وجّه العربي الزكدوني، المهندس الخبير والمستشار في الاقتصاد الزراعي والتنمية القروية، انتقادات لاذعة لـ”مخطط المغرب الأخضر”، معتبراً أنه عرف اختلالات عميقة منذ انطلاقه، وتجاهلا كلياً للمعطيات البنيوية التي تهم الوضع الفلاحي والموارد الطبيعية للبلاد.
وأكد الزكدوني في مداخلة خلال ندوة نظمتها جمعية مهندسي العدالة والتنمية، اليوم السبت 12 أبريل الجاري، حول “الأمن الغذائي بين مخططي المغرب الأخضر وأليوتيس” بالرباط، أن المخطط الأخضر لم يأخذ بعين الاعتبار التوجيهات الملكية التي وُضعت منذ ستينيات القرن الماضي، كما أنه لم يراعِ الوضعية الحرجة للموارد المائية في المغرب، قائلاً: “المخطط اختار تكثيف الإنتاج الفلاحي اعتماداً على المياه الجوفية، وكأن المغرب بلد في مأمن مائي، في حين أن الحقيقة معاكسة تماماً.”
وفي سياق متصل، نبه الخبير في الاقتصاد الزراعي إلى خطورة التوسع في زراعة نخيل “تمور المجهول” بمنطقة بودنيب على الأراضي السلالية، واصفاً هذه العملية بـ”استنزاف ممنهج للفرشة المائية بدعم من الدولة”.
وأضاف أن “ما يحدث هناك هو تجفيف لرصيد وطني يشكل جزءاً من الهوية المغربية، مقابل دعم فاضح لأشجار مثمرة لا تناسب طبيعة المنطقة”، موضحا أن المخطط الأخضر لم يراعِ تقارير دولية عدة نبهت إلى خطورة التغيرات المناخية.
وبخصوص القطاع الحيواني، كشف الزكدوني عن معطيات صادمة قائلاً: “اليوم، معظم منتجات اللحوم البيضاء والحليب واللحوم الحمراء تعتمد كلياً على مدخلات مستوردة من الخارج، بل إن 6 ملايين قنطار من القمح تُستعمل كأعلاف بدل توجيهها للاستهلاك البشري.”
وأكد أن تراجع القطيع الوطني ليس وليد اللحظة، بل نتيجة تراكمات بدأت منذ سنوات، بسبب انهيار النظام الرعوي التقليدي، واتساع رقعة الملكية الخاصة وتقلص المساحات المخصصة للحبوب في إطار سياسات المخطط الأخضر، مشدداً على وجود علاقة عضوية بين إنتاج الحبوب وتربية الماشية.
وفي ختام حديثه، طالب الزكدوني بضرورة التوفر على أنظمة مستقلة ومتخصصة لتقييم السياسات الفلاحية، قائلاً: “ما دمنا لا نتوفر على أجهزة تقييم مستقلة، فسنظل ندور في حلقة مفرغة دون مساءلة حقيقية لنتائج المخططات التي تؤثر في مصير الأمن الغذائي المغربي.”
رابط المشاركة :
شاهد أيضا