الصعود إلى الهاوية.. صحافيون ونشطاء يكشفون “عوار” مروجي السردية الإسرائيلية وشيطنة المقاومة

انتقد سياسيون وإعلاميون وفاعلون، بعض الأصوات المغربية الشاذة، الموالية للكيان الإسرائيلي، والحاملة للسردية الصهيونية، ضدا على كل المبادئ والأخلاق والقيم الدينية والإنسانية، وضدا على كل الأعراف والقوانين الدولية كذلك، والتي تدعم حق الشعوب المحتلة في مقاومة محلتها واستعادة حريتها.
ومن هؤلاء إدريس لشكر، الكاتب الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والذي اتهم خلال لقاء إعلامي مساء الأربعاء 26 مارس 2025، وبوضوح وبشكل مباشر، المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وحملها مسؤولية ما يجري من فظائع في القطاع.
وفي هذا الصدد، قال الكاتب الصحفي يونس مسكين، إن أكثر ما يثير الغضب في بعض الخطابات التي تتلبّس الحياد أو النقد السياسي الرزين، هو هذا الميل الفجّ إلى مساواة المقاومة بالجريمة، ووضع رد الفعل في كفة الفعل ذاته، كما لو أن المتمرّد على الذبح يساوي الذباح في الإثم.
واعتبر مسكين في كلمة موقع “صوت المغرب”، الخميس، إن توجيه اللوم إلى المقاومة اليوم، هو كمن يوبّخ صاحب البيت لأنه قاوم اللصوص، ويحمله مسؤولية قتل أطفاله، لأن مقاومته أزعجت المعتدين ودعتهم للفتك بأسرته. إنه منطق مقلوب، لا يستقيم أخلاقيا، بل يبرّر الجريمة تحت غطاء الحياد.
وشدد الكاتب أن “هذه الخرجة هي فعل سياسي غير بريء، يحمل في طياته أكثر مما يقول، ويخفي خلف سطوره ما هو أخطر من التبرير: التطبيع مع المنطق الإسرائيلي”.
وأضاف، هو تصريح يتوافق مع سردية خبيثة تُبنى على قلب الحقائق، وعلى تكتيك خبيث: بدل مواجهة الاحتلال، يتم تحويل النقاش إلى الداخل الفلسطيني، ليبدو الأمر كما لو أن الفلسطيني هو عدوّ نفسه.
وخلص إلى أن الأخطر من كل ذلك أن يتحوّل نقد المقاومة إلى غطاء أخلاقي لخطاب العدو، بل إلى شريك موضوعي في الرواية الصهيونية، حين يُسوَّق على أنه “رأي تقدمي” أو “وجهة نظر حداثية”، وهذا ما يفعله، بوعي أو بدون وعي، الخطاب الذي خرج إدريس لشكر ليروّج له، حين يضع المقاومة في قفص الاتهام، ويُعفي الاحتلال من مسؤوليته الأصلية، ويخلق مناخا يوحي بأن المأساة الفلسطينية نتاج قرارات فلسطينية، لا نتيجة منظومة استعمار إحلالي استمرت عقودا طويلة.
من جانبها، انتقدت الأستاذة الجامعية والناشطة الحقوقية لطيفة البوحسيني، الخرجات التي تدعي التباكي على أهل غزة، وهي في الحقيقة خرجت للتنكيل بالمقاومة، ويحملها مسؤولية الإبادة والدمار الذي يتعرض له الناس بشكل همجي من طرف كيان غاصب، كيان الاحتلال الاستيطاني المدجج بدعم قوى الاستكبار والعجرفة التي تسعى لفرض قوتها ومنطقها وشعبويتها وسخريتها من مصير الإنسانية جمعاء.
وأضافت البوحسيني في مقال نشرته عبر حسابها على فيسبوك، “خرجوا للهجوم على المقاومة وتحميلها المسؤولية والتغاضي عن السبب الذي جعل أهل غزة ينتظمون في مقاومة مسلحة مشروعة لرفع الحصار وإيقاف الاستيطان واستعادة حقهم في الكرامة والعيش العادي ككل الناس”.
واسترسلت، هؤلاء بكل بجاحة ووقاحة وصلافة وصفاقة يؤاخذون المقاومة على حمل السلاح ولسان حالهم يجنح، بدعوى اختلال ميزان القوة، بتفضيل التفاوض والحل السياسي، وكأن الحل السياسي التفاوضي الذي اختاره ياسر عرفات أدى إلى نتيجة سياسية حقيقية.
وخلصت مخاطبة هؤلاء: “شئتم أم أبيتم، نجحت المقاومة في إعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة.. كما نجحت في فضح أنظمة “العالم الحر” الذي انكشفت تناقضاته.. وفي إخراج أجمل ما في العالم من الأصوات الحرة التي ما انفكت تتظاهر في مسيرات ضخمة دعما للشعب الفلسطيني وإدانة للكيان..”.
وأردفت: “ونجحت المقاومة في كشف العجز المستشري في شعوب المنطقة بسبب أنظمة حوّلتها إلى مادة مستهلكة ومادة للاستهلاك، ونجحت المقاومة في أن تقترح وأن تُشكل مثالا مُلهما للأجيال القادمة التي ستجد أمامها القدوة في خيرة الشباب الذين رفضوا الذل والخضوع والمهانة”.
بدوره، انتقد الناشط جلال اعويطة، تصريحات لشكر، قائلا: اشتراكية آخر الزمان.. حين تتحوّل لغة اليسار من نصرة المقهور إلى لومه، ومن الوقوف مع الضحية إلى جلدها، ومن فضح الاستعمار إلى ترديد خطابه”.
واعتبر اعويطة في تدوينة نشرها عبر حسابه على فيسبوك، أن “خطاب لشكر لا يُمثّل سقطة عابرة، بل يُعبّر عن تقاطعٍ عميق بين الاشتراكية المنحرفة والصهيونية المعاصرة: كلاهما يروّج لمعادلة خبيثة تُساوي بين الفعل ورد الفعل، بين المحتل والمقاوِم، بين القاتل ومن يُقاوِمه، وكلاهما يعتبر أن صراخ الضحية إزعاج، وأن المقاومة عبء على حساب الاستقرار”.
وخلص إلى أن “النكسة الخطيرة” التي يجب أن يعرفها لشكر، ليست فيما يحدث اليوم في غزة، بل ما حدث في وعي من يُفترض أنهم أبناء أحزاب ناضلت ذات يوم ضد الاستعمار.. السقوط الحقيقي ليس في غزة، بل في المكتب الذي تم فيه الحوار مع لشكر، حيث تحوّل من يفترض أنهم مناضلون إلى أدوات خطابية في خدمة رواية المحتل الظالم، ولو من حيث لا يشعرون.

شاهد أيضا
شارك برأيك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.