب الخلافات الداخلية وتدخلات “الدولة العميقة” وفق تعبيره، مما أدى إلى إنهاء تجربته الحكومية مبكرًا.
ورأى بوصبيع أن هذه التجربة تعكس صعوبة تحقيق التوازن بين المثالية السياسية والواقعية في ظل نظام سياسي هش لم يستكمل بعد بناء مؤسساته.
في المقابل، تناول مصطفى بندرويش تجربة الأستاذ عبد الإله ابن كيران، الذي تولى رئاسة الحكومة بين 2011 و2017 في سياق الربيع العربي، مشيرًا إلى أن قيادته لحزب العدالة والتنمية جاءت كاستجابة لتطلعات الشعب المغربي نحو التغيير والإصلاح.
وأوضحت أن فترة الأستاذ ابن كيران تميزت بمحاولة الجمع بين المرجعية الإسلامية والعمل السياسي “البراغماتي”، حيث قاد إصلاحات اقتصادية كتقليص الدعم عن المحروقات، لكنه واجه تحديات كبيرة كالاحتجاجات الاجتماعية وصراعات الأغلبية الحكومية.
وأبرز بندرويش أن الأستاذ ابن كيران، بشخصيته الكاريزمية وخطابه الشعبي، نجح في تعبئة قاعدة شعبية واسعة، لكنه لم يتمكن من استكمال مشروعه بسبب تعثر المشاورات الحكومية عام 2017 نتيجة “البلوكاج”، مما أدى إلى إعفائه من منصبه.
وركز المؤطران على الفروقات بين التجربتين، حيث شهدت مرحلة إبراهيم تحديات بناء الدولة في ظل غياب الاستقرار السياسي، بينما جاءت تجربة الأستاذ ابن كيران في سياق ديمقراطي نسبي، لكن مع تعقيدات النظام السياسي المغربي. وأشارا إلى أن كلا الرجلين حاولا التوفيق بين المبادئ والواقع، لكنهما اصطدما بحدود السلطة وتداخل المصالح.
وتفاعل الحضور مع النقاش، معربين عن أهمية استخلاص الدروس من هاتين التجربتين لفهم ديناميات الحقل السياسي وتعزيز دور الشباب في صياغة مستقبل البلاد.
واختتم اللقاء بدعوة إلى تعميق التفكير النقدي في التاريخ السياسي المعاصر، مع التأكيد على أن الجامعة التربوية تمثل فضاءً لتأهيل الأجيال الجديدة لمواجهة التحديات الوطنية برؤية واعية ومسؤولة، لتكون السياسة أداة لخدمة الشعب وليس مجرد ساحة للتنافس على السلطة.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.